السعودية تطلق 14 قمراً صناعياً في مختلف التخصصات

20 مايو 2015
قمر صناعي سعودي قيد الإنجاز (فرانس برس)
+ الخط -
تسابق المملكة العربية السعودية الزمن من أجل مواكبة التطور الحاصل في الاستثمار بالفضاء، ووضع قدم لها في عالم الغد، الذي يعتمد بشكل أساسي على تقنيات مغايرة للمتعارف عليه حالياً في الاتصالات والبث الفضائي والأبحاث المتطورة. ولا يتوقف هذا المنحى عند حدود التطوير التكنولوجي وتعزيز القدرات التقنية للمملكة، بل إن التحدي الأساسي، الذي يضعه القائمون على هذا الاستثمار، هو إدخاله ضمن أدوات تنويع مصادر الدخل.

ورصدت المملكة نهاية أبريل/نيسان الماضي نحو 2.44 مليار ريال سعودي (حوالى 650 مليون دولار) لتصنيع وإطلاق وتشغيل قمرين صناعيين جديدين، لتلبية حاجاتها من خدمات النطاق العريض والبث الفضائي وخدمات الاتصالات على أن يدخل القمران الخدمة بحلول منتصف عام 2018.


كما تملك المملكة نصيب الأسد من منظمة الاتصالات الفضائية العربية، "عربسات"، بحصة تقدر بـ36.7%، بينما تمتلك الدول الأخرى المشاركة، وعددها 20 دولة عربية، 73.3%، ويقدر حجم استثمارات "عربسات" التي تمتلك 5 أقمار صناعية، بالإضافة إلى قمر سادس يدخل الخدمة في 2016، بنحو 3 مليارات دولار. وبلغت ايرادات "عربسات" خلال العام المنصرم 360 مليون دولار، بأرباح تخطت الـ162 مليون دولار عبر بث أكثر من 500 قناة تلفزيونية و200 محطة راديو تغطي 80 دولة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا.

برامج فضائية متعددة
يشرح رئيس اللجنة العلمية في الجمعية السعودية لعلوم الطيران والفضاء، علي معوض الباهي، أن المملكة تسعى عبر دعم من قياداتها إلى الولوج إلى الفضاء بقوّة وثبات، وذلك عبر العديد من البرامج التي تعنى بالفضاء، ومنها البرنامج الوطني للأقمار الصناعية، الذي تشرف عليه مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية. وقد أطلق حتى الآن 13 قمراً صناعياً في مختلف المجالات والتخصصات، بالإضافة إلى قمر "سعودي سات أربعة"، وهو الأول من الجيل الجديد، وتم إطلاقه قبل نحو عام من روسيا.

يضيف الباهي: "تهدف المملكة في هذا الصدد إلى توطين هذه التكنولوجيا ونقل تقنياتها إلى الداخل، آخذة في الاعتبار تطوير القدرات الوطنية في ما يتعلق بتصميم وتطوير وتشغيل الأقمار الصناعية، وتأسيس البنى التحتية اللازمة لتحقيق ذلك، تمهيداً لتمكين المملكة من تحقيق الاكتفاء الذاتي والمنافسة عالمياً في هذا المجال".


يتابع: "خلال سنوات عمل البرنامج تحققت أهداف تطوير وتصنيع وإطلاق وتشغيل الأقمار الصناعية الصغيرة، منخفضة المدار، المستخدمة في الاتصالات وتطبيقاتها في المملكة، وكذلك محطات التحكم والاتصال الأرضية الثابتة والمتنقلة، بالإضافة إلى العمل على تطوير وتشغيل أنظمة أقمار الاستشعار عن بعد منخفضة المدار وتطبيقاتها، وكذلك أنظمة التحكم والاتصال الأرضية الخاصة بها".

تطوير البنية الأساسية
في السياق ذاته، يقول أستاذ علوم الفضاء، الدكتور غازي الغامدي، لـ "العربي الجديد": "ضخ المملكة المزيد من الاستثمارات في قطاع الفضاء لم يكن من قبيل الرفاهية، أو الترف، وإنما هو مبني على رؤية مستقبلية تدرك جيداً أهمية الفضاء الخارجي بالنسبة للإنسان، فالمناخ والطقس يتم التعامل معهما من خلال الصور التي تلتقطها الأقمار الصناعية، وكذلك يمكن الاعتماد على بعض التقنيات في المحافظة على الأمن الوطني والإقليمي من خلال أقمار ذات طبيعة خاصة تعنى بالرصد والمتابعة والمراقبة".

يضيف الغامدي: "كما أن الحوسبة السحابية، التي تتيح للإنسان التعامل مع جهاز الكمبيوتر عبر الفضاء، تحتاج أيضاً إلى التقدم في علوم الفضاء، وسوف توفر في المستقبل ملايين الفرص للتقارب بين البشر والاستفادة من العالم الافتراضي في تخزين المعلومات وتبادل الصور وغيرها. وكلها أمور تدرك المملكة أهميتها، ولذلك أنشأت البنية الأساسية اللازمة لهذه العلوم ومراكز الأبحاث والتطبيقات وكذلك المحاكاة، واختبار الأجزاء المصنعة من الأقمار الصناعية محلياً قبل إطلاقها في الفضاء، مما يسمح بفرص نجاح أكبر، وتدارك للأخطاء بشكل مبكر".

ويختم بالقول: "سوف تكون الاستثمارات في الفضاء قريباً إحدى أدوات تنويع مصادر الدخل الوطني، لِمَا لها من مردود إيجابي يتمثل في الأرباح، التي يمكن جنيها من الأقمار الصناعية، أو تلك المبالغ التي يتم توفيرها عبر الاكتفاء الذاتي في هذا الصدد، وتصدير الفائض إلى دول أقل خبرة في هذا المجال الحيوي".


أمّا أستاذ المناهج وطرق التدريس، عبد الهادي الجوهري، فيقول لـ"العربي الجديد": إن اتجاه المملكة نحو علوم الفضاء تواكبه محاولات جادة لتعزيز هذه الثقافة في نفوس الطلاب الموهوبين منذ مراحلهم التعليمية المبكرة، حيث تستضيف مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في الصيف عدداً من الطلاب ليعيشوا أجواء عالم الفضاء، ويشاركوا بصورة عملية في استقبال الصور الواردة من الأقمار الصناعية وتحويلها لثلاثية الأبعاد، تمهيداً للاستفادة منها.

كما يطّلع الطلاب على طرق تصنيع الأجزاء المكونة للقمر الصناعي، والملابس التي يرتديها رواد الفضاء، ويتابعون عن كثب عمل هذه الأقمار في مدارها، مما يخلق في نفوسهم حبّاً لهذا العلم وتعلقاً بالبحث والدراسة فيه، وهذا بدوره يخلق جيلاً يواكب تطورات التكنولوجيا بطريقة محبّبة للقلوب، وفي الوقت نفسه تلبّي حاجات سوق العمل.

ويوضح أن تعزيز ثقافة الفضاء وعلوم الطيران يجب أن يبدأ من المناهج التعليمية، التي تعطي مقدمات مختصرة عن أهمية هذه العلوم وفائدتها للمجتمع والبشرية بشكل عام.

ويختم بالقول: "سبقنا إلى هذا المجال كثيرون، لكننا بدأنا، ومصممون على أن نلحق بهم، فلم يعد الأمر مجرد نظريات افتراضية بل أصبح الآن واقعاً معاشاً، وهناك حكومات أعلنت لمواطنيها ومستثمريها عن فتح باب الحجز لمشروعات تقام على سطح القمر وفي الفضاء. وإن كان هذا يبدو غريباً الآن، إلا أننا لا نريد أن نفاجأ يوماً ما بأنه ليس لنا مكان في العالم الجديد بتقنياته وأدواته واستثماراته".

إقرأ أيضا: مصر تتجه شرقاً لتطوير إمكاناتها التقنية الفضائية 
المساهمون