"وول ستريت": السعودية تراجعت عن تحركات حساسة بسبب فشلها الاقتصادي

12 سبتمبر 2017
رؤية 2030 لم تنجح في تحقيق أهدافها (Getty)
+ الخط -
كشف صحيفة "وول ستريت جورنال"، يوم الأحد الماضي، أن "الحكومة السعودية تراجعت عن بعض التحركات الحساسة سياسياً" في الأشهر القليلة الماضية، بسبب فشلها اقتصادياً؛ وفيما لم تحدّد الصحيفة ماهية هذه التحركات السياسية، أشارت إلى أن المملكة اعتمدت سياسة تقشفية، منها خفض مزايا الموظفين الحكوميين، لعدم قدرتها على الإيفاء بخطتها الاقتصادية التي روجت لها منذ عام.
وتسعى السعودية، بحسب التقرير الذي حمل عنوان "التزام السعوديين بالتغيير الاقتصادي رغم التحديات"، إلى طمأنة المواطنين والمستثمرين المحتملين بالتزامها بتجديد اقتصاد البلاد المعتمد على النفط بعد سلسلة من الانتكاسات أدت إلى إبطاء الجهود، خاصة في ما يتعلق برؤية 2030.

وقالت وزارة الثقافة والإعلام السعودية، السبت: "من المهم تعديل الأوضاع غير المتوقعة والتكيف معها". وأضافت أن "هذه المرونة لا يجب أن تقوض الاستقرار والقدرة على التنبؤ اللازم للسماح للقطاع الخاص بتخطيط استثماراته وتوسعاته الجديدة".
وبحسب التقرير، فإن تراجع الاحتياطيات الأجنبية وضعف توقعات النمو في السعودية، يعتبران من التحديات الكبرى التي تقف في وجه تحويل اقتصادها.

وأظهرت بيانات رسمية، اطلع عليها "العربي الجديد"، أخيراً، أن السعودية خسرت أكثر من نصف احتياطيها العام في عامين ونصف العام، ما يشير إلى المخاطر المالية والاقتصادية الكبيرة التي تواجهها الدولة الخليجية الأكبر عالمياً في تصدير النفط، بسبب التراجع الحاد في أسعار الخام عالمياً منذ منتصف عام 2014، وارتفاع كلفة الحرب التي تقودها في اليمن منذ أكثر من عامين.

وتهاوى الاحتياطي العام للسعودية إلى 617.3 مليار ريال (164.6 مليار دولار) في يوليو/تموز 2017، مقابل 1.3 تريليون ريال (346.6 مليار دولار) في ديسمبر/كانون الأول 2014، وذلك وفق بيانات النشرة الشهرية الأخيرة لمؤسسة النقد العربي السعودي، والتي نشرتها على موقعها الإلكتروني.

وسارعت المملكة العربية السعودية العام الماضي إلى وضع خطة لإنهاء اعتماد المملكة على النفط وإصلاح البيروقراطية البطيئة عبر جدول زمني صارم. وتؤكد هذه التغييرات على التحدي الذي تواجهه القيادة السعودية وسط مخاوف من رد فعل عمومي ومحدودية قدرة البيروقراطية في المملكة.

وقد كشف الأمير محمد بن سلمان (32 سنة)، عن الخطة الاقتصادية السعودية، التي تسمى رؤية المملكة 2030، العام الماضي، إلا أن هناك العديد من التحديات تواجه هذه الخطة.
وكشفت صحيفة "فايننشال تايمز" الأسبوع الماضي، أن رؤية 2030، التي وضعتها المملكة العربية السعودية، صعبة التحقيق، وأن أهدافها عدوانية، لذا بدأت بإعادة صياغتها، مشيرة إلى وجود قلق في المملكة بعد إعلان محمد بن سلمان ولياً للعهد. 

وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن أهداف الرؤية التي وضعت قبل عام تقريباً بدأت تتغير. وتشير الصحيفة، بحسب تقرير نشر الخميس الماضي بعنوان "المملكة العربية السعودية تعيد صياغة خطة تحول ولي العهد"، إلى أن الأهداف التي تم وضعها ربما من الصعب تحقيقها. 
واستندت الصحيفة إلى وثيقة حصلت عليها، تشير إلى أن السلطات في السعودية تجري الكثير من التغيرات على رؤية 2030، وبحسب الخطة المعدلة، التي يطلق عليها "برنامج التحوّل الوطني 2.0"، أو "إن تي بي 2.0"، NTB0.2، فقد تحوّلت الإصلاحات التي كانت قيد برنامج التحوّل الوطني إلى برامج أخرى، في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة السعودية إلى تطوير جدول أعمال أكثر مرونة وقابلية للتنفيذ.

وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن الحكومة السعودية خفضت الإنفاق لتضيّق عجز الميزانية، واعتمدت على سياسة تقشفية، الأمر الذي انعكس سلباً على ثقة المستهلك، كما أضرت هذه السياسات بالقطاع الخاص.
وبحسب التقرير، فإن خطة ولي العهد محمد بن سلمان التقشقية، لم تنجح، كما أثبتت عدم شعبيتها عند المواطنين، ولذا أعادت الحكومة بعد أشهر قسماً من المزايا للموظفين، من أجل تعزيز ثقة المستهلك السعودي.
وأشارت إلى أن معدلات البطالة أيضاً في السعودية لم تسجل أي انخفاض، بل على العكس ارتفعت، وقاربت 12.7%. وعزا التقرير أسباب ارتفاع البطالة، إلى السياسات الحكومية الفاشلة.

من جهة ثانية، أفاد التقرير بأن السعودية تكافح لخلق مصادر جديدة للثروة، إلا أنها لا تزال حتى اليوم تعتمد على الإيرادات النفطية، ما يشكل تحدياً آخر في وجه الحكومة لتنمية اقتصادها.

وتنقل الصحيفة نفسها عن المستشار الاقتصادي السابق للحكومة السعودية ومدير الأبحاث في مركز الخليج للأبحاث في الرياض، جون سفاكياناكيس، قوله: "دعونا نمضي قدما وندفع الإصلاح الاقتصادي بغض النظر عن الألم".

ويجري حالياً تنقيح رؤية 2030 والحفاظ على أهداف بشأن السياسات الرئيسية، مثل الخصخصة وخلق فرص العمل.

وتوظف الحكومة حاليا نحو 70% من العاملين السعوديين، وتحاول تحويل هذا العبء إلى الشركات الخاصة، بحسب معدي التقرير. وقالت الحكومة في نهاية الأسبوع الماضي، إنها خصصت 200 مليار ريال سعودي أو نحو 53 مليار دولار لدعم القطاع الخاص بما في ذلك تمويل المشاريع الصناعية. 
ولتشجيع الاستثمار الخاص، أنشأت الحكومة الشهر الماضي وكالة جديدة لقيادة خصخصة أصول الدولة في مجالات تراوح بين النقل والطاقة. ورغم محاولات الحكومة لدفع النمو الاقتصادي، إلا أن البنك الدولي يرى أن النمو المتوقع هذا العام في المملكة لن يتجاوز الصفر بالمئة.

(العربي الجديد) 

المساهمون