انتاب القلق شركات المقاولات العاملة في المملكة العربية السعودية، بعد تصريحات مسؤولين في قطاع صناعة الحديد عن إمكانية رفع الأسعار خلال الأسابيع المقبلة، الأمر الذي دعا وزارة التجارة إلى التحذير من الإقدام على هذه الخطوة عبر الاتفاق بين المصنعين والتجار في السوق.
وذكر شعيل العايض، رئيس اللجنة الوطنية للحديد في مجلس الغرف السعودي، في تصريحات صحافية مؤخرا، أن "شركات الحديد السعودي تدرس رفع أسعار حديد التسليح بنسبة تصل إلى 10% بسب ارتفاع تكلفة الإنتاج وانخفاض المبيعات".
وأثارت هذه التصريحات جدلا في السوق السعودية، وسط تأكيدات عدم وجود مبرر لرفع الأسعار، ولا سيما أن المعروض أكبر من حجم الطلب في الأسواق.
وقال عبدالله الحجاب، المستثمر في مواد البناء، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "غالبية المقاولين وقعوا عقودهم على أسعار الحديد الحالية، ورفع الأسعار بشكل جماعي سيتسبب في مشاكل مالية كبيرة للمقاولين.
ويتعرض قطاع المقاولات السعودي لضغوط متزايدة بسبب تراجع الإنفاق الحكومي في ظل الانخفاض في أسعار النفط العالمية بنسبة تصل إلى 70% منذ منتصف عام 2014.
وقدرت اللجنة الوطنية السعودية للمقاولين، ارتفاع نسبة المشاريع المتعثرة في المملكة إلى 40%، بسبب انسحاب الكثير من المقاولين من السوق نتيجة الخسائر التي تكبدوها، في ظل تقليص الإنفاق الحكومي، وتراجع حجم التمويل المصرفي للقطاع.
وحسب إحصائيات رسمية، تجاوز الإنفاق الحكومي على قطاع الإنشاءات 300 مليار دولار في السنوات الخمس الماضية، وكانت الحكومة تنوي إنفاق ما يقارب 230 مليار دولار إضافية على هذا القطاع بحلول عام 2025، غير أن تراجع أسعار النفط أجبرها على تغيير هذه الخطط، وزاد من مشاكل تأخر وزارة المالية في تسديد دفعات المقاولين، لأكثر من ستة أشهر.
وقال الحجاب، إن معظم المقاولين لديهم تعاقدات مع الحكومة، وهي عقود لا مجال فيها للتغيير، وبالتالي رفع أسعار حديد التسليح سيكون له تأثير سلبي على حركة المقاولات في البلاد.
وأشار إلى أنه لا يوجد مبرر لرفع أسعار الحديد، فأسعار المواد الخام أرخص بكثير من السابق، كما أن الطلب أقل من المعروض، مضيفا " المصانع والموزعون يهدفون إلى زيادة أرباحهم على حساب المواطن لا أكثر".
وحذر مجلس المنافسة التابع لوزارة التجارة، مصنعي وتجار الحديد من الاتفاق على رفع الأسعار، ولوح بـ"عواقب وخيمة" على المخالفين من خلال تطبيق عقوبات عليهم.
وقال المجلس في بيان رسمي، الأسبوع الماضي، إن مناقشة المعلومات الخاصة بالأسعار وخطط الإنتاج من المحظورات التي يجب على المنشآت المتنافسة تجنبها، وفي حال ثبت للمجلس ارتفاع الأسعار بشكل جماعي سوف يُعرض جميع الشركات للتحقيق".
وأضاف أنه في حال ثبوت الاتفاق على رفع الأسعار سوف تتم معاقبة الشركات بأقصى العقوبات، والتي قد تصل إلى 10% من إجمالي قيمة المبيعات، وبإجمالي غرامات قد تصل إلى مئات ملايين الريالات.
وقال رئيس اللجنة الوطنية للحديد بالغرف السعودية شعيل العايض، في تصريحات صحافية لاحقة، إن موضوع الأسعار شأن خاص لكل شركة ويخضع تحديد السعر لعوامل السوق من حيث العرض والطلب، وإن هذا لا يدخل من ضمن أعمال اللجنة واختصاصاتها.
وتبلغ أسعار حديد التسليح في السعودية نحو 1850 ريالاً (493 دولاراً) للطن بالنسبة لقياسات 12 و14 و16 ملليمتراً، فيما تصل لنحو 2050 ريالاً (547 دولاراً) لقياس 8 ملليمترات، وفق بيانات محلية.
وقال فوزي الثميري، المحلل المالي، إن ما يسوقه بعض المنتجين حول ارتفاع أسعار الحديد عالميا، هو تضليل وتبريرات واهية، فالأسعار العالمية في هبوط، والدليل هبوط أسعار الحديد المستورد لأقل من 1650 ريالا (440 دولاراً) للطن.
وأضاف الثميري في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن أسعار الحديد سجلت انخفاضاً عالميا قبل نحو شهر ليتراوح سعر الطن بين 1650 و1880 ريالاً، وهو أدنى سعر تبلغه منذ سنوات طويلة، كما تشير التوقعات العالمية إلى استمرار التراجع بالأسعار بسبب التوقعات بتباطؤ نمو الاقتصاد الصيني، وبالتالي زيادة العرض على الطلب عالميا.
وتابع :" الحديد سلعة عالمية تماما كما هو حال النفط والذهب، ولا يمكن وضع أسعار محلية بعيده عن الأسعار العالمية، إلا في حال تواطؤ المصنعين مع الموزعين والمستوردين على أسعار محددة، وهذا الأمر مخالف للقانون ويوقعهم تحت طائلة غرامات ضخمة".