وكان أنْ ظهرَ الورثة.
بعضهم عَلِم بالأمر من الأساطير القديمة.
بعضهم دلّته كتبُ التاريخ.
والقِلّة وحدها الصُّدفة قادتها إلى تلك القصائد النّادرة حيث ورد اسم جدِّهم.
أما السّرير فلم يظهر له أثر.
بعضهم استبعد أن يكون قد سُرق: فأيُّ لصٍّ هذا الذي يكون قد غامر بسمعته من أجل سرير له كل تلك السّوابق الدّمويّة؟ ثم إنَّ مجرّدَ افتراضٍ كهذا يحطُّ من قدر الجدّ، إذ لا يعقل أن يكون قد عاش في زمانه من يجرؤ على ذلك.
بعضهم استبعد أن يكون قد انتهى إلى متحف ما، فرصيده من صراخ الضحايا ودمائهم كفيلٌ بزرع الرّعب في قلوب التماثيل والمومياءات...
والقِلّة، وحدها، قالت بعوادي الدّهر.
ولسبب لا يعلمه أحد، رجّحوا جميعًا فرضيّة أن يكون قد دُفن مع صاحبه، وهي الفرضيّة التي أثلجت قبورَ الضّحايا وصدورَ أحفادهم.
لحسن حظّ الورثة (ولسوئه أيضًا) لم يطّلع أحدٌ منهم على كتاب "السّرير وبئس المصير"، وهو كتاب يُفصِّل في الأمر تفصيلًا تقشعرُّ له الأرواح. فلو كان أحدهم أو بعضهم قد فعل لما فعلوا ما فعلوا.
على اختلاف مشاربهم (وقاماتهم أيضًا) اِتّفق الورثة حتى دون أن يلْتقوا على تأسيس شركة تستغل الرأسمال الرمزي لذلك السرير، وتُخلّد اسم صاحبه بتحويله إلى علامة تجاريّة كبرى.
وكما للجدِّ أحفادٌ ولضحاياه أحفاد، لا بدّ أن يكون لسريره أحفادٌ أيضًا.
هكذا، بإيجاز شديد، نشأت شركة الأفرشة العالمية المعروفة: "أَسِرَّة بروكوست" التي صارت لها الآن فروع في كل مفترقات الطرق.
بعضهم أضاف إلى الأسرّة وسائد كاتمة للأحلام.
بعضهم أضاف إليها شراشف رحيمة.
والقِلّة الساحقة زوّدت الأسِرّة بأباجورات شديدة الظّلام.
* شاعر من المغرب