تتوالى الكوارث على أهل الغوطة الشرقية، فبعد قصف متواصل، وحصار، وهجوم بالأسلحة الكيميائية أدى إلى مجزرة عام 2013، يزداد عدد المصابين بمرض السرطان، مع عدم القدرة على علاجهم
"هم ينتظرون الموت، فقد حُكم عليهم بالإعدام" بهذه الكلمات يصف ناشط حال مرضى السرطان في الغوطة الشرقية للعاصمة السورية دمشق، تلك المنطقة التي ابتليت بقصف النظام لها بأسلحة كيميائية تسببت بمجزرة في مثل هذه الأيام قبل أربعة أعوام. فقد بدأت حالة المرضى بالتأخر بسبب فقدان الأدوية، بعدما أغلقت طرقات كانت تهرّب منها إلى الغوطة الشرقية من بعض دول الجوار. من جهتها، ترسم طبيبة مختصة بالأورام وأمراض الدم تدير المركز الوحيد في الغوطة الشرقية الذي يهتم بمرضى السرطان، صورةً قاتمة لحال المرضى، وتشير إلى أنّ بعض المرضى بات مهدداً بالموت.
الناشط محمد الغوطاني يقول لـ"العربي الجديد"، من داخل الغوطة الشرقية، إنّ طفلين قضيا مؤخراً نتيجة فقدان الدواء، معلقاً: "كانت فرصتهما بالشفاء متاحة لو توفرت الأدوية".
تحاصر قوات النظام ومليشيات طائفية تساندها مدن وبلدات الغوطة الشرقية منذ أكثر من أربع سنوات، وهو ما تسبّب بكوارث إنسانية، من دون أن تُبدي المنظمات الإنسانية الدولية أي اهتمام يمكن أن ينهي معاناة أكثر من نصف مليون مدني محاصر باتوا موزعين ما بين الجوع والخوف والمرض. بالإضافة إلى ذلك، ارتكب النظام خلال هذه السنوات مجازر بحق المدنيين أدّت الى مقتل وإصابة عشرات الآلاف، أبرزها مجزرة الكيميائي التي قُتل فيها نحو 1500 مدني في مدن وبلدات الغوطة الشرقية بغاز السارين، معظمهم من الأطفال.
يقول الغوطاني إنّ بعض أدوية السرطان كانت تدخل إلى الغوطة الشرقية عن طريق قوات المعارضة من خلال أنفاق التهريب عندما كانت بعض أحياء دمشق الشرقية تحت سيطرتها كحيي القابون وبرزة، مضيفاً: "لكن، منذ سيطرة قوات النظام عليها في فبراير/ شباط الماضي لم تعد هناك أدوية لمرضى السرطان تدخل إلى الغوطة الشرقية، وفي حال توفرها فأسعارها مرتفعة جداً لا يستطيع المرضى شراءها على الإطلاق". يوضح أنّ بعض الأدوية يصل ثمنها إلى أكثر من ألف دولار أميركي، وهو مبلغ يُعدّ خيالياً في الوقت الحالي في الغوطة الشرقية.
في هذا الإطار، يعتبر مركز "دار الرحمة" الذي تأسّس منذ أكثر من أربع سنوات المركز الوحيد لمعالجة مرضى الدم والأورام السرطانية في الغوطة الشرقية لدمشق، ويضمّ قسماً للنساء، وآخر للأطفال، وقد ظلّ لسنوات يهتم ويقدم خدمات طبية لمرضى السرطان قبل أن تُغلق الأبواب أمامه نتيجة شحّ الأدوية وفقدان بعضها الآخر في ظل صمت المنظمات الدولية، وربما عجزها عن تخفيف مأساة الغوطة الشرقية.
اقــرأ أيضاً
تؤكد الدكتورة وسام الرز مديرة المركز أنّ الاهتمام بمرضى السرطان "مهمة إنسانية"، مشيرة إلى أنّ نسبة جيدة من المرضى قابلة للشفاء في حال توفر العلاج. تقول إن "نسبة الشفاء بين المرضى منذ تأسيس المركز في منتصف عام 2013، هي 35 في المائة، وهذه نسبة جيدة في ظل الحصار المضروب على الغوطة الشرقية". وتضيف أنّ المركز يقدّم الأدوية للمرضى مجاناً.
تتابع الرز لـ"العربي الجديد": "مرضى السرطان في الغوطة الشرقية لدمشق باتوا في وضع لا يحسدون عليه لجهة قلة الأدوية وانقطاع أدوية أخرى مهمة. المريض الذي هو قيد العلاج، وأحرز تحسناً كبيراً في حالته، بات مهدداً بانتكاسة كنتيجة لذلك". توضح الرز أنّ "بعض المرضى مهددون بالوفاة، فمن أنواع الأورام ما هو قاتل مثل اللوكيميا". تتابع: "لدينا حالياً 1200 مريض سرطان، نحو 20 في المائة منهم أطفال، و57 في المائة إناث. والمطلوب لمواجهة المرض إدخال الأدوية الكيميائية إلى الغوطة الشرقية على وجه السرعة، وفتح ممر إنساني للحالات غير القابلة للعلاج بالغوطة الشرقية وفقاً للظروف الراهنة، وفك الحصار عن الغوطة الشرقية، ووقف القصف نهائياً عن المدنيين".
لا يكاد يمر يوم من دون قصف جوي ومدفعي نظامي على مدن وبلدات الغوطة الشرقية، يوقع قتلى ومصابين بين المدنيين، على الرغم من اتفاق التهدئة الموقّع بين الروس حلفاء النظام، والمعارضة السورية المسلحة.
توضح الرز أنّ هناك عوامل عدّة تقف وراء انتشار مرض السرطان في الغوطة الشرقية، منها "نقص التغذية نتيجة الحصار الطويل، واستخدام قوات النظام أسلحة تحوي مواد كيميائية في القصف المركّز على مدن وبلدات الغوطة على مدى سنوات"، مذكرة بمجزرة 2013. وتشير إلى أنّ عدد المرضى بالسرطان مرتفع في بلدات الغوطة المتاخمة للعاصمة دمشق، خصوصاً زملكا وعين ترما بالإضافة إلى حي جوبر الدمشقي.
أدوية السرطان في سورية محصورة بوزارة الصحة التابعة للنظام الذي يمنع الأدوية بكلّ أصنافها عن الغوطة منذ فرضه الحصار عليها، كذلك لا يسمح بخروج المرضى من الغوطة الشرقية للعلاج في مستشفيات العاصمة دمشق، أو خارج سورية.
وقد بات مركز "دار الرحمة" اليوم مهدّداً بالإغلاق لعدم وجود أدوية كيميائية فيه لعلاج المرضى، وهو ما يعرض حياة أكثر من ألف مريض بالسرطان للموت، منهم 559 يتلقّون العلاج الكيميائي، وفق مصادر في المركز.
اقــرأ أيضاً
"هم ينتظرون الموت، فقد حُكم عليهم بالإعدام" بهذه الكلمات يصف ناشط حال مرضى السرطان في الغوطة الشرقية للعاصمة السورية دمشق، تلك المنطقة التي ابتليت بقصف النظام لها بأسلحة كيميائية تسببت بمجزرة في مثل هذه الأيام قبل أربعة أعوام. فقد بدأت حالة المرضى بالتأخر بسبب فقدان الأدوية، بعدما أغلقت طرقات كانت تهرّب منها إلى الغوطة الشرقية من بعض دول الجوار. من جهتها، ترسم طبيبة مختصة بالأورام وأمراض الدم تدير المركز الوحيد في الغوطة الشرقية الذي يهتم بمرضى السرطان، صورةً قاتمة لحال المرضى، وتشير إلى أنّ بعض المرضى بات مهدداً بالموت.
الناشط محمد الغوطاني يقول لـ"العربي الجديد"، من داخل الغوطة الشرقية، إنّ طفلين قضيا مؤخراً نتيجة فقدان الدواء، معلقاً: "كانت فرصتهما بالشفاء متاحة لو توفرت الأدوية".
تحاصر قوات النظام ومليشيات طائفية تساندها مدن وبلدات الغوطة الشرقية منذ أكثر من أربع سنوات، وهو ما تسبّب بكوارث إنسانية، من دون أن تُبدي المنظمات الإنسانية الدولية أي اهتمام يمكن أن ينهي معاناة أكثر من نصف مليون مدني محاصر باتوا موزعين ما بين الجوع والخوف والمرض. بالإضافة إلى ذلك، ارتكب النظام خلال هذه السنوات مجازر بحق المدنيين أدّت الى مقتل وإصابة عشرات الآلاف، أبرزها مجزرة الكيميائي التي قُتل فيها نحو 1500 مدني في مدن وبلدات الغوطة الشرقية بغاز السارين، معظمهم من الأطفال.
يقول الغوطاني إنّ بعض أدوية السرطان كانت تدخل إلى الغوطة الشرقية عن طريق قوات المعارضة من خلال أنفاق التهريب عندما كانت بعض أحياء دمشق الشرقية تحت سيطرتها كحيي القابون وبرزة، مضيفاً: "لكن، منذ سيطرة قوات النظام عليها في فبراير/ شباط الماضي لم تعد هناك أدوية لمرضى السرطان تدخل إلى الغوطة الشرقية، وفي حال توفرها فأسعارها مرتفعة جداً لا يستطيع المرضى شراءها على الإطلاق". يوضح أنّ بعض الأدوية يصل ثمنها إلى أكثر من ألف دولار أميركي، وهو مبلغ يُعدّ خيالياً في الوقت الحالي في الغوطة الشرقية.
في هذا الإطار، يعتبر مركز "دار الرحمة" الذي تأسّس منذ أكثر من أربع سنوات المركز الوحيد لمعالجة مرضى الدم والأورام السرطانية في الغوطة الشرقية لدمشق، ويضمّ قسماً للنساء، وآخر للأطفال، وقد ظلّ لسنوات يهتم ويقدم خدمات طبية لمرضى السرطان قبل أن تُغلق الأبواب أمامه نتيجة شحّ الأدوية وفقدان بعضها الآخر في ظل صمت المنظمات الدولية، وربما عجزها عن تخفيف مأساة الغوطة الشرقية.
تتابع الرز لـ"العربي الجديد": "مرضى السرطان في الغوطة الشرقية لدمشق باتوا في وضع لا يحسدون عليه لجهة قلة الأدوية وانقطاع أدوية أخرى مهمة. المريض الذي هو قيد العلاج، وأحرز تحسناً كبيراً في حالته، بات مهدداً بانتكاسة كنتيجة لذلك". توضح الرز أنّ "بعض المرضى مهددون بالوفاة، فمن أنواع الأورام ما هو قاتل مثل اللوكيميا". تتابع: "لدينا حالياً 1200 مريض سرطان، نحو 20 في المائة منهم أطفال، و57 في المائة إناث. والمطلوب لمواجهة المرض إدخال الأدوية الكيميائية إلى الغوطة الشرقية على وجه السرعة، وفتح ممر إنساني للحالات غير القابلة للعلاج بالغوطة الشرقية وفقاً للظروف الراهنة، وفك الحصار عن الغوطة الشرقية، ووقف القصف نهائياً عن المدنيين".
لا يكاد يمر يوم من دون قصف جوي ومدفعي نظامي على مدن وبلدات الغوطة الشرقية، يوقع قتلى ومصابين بين المدنيين، على الرغم من اتفاق التهدئة الموقّع بين الروس حلفاء النظام، والمعارضة السورية المسلحة.
توضح الرز أنّ هناك عوامل عدّة تقف وراء انتشار مرض السرطان في الغوطة الشرقية، منها "نقص التغذية نتيجة الحصار الطويل، واستخدام قوات النظام أسلحة تحوي مواد كيميائية في القصف المركّز على مدن وبلدات الغوطة على مدى سنوات"، مذكرة بمجزرة 2013. وتشير إلى أنّ عدد المرضى بالسرطان مرتفع في بلدات الغوطة المتاخمة للعاصمة دمشق، خصوصاً زملكا وعين ترما بالإضافة إلى حي جوبر الدمشقي.
أدوية السرطان في سورية محصورة بوزارة الصحة التابعة للنظام الذي يمنع الأدوية بكلّ أصنافها عن الغوطة منذ فرضه الحصار عليها، كذلك لا يسمح بخروج المرضى من الغوطة الشرقية للعلاج في مستشفيات العاصمة دمشق، أو خارج سورية.
وقد بات مركز "دار الرحمة" اليوم مهدّداً بالإغلاق لعدم وجود أدوية كيميائية فيه لعلاج المرضى، وهو ما يعرض حياة أكثر من ألف مريض بالسرطان للموت، منهم 559 يتلقّون العلاج الكيميائي، وفق مصادر في المركز.