عبداللطيف الزياني... المهندس الذي انقسم مجلس التعاون بعهده مرّتين وزيراً لخارجية البحرين

02 يناير 2020
الزياني لم يختر الوساطة والحياد (جوزيبي كاكاش/ فرانس برس)
+ الخط -
سيبقى عبد اللطيف الزياني، الذي عينه ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة اليوم الخميس، وزيرا للخارجية في بلاده على أن يتولى مهامه اعتبارا من شهر إبريل/ نيسان المقبل، بعد انتهاء فترة عمله كأمين عام لمجلس التعاون الخليجي، في ذاكرة الخليجيين، الأمين العام الذي في عهده انقسم مجلس التعاون مرتين.

وجاء الانقسام الأول عام 2014، والثاني عام 2017. وفي كلتا المرتين، لم يلمس للزياني دور أو تأثير لجهة الحيلولة دون هذا الانقسام. وإن كان الزياني، قد صمت في المرة الأولى، وحافظ على شعرة معاوية مع الجانب القطري، فقد انحاز في المرة الثانية لطرف "دول الحصار" في الأزمة الخليجية التي اندلعت في يونيو/ حزيران 2017، وما زالت فصولها مستمرة.
واللافت أن الزياني، الذي فضل الصمت في الأشهر الأولى ولم يسمع له صوت أو موقف من الأزمة التي عصفت وما زالت ببنيان مجلس التعاون، سرعان ما أعلن انحيازه لرباعي الحصار، السعودية والإمارات والبحرين ومصر، فكان ظهوره الأول في أكتوبر/ تشرين الأول 2017، مستنكرا في تصريح لقناة "العربية" السعودية، ما وصفها بـ"الهجمة الإعلامية غير المسؤولة التي تقوم بها بعض وسائل الإعلام القطرية تجاه مجلس التعاون والأمانة العامة لمجلس التعاون، ممثلة في أمينها العام".
وقال آنذاك إنها "حملة ظالمة تجاوزت كل الأعراف والقيم والمهنية الإعلامية"، فلم يتطرق إلى جريمة اختراق وكالة الأنباء القطرية "قنا" في مايو/ أيار 2017، والتي ثبت أن الإمارات وقفت وراءها، وفق تصريحات مسؤولين قطريين، أو إلى الفبركات التي بثتها وسائل إعلام دول الحصار ضد قطر، والتحريض الذي مارسته هذه الدول، وتدخلها في الشأن الداخلي لقطر، والذي وصل إلى حد تحريض القبائل ضد حكومة بلادها.
وقد سعى الزياني لتبرير موقفه وغيابه كأمين عام لمجلس التعاون الخليجي طوال الأزمة، فاعتبر في تصريحاته أن "مسؤولية حل الأزمة الخليجية وإنهاء تداعياتها بيد قادة دول المجلس، وليس من مسؤوليات وواجبات الأمين العام الذي يتلقى وينفذ قرارات وتوجيهات وأوامر المجلس الأعلى والمجلس الوزاري فقط، ملتزماً بما ينص عليه النظام الأساسي لمجلس التعاون".
لكنه تغافل عن الإشارة إلى أن النظام الأساسي لمجلس التعاون يتحدث في المادة الخامسة عشرة ضمن اختصاصات الأمانة العامة عن "الاقتراح على رئيس المجلس الوزاري الدعوة لعقد دورة استثنائية للمجلس الوزاري إذا دعت الحاجة إلى ذلك"، في وقت كان قد بلغ فيه عمر الأزمة الخليجية خمسة أشهر، وفرضت فيه ثلاث من دول المجلس حصارا على دولة عضو مؤسس فيه، وهي قطر، وهي من الأمور التي تستدعي إقامة مثل هذه الدورة.
كما أن المادة الحادية عشرة تتحدث عن انعقاد المجلس الوزاري لدول الخليج مرة كل ثلاثة أشهر، ويجوز له عقد دورات استثنائية بناء على دعوة أي من الأعضاء وتأييد عضو آخر، فضلا عن أن النظام الأساسي يتحدث في المادة العاشرة عن "هيئة تسوية النزاعات" التي كان بإمكان الأمين العام أن يقترح تفعيلها لتسوية الأزمة الخليجية.


وشنّ مغردون قطريون، على موقع " تويتر" هجوما حادا على الزياني بعد أن خرج بعد نحو عام من الأزمة الخليجية، ليعلن دعم مجلس التعاون لجهود أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، في الحفاظ على تماسك المجلس بعد صمت أقرب لصمت القبور أوشك على العام منذ اندلاع الأزمة الخليجية. وأطلقوا، وسماً بعنوان: "# صح_النوم_الزياني" كان الأكثر تداولا في قطر، عبر فيه الناشطون عن غضبهم من الزياني حينها، لكونه تخلى عن مسؤولياته، وسخر منه البعض حينا آخر باعتباره لعبة في يد دول الحصار.

وفيما اعتبر انحيازا تاما منه للرياض، وتحويله مجلس التعاون الخليجي، إلى ملحق لوزارة الخارجية السعودية، استنكر الزياني ما وصفها بـ"الحملة الإعلامية التي تتعرض لها المملكة العربية السعودية على خلفية اختفاء المواطن السعودي جمال خاشقجي في تركيا"، ليتأكد بعدها أن الرياض أرسلت فريق اغتيال لتصفية خاشقجي داخل قنصلية بلاده.
وقال، في تصريحات لوكالة الأنباء السعودية، إن "ما يتم تداوله في بعض وسائل الإعلام العربية والدولية هو اتهامات زائفة وادعاءات باطلة لا تستند إلى حقائق وتهدف إلى الإساءة إلى المملكة العربية السعودية".

الفريق الركن المهندس والوزير

ولد الزياني، في المحرق بالبحرين في 15 إبريل/ نيسان 1954، وتخرج من أكاديمية "ساندهيرست" العسكرية الملكية في المملكة المتحدة في عام 1973، ليصبح ضابطا في قوة دفاع البحرين في عام 1973. تقاعد في 2 يونيو/ حزيران 2004، وتم تعيينه رئيس الأمن العام برتبة لواء في وزارة الداخلية في عام 2004. ورقي إلى رتبة فريق ركن في يونيو/ حزيران 2010. وبعد ذلك تم تعيينه مستشارا لوزير الشؤون الخارجية برتبة وزير في يونيو/ حزيران 2010. كما عمل محاضرا في جامعة الخليج العربي وأستاذ الرياضيات والإحصاء في جامعة "ميريلاند" في البحرين وأستاذ الأساليب الكمية في جامعة البحرين. والزياني أيضا خريج برنامج هندسة الطيران من جامعة "بيرث" في اسكتلندا في عام 1978، وحصل على شهادة الماجستير في الإدارة اللوجستية من معهد القوات الجوية للتكنولوجيا في "دايتون" بولاية أوهايو الأميركية في عام 1980.

كما حصل على شهادة الدكتوراه في بحوث العمليات من كلية الدراسات العليا للبحرية من "مونتيري" بولاية كاليفورنيا في عام 1986، وشغل منصب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية منذ 1 إبريل/ نيسان 2011 وينتهي انتدابه في إبريل/ نيسان 2020، وهو الخامس في هذا المنصب والأول مع خلفية عسكرية منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي.