الزواج بالآليين.. من الخيال العلمي إلى الواقع

09 ابريل 2017
(مشهد من فيلم her)
+ الخط -

مثلما تاقت سامانثا طوال فيلم ( Her)، إلى التجسّد واقعًا في البعد المادي، لتتحوّل من صوت أنثوي لنظام تشغيل يُسمع عبر سمّاعة الهاتف المُتصل به، إلى روبوت يتخذه مهندس شاب صيني كزوجة له، بعدما اصطنعه بنفسه لنفسه.

من ساحة السينما لساحة التكنولوجيا، يرى الضمير الغائب النور وتُصبح (ينغينغ -YINGYING ) ربوتًا يواجه به شاب في القرن الحادي والعشرين واقعه؛ يواجه به الفجوة بين الجنسين في الصين. إلى أيّ مستوى سيذهب بنا تقدّم الذكاء الصناعي مُتخطّيًا دوره الآلي، ليصبح عُنصرًا فاعلاً وضاربًا حتى في عمق الوجدان والعلاقات العاطفية الإنسانية؟

في فيلم دراما الخيال العلمي (Her) سنة 2013، ساعدت سامانثا ثيودور في ترتيب حياته، وأخذته من حيرته وضياعه بسبب طلاقه الوشيك، إلى صفحة جديدة من حياته يُعطيها الحب معنى كما يمنحها دفعة من الشغف لتستمر، أسدت له النُصح وكانت له مصدر طمأنينة وقت قلقه.

ولأنّ الحُب والاحتياج للأنس بأحدهم جزءٌ أصيلٌ من تكوين الإنسان، حين يُلبّى هذا الاحتياج بشكل يسوده التفاهم، تنبثق المشاعر من مكامنها كما حدث عندما وقع ثيودور في حب سامانثا متغاضيًا عن كونها مجرّد صوت لبرنامج.

لكن لم تكتف هي بهذا البعد اللامرئي لذاتها المُصنّعة، وأرادت أن تختبر معه مشاعر وتجارب جديدة "جنسية" في بعد مادي، وهنا تصل علاقتهما لمأزق حقيقي، فتقترح عليه ممارسة الجنس مع امرأة وجدتها بطريقة ما على شبكة الإنترنت راغبة في القيام بذلك نيابة عنها، باستخدام كاميرات مُصغرة وميكروفونات، يمكن لسامانثا من خلالها الشعور بتجربة الحب كاملة. وكما أمكن ثيودور من خلال عمله ككاتب خطابات، إسعاد أولئك العاجزين عن التعبير عن مشاعرهم، أمكن سامانثا من خلال وجودها اللامرئي مساعدته في التعبير عن احتياجاته ومشاعره وتوقه لوجود يُشعره بالاستقرار والدفء والاكتمال نوعًا ما، وإشباعه من خلال علاقة خارج إطار التقليدي والمألوف.

ومن فيلم الخيال العلمي إلى الواقع؛ نجد منذ أيّام قلائل خبرًا عن خبير صيني في مجال الذكاء الصناعي، يُدعى (شنغ جيجيا Zhenge Jiajia -)، عمره 31 عامًا، صنع روبوتًا منذ عام مضى، والآن يتخذ منه زوجة له بعد مواعدته له لمدة شهرين لتصبح علاقتهما رسمية وسط احتفال صغير في حضور والدته وبعض أصدقائه، مُحدثًا جدلًا وردود فعل متفاوتة حول العالم. هل ستساعده ينعينغ في تسديد احتياجاته العاطفية والجنسية؟

وبسبب سياسة الطفل الواحد وعمليات الإجهاض بناءً على الانتقاء الجنسي. فإن الصين لديها واحدة من أسوأ الفجوات بين الجنسين في العالم. حسب المنتدى الاقتصادي العالمي فإن نسبة الرجال هي 113.5 رجل لكل 100 امرأة. تلك الحقيقة، جنبًا إلى جنب مع وجهات النظر الأخرى بشأن الزواج داخل الطبقة الوسطى الصينية تجعل من الزواج أمرًا عسيرًا بالنسبة للرجال. وتعد مثل هذه الأسباب من الدوافع التي حفّزت تشنغ ليتزوج روبوتًا. لكنه في الآن نفسه دليل جلي على مدى تطوّر العلاقات في سياق التقدّم التكنولوجي.

بالنسبة لتشنغ وينغينغ، قد لا يكون التواصل أحد عقبات علاقتهما. ينغينغ قادرة على قراءة بعض الحروف الصينية كما يمكنها نطق القليل من الكلمات. ويعمل تشنغ على تحديث يأمل أن يتيح لها القدرة على المشي (كي لا يظلّ يحملها في كل مكان)، وكي تقوم بالأعمال المنزلية وتتحاور بمستوى أعلى.

قد تكون التكنولوجيا هي الخيار الوحيد لإحداث إشباع عاطفي وجنسي لأولئك الأشخاص الذين يواجهون تحديّات جسدية وعاطفية وجغرافية مؤثّرة في علاقاتهم. ويوجد عدد من الخيارات في هذا السياق، ينطوي العديد منها على استخدام تقنية لممارسة الجنس عن بعد، مثل أجهزة التقبيل عن بعد أو سُترات تقوم بتوصيل تغذية استرجاعية لمسية إلى الجسد، أو وسادات مُتصلة للشخصين اللذين تفصل بينهما مسافات جغرافية.

لكن، تبقى النهايات مفتوحة، قابلة لأي احتمال. أمام ذكاء الإنسان وجنون الحب لا يمكن توقع ما ستؤول إليه الأمور.

المساهمون