يفكر المزارع القطري حمد خالد بشكل جدي، في بيع المزرعة التي ورثها عن أبيه والتوجه إلى الاستثمار في قطاع اقتصادي آخر، إذ يعيش القطاعان العقاري والمصرفي أزهى عصورهما، فيما يواجه المزارعون، معوقات وتحديات أهمها صعوبة منافسة المنتج المستورد، والتكلفة المتزايدة لعملية الإنتاج.
حالة خالد، تتوافق مع ما كشفته أحدث إحصاءات وزارة البيئة لمساحات الأراضي المزروعة في قطر، وعدد المزارع وإنتاجها، إذ تبيّن الإحصاءات التي حصل "العربي الجديد" عليها، تراجع عدد المزارع المسجلة من 1340 مزرعة في عام 2013 إلى 1282 في عام 2014 ولكن اللافت أن المزارع النشطة ارتفعت في العام الماضي من 839 مزرعة في عام 2013 إلى 872 مزرعة في عام 2014، وتبلغ المساحة القابلة للزراعة في هذه المزارع 21517.4 هكتارا، من إجمالي المساحة القابلة للزراعة في قطر التي تصل إلى 65 ألف هكتار، وفقا لإحصاءات وزارة البيئة.
اقرأ أيضا: زحام الخليج(2).. 7 أسباب لمشكلة التكدس المروري في الدوحة
أبرز تحديات القطاع الزراعي القطري
تظل مشكلة ندرة المياه هي المعضلة الأقوى أمام القطاع الزراعي القطري، كما يقول الدكتور فالح بن ناصر آل ثاني الوكيل المساعد لشؤون الزراعة والثروة السمكية، لـ"العربي الجديد". مضيفاً أن "قطر استطاعت استخدام التكنولوجيا الحديثة وتقنيات الزراعة بدون تربة، ولكن ندرة المياه تبقى قائمة ومؤثرة في القطاع الزراعي وعمليات التوسع المأمولة فيه.
تتركز الزراعة في قطر في الموسم الشتوي بسبب اعتدال درجات الحرارة، ويركز المزارعون على الخضروات، كما يقول الدكتور فالح بن ناصر، متابعا "استطعنا التغلب على مشكلة العائد والأرباح في القطاع الزراعي، عبر إفساح المجال للمزارعين للبيع إلى المستهلك مباشرة، إذ كان المزارع يبيع سابقا، المنتج إلى وسيط، يحظى بنسبة كبيرة من الربح، ولكنه الآن قادر على أن يبيع منتجه للمستهلك بصورة مباشرة، مستفيداً بكامل الربح".
ويوضح الوكيل المساعد لشؤون الزراعة والثروة السمكية في وزارة البيئة أن اجتياح المنتج المستورد للسوق المحلي يكون خلال فترة الصيف فحسب، قائلا "المنتج القطري يشكل النسبة الكبرى من الاستهلاك في الشتاء، لأن المستورد يظل عاجزاً عن المنافسة في أشهر الشتاء"، منوهاً إلى أن قطر تتبع سياسة السوق المفتوح، ولن يتم إيقاف استيراد الخضروات والفواكه، ولكن عملية دعم المنتج المحلي ستحد من الاعتماد على المستورد بما يحقق الأمن الغذائي للدولة.
اقرأ أيضا: 60 ألف سعودي.. يطلبون العلاج وراء الحدود
أوجه دعم القطاع الزراعي في قطر
تعمل الجهات المعنية على توفير البذور المحسنة والأسمدة للمزارعين في قطر، ويقول يوسف الخليفي، مدير إدارة الشؤون الزراعية في وزارة البيئة، "توفير البذور، يأتي على رأس أولوياتنا للمزارع، التي تشارك في تحقيق الأمن الغذائي، إذ يوجه المحصول إلى الساحات التي تقيمها الدولة، والهدف الرئيسي من الساحات هو توفير أعلى قدر من الدعم للمنتج المحلي، إذ تخصص أماكن العرض مجاناً، والصناديق التي يعبأ فيه المنتج توفر الوزارة جزءا كبيرا منها"، ويؤكد الخليفي، أن الوزارة تقوم بعمل فحص العينات المعروضة في الساحات لضمان الجودة".
ويضيف الخليفي لـ"العربي الجديد": "استطعنا تخفيض شريحة الكهرباء الموجهة للمزارعين في قطر، من 14 درهما للوحدة إلى 7 دراهم فحسب، والدولة تتكفل بالنصف الآخر" متوقعاً أن تحقق الدولة اكتفاءها الذاتي من الكثير من المحاصيل المستهدفة في حال انضمام المزارع غير المنتجة إلى ساحات الإنتاج، قائلا "قرابة 400 مزرعة قطرية، لا تعمل أو بها أنشطة مخالفة للنشاط الزراعي المخصصة له.
اقرأ أيضا: خريجو الجامعات الخاصة في البحرين..مرفوضون في سوق العمل
هموم المزارعين القطريين
خاض المواطن القطري علي الكواري، تجربة إقامة بيت محمي عبر قرض من بنك قطر للتنمية، قيمته 400 ألف ريال قطري (قرابة 110 ألف دولار)، يدفع الكواري، مبلغ خمسة آلاف ريال شهرياً (قرابة 1370 دولارا) للبنك، لكنه يعاني من أن تكلفة عملية الإنتاج من البذور والمبيدات والعمالة وغيرها، تتخطى قيمة المبلغ الذي يدفعه لسداد القرض، يقول الكواري لـ"العربي الجديد":"قمت ببيع الخيار، في أول مرة بقيمة 14 ريالا للصندوق (قرابة 4 دولارات)، وفي مرة أخرى كان السعر 8 ريالات فقط (قرابة دولارين)، ويبلغ وزن الصندوق قرابة 7 كيلوغرامات، ما يعني أن ثمن الكيلو يصل إلى قرابة الريال فقط في بعض الأحيان".
ويردف الكواري في سرد مشكلات قابلها كمزارع: "المبيدات تمثل أحد المشكلات التي تواجهنا، لا بد على الجهات المعنية أن تختار المبيدات والبذور المناسبة، وتحدد مدى فائدة المنتج للزراعة في قطر، ناهيك عن أن بعض المبيدات التي نحتاجها لا تتوفر بالسوق، والبذور التي تسلمتها من الوزارة لم أستخدم أغلبها، شأني شأن الكثير من المزارعين الذين يفضلون الاستعانة بما يباع في السوق المحلي بعيداً عما توزعه وزارة البيئة".
ويرى الكواري أنه يمكن منع استيراد بعض المنتجات الزراعية التي يتم إنتاج نظير لها في قطر، خصوصاً أن بعضها كالخيار على سبيل المثال، يمكن تغطية الاحتياج المحلي منه، قائلا "تقليل حجم الاستيراد قد يضر المستهلك، ولكن المزارع أيضا متضرر، ويمكن توزيع الضرر بين الجانبين، لمصلحة تحقيق الأمن الغذائي القطري".
ويتفق مدير شركة رابطة الخليج العاملة في القطاع الزراعي إبراهيم دلول، مع الكواري في أن الدعم الحكومي للقطاع الزراعي يحتاج إلى زيادته، قائلا لـ"العربي الجديد":"المنتج المستورد يشغل حيزا كبيرا من المطروح في السوق القطري، وبأسعار منافسة، ولابد من دعم المحلي"، ويضيف دلول:"تسويق المنتج أحد أبرز المشكلات التي تواجه المزارع القطري، فالزراعة في قطر تنشط بصورة كبيرة في فصل الشتاء فقط، في هذا الوقت كثيرا ما تكون الأسعار أبرز مشكلاتنا، إذ يتراجع ثمن صندوق الطماطم (6 كيلوغرامات) بصورة كبيرة وصولاً إلى 3 ريالات في المزرعة".
ويأمل دلول أن يتم وضع تصور ودراسة متكاملة تنهض بالقطاع الزراعي، تحقيقا للأهداف والرؤى الساعية نحو مزيد من الأمن الغذائي القطري.