الروبوت في غرف العمليات الجراحية

03 ابريل 2017
(الروبوت دافنشي، الصورة: VCG)
+ الخط -
تعتمد الجراحة على العمل اليدوي بشكلٍ أساسي؛ فالطبيب يحتاج إلى خبرة كبيرة لكي يكون ماهرًا في الإجراءات الجراحية. فهل سيكون استبدال الروبوت بالإنسان في غرف العمليات آمنًا؟

خيال علمي 
يبدو مشهد قيام روبوت بإجراء عملٍ جراحيٍ لمريض مستلقٍ على طاولة غرفة العمليات كجزء من فيلم خيالٍ علمي، حيث تقوم أذرع الروبوت بالتقاط الأدوات الجراحية لقطع أو إصلاح أو خياطة جروح في جسم المريض، كما يُوجد أيضًا على بعد عدّة أمتار أخصائي جراحة للتحكّم في هذا الروبوت.

تُشارك الروبوتات في العمليات الجراحية حقيقةً منذ وقتٍ طويل، حيث تُستخدم في العمليات المؤتمتة، إلا أن الخبراء يتّفقون على أن الجراحة في المستقبل ستأخذ بعدًا تقنيًا أكثر.

يتوسّع استخدام التكنولوجيا في غرف العمليات بشكلٍ مستمر، حتى غدت شيئًا أساسيًا لا يمكن التخلّي عنه، ويومًا ما ستصبح الروبوتات مساعدًا مهمًا للجرّاح، حيث يمكن لها أن تنفذ مهماتٍ يعجز عنها أمهر الأطباء.


يدان هادئتان
يُمكن للروبوت مساعدة الجراح بدءًا من التداخلات الجراحية البسيطة، فيُمكن له مثلًا إجراء شقوق صغيرة جدًا في العمليات الجراحية التنظيرية، حيث تحتاج هذه العمليات عادةً إلى طبيبين على الأقل، أما بمساعدة الروبوت فيمكن لطبيب واحد إجراء هذه العملية، فالروبوت يتمتّع بقدرة على تثبيت المنظار دون حركة وبدون تعب، كما يُمكن التحكّم في حركاته بشكل دقيق جدًا.

وبالتالي أصبح من الممكن إجراء تدخّلات جراحية عالية الدقّة، من خلال جروح صغيرة جدًا، والتي كانت تحتاج في الماضي إلى مستوى عالٍ من الخبرة والتركيز المطلق لإجرائها.


مُكمّل ممتاز للطبيب
يُمكن للروبوت تقديم مساعدة للطبيب في مجالات أكبر من التدخّلات الجراحية التنظيرية، فمثلًا في عمليات استئصال ورمٍ أصاب أحد أعضاء الجسم لا يُمكن للطبيب أن يكون متأكدًا 100% من الموقع الدقيق الذي يوجد فيه الورم، أو من البُعد الحقيقي للشرايين المجاورة للورم، أو من إمكانية إصابة المشرط الجراحي لأحد الأعضاء المجاورة.

يُمكن للروبوت والحاسوب تقديم خدمة عظيمة للجراح، فبعد التصوير المقطعي المحوسب يُمكن تحديد مكان الورم بدقّة، وقياس بُعد الأعضاء المجاورة عنه، كما يمكن تشكيل صورة ثلاثية الأبعاد تساعد الطبيب أثناء العمل الجراحي.

بالإضافة إلى ذلك، يُمكن مراقبة الموضوع الدقيق للأدوات الجراحية عن طريق عواكس موجودة على الأدوات الجراحية، والتي تعطي معلومات بشكل مستمر للحاسب، ما يُمكّن الطبيب من تحديد موضع الأدوات الجراحية بشكل دقيق وفي كل ثانية.

كما يراقب الروبوت عمل الطبيب أثناء العملية، فيمكن للروبوت مثلًا أن يتوقّف عن العمل في حال تجاوز الطبيب القيمة المحدّدة مسبقًا للقطع الجراحي، فالإنسان يحتاج إلى 0.8 ثانية للاستجابة لأي تنبيه، أما الروبوت فيحتاج لوقت أقل، وهو ما يحمي الطبيب والمريض من أي أخطاء جسيمة.


يمكن للروبوت أن يرتكب أخطاءً أيضًا
تُبنى توقعات عالية على التكنولوجيا الحديثة دائمًا، وبطبيعة الحال على استخدام الروبوت في غرف العمليات لأوّل مرّة، لكن تصطدم هذه التوقعات بخيبات أمل لا مفرّ منها، وأحيانًا أيضًا بحوادث خطيرة.

استُخدم مثلًا الروبوت "روبودوك" في مئات غرف العمليات في تسعينيات القرن الماضي في ألمانيا، حيث كانت مهمّته استبدال مفصل الحوض بشكل أدقّ وأسهل، وتوفير الشفاء السريع للمريض خلال وقتٍ قصير.

لكن الروبوت أخطأ في العديد من العمليات الجراحية، كاستئصال كمية غير ضرورية من العظم، أو وضع المفصل الصناعي في مكانٍ خاطئٍ تمامًا، أو شد العضلات بشكل كبير، ما جعل المرضى يعانون من الألم لفترات طويلة. لاحقًا تم الاستغناء عن خدمات "روبودوك".

يتّفق جميع الخبراء على أهميّة دور الروبوت المستقبلي في غرف العمليات وعدم القدرة على الاستغناء عنه، لكنهم أيضًا متّفقون على أن دور الروبوت يجب ألا يتجاوز دور المساعد الذي يزيد من عمل الطبيب دقّة وجودة، ولا يجب أبدًا استبدال الطبيب بالروبوت.


لنص الأصلي)

المساهمون