يرى الناشط الإيراني الإصلاحي، عباس عبدي أن أزمة الرواتب الفلكية، والتي تسمى في إيران "حقوق نجومي"، وطاولت آثارها عددا من كبار الموظفين في بلاده، علامة على حالة من الفساد المزمن التي يجب علاجها بسرعة، إذ يعاني النظام الإداري في إيران من مشاكل فساد كبرى، حسب تعبيره.
ويؤكد عبدي، المعروف بدعمه لتيار الإصلاحيين، أن مهمة الحكومة الإيرانية أكبر من مجرد القيام بتعديل قانون إدارة الخدمات (المنظم للرواتب والأجور)، إذ تحولت قضية ما بات يعرف بـ"حقوق نجومي" إلى نقاش مسيطر على الرأي العام وخاصة بين الموظفين، الذين يبلغ متوسط رواتبهم الشهرية نحو 400 دولار، وفقا لتقارير اقتصادية دولية.
أبرز المتهمين
في يونيو/حزيران الماضي، سربت بعض المواقع الإيرانية الإلكترونية، وثائق تكشف عن تقاضي بعض المدراء والمسؤولين في مؤسسات حكومية لرواتب "فلكية" وصلت أحيانا إلى مائة ألف دولار شهريا، وتناولت الوثائق المسربة عددا من مدراء المؤسسات والمصارف وهو ما أدى لاستقالات وإقالات واعتقالات جماعية، من بينها تلك المتعلقة بالطاقم الإداري في مؤسسة تأمين إيران المركزية، التي بلغ راتب مديرها مرتضى حسني، 87 مليون تومان إيراني (25 ألف دولار) بينما تقاضى ملايين أخرى كمكافآت أو سُلف.
وثائق أخرى تتعلق بصندوق التنمية الوطني كشفت أن مديره صفدر حسيني كان يحصل على 56 مليون تومان كراتب شهري (16 ألف دولار) بالإضافة لمكافآت أعلى، ونشر "موقع دانا" وثيقة تتعلق بمستحقات المدير العام لبنك رفاه، علي صدقي، والذي تقاضى خلال عشرين يوما فقط مكافآت تعادل 230 مليون تومان (65 ألف دولار)، وعلّق رئيس مؤسسة التفتيش العامة القاضي ناصر سراج على الأمر قائلا إن "لدى صدقي بالذات ملفات ثقيلة للغاية، إذ أصر مقربون من الرئيس حسن روحاني على تعيينه في هذا المنصب"، وذكرت بعض المواقع أن المقصود هو شقيق الرئيس حسين فريدون.
موقع تسنيم نقل أن المدير العام لبنك كشاورزي، مرتضى شهيد زاده كان يقبض راتبا بلغ 50 مليون تومان شهريا (14 ألف دولار) فضلا عن حصوله على 500 مليون تومان (140 ألف دولار) كقرض غير مبرر ودون أسباب قانونية، ونشرت وكالة فارس وثائق تثبت أن المدير العام لبنك تجارت، محمد إبراهيم مقدم، حصل العام الماضي على مكافات بمبلغ 710 ملايين تومان (200 ألف دولار) دفعة واحدة بينما تعد تلك المبالغ مستحقات 21 شهرا بالأساس.
وفضلا عن المصارف تم نشر وثائق طاولت المسؤولين في الجامعة الحرة، أفادت بعض المواقع خلال الانتخابات التشريعية فبراير/شباط الماضي بأن المرشح وعضو الهيئة الرئاسية في البرلمان السابق علي رضا منادي، عضو مجلس إدارة الجامعة كان يحصل على 150 مليون تومان شهريا (43 ألف دولار)، ورد الرجل قائلا إنها "حملة تستهدف ترشحه الانتخابي"، لكن كشف راتبه الذي نشر شهر يوليو/تموز ضمن الوثائق المسربة أدى لإقالته ومسؤولين في الإدارة المالية.
ونشر القسم الاقتصادي لوكالة فارس مؤخرا، وثيقة تنقل أن المدير العام لبنك ملت، علي رستغار سرخه اي، مازال عضوا في الهيئة الإدارية لهذا المصرف، رغم نشر وثائق إدانته واعتقاله من قبل الحرس الثوري، لتقاضيه راتبا كبيرا سابقا، بينما اتهم رستغار بتلقي مبلغ 125ألف دولار من شركتين في الخارج خلال العام الماضي.
وبحسب المدعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري، فإن عدد المتورطين في فضيحة "حقوق نجومي"، يصل إلى 1600 من كبار الموظفين سسخضعون للتحقيق القضائي، بينما كانت الحكومة الإيرانية قد أعلنت بداية عن تورط 40 مسؤولا، ومن ثم أعلن الرئيس حسن روحاني عن ارتفاع عدد المتهمين ليتراوح بين 100 و400، ونقلت مصادر عن مسؤولين في البرلمان قولهم إن العدد بات نحو 950 شخصا.
ويفسر المستشار البرلماني للرئيس الإيراني، حسين علي أميري، زيادة أعداد المتهمين التدريجية، بوجود مشتبه بهم على علاقة بالقضية، مضيفا أن عدد المتورطين الحقيقيين لا يزيد عن خمسين شخصا، بحسب تصريحات نشرتها وكالة مهر.
اقــرأ أيضاً
ثغرة قانونية
يوضح الخبير الاقتصادي الإيراني علي إمامي، أن الوثائق المسربة لرواتب المسؤولين الفلكية، كشفت عن غياب رقابة الإدارة المركزية على مدراء المؤسسات، قائلا لـ"العربي الجديد"، "خلال سنوات سابقة سمح للمدراء بوضع رواتبهم بأنفسهم وحتى صرف المكافآت مستغلين ثغرات في القانون".
وبحسب مصادر، فإن تسريب المعلومات والوثائق المتعلقة برواتب المسؤولين الفلكية، تم من داخل المؤسسات الحكومية نفسها، بسبب الفروقات الكبيرة في الراتب بين المدراء والموظفين، موضحا أن تلك الفروق بعضها يصل إلى مائة ضعف، وهو ما خلق حالة من عدم الرضا.
في المقابل، ترجع الحكومة الإيرانية سبب المشكلة إلى قانون رواتب أعضاء الهيئة الوزارية والذي تم من خلاله تعيين رواتب هذه الفئة بمبالغ تزيد بسبعة أضعاف عن أدنى رواتب الموظفين الحكوميين، وضمن هذه الصيغة من قانون إدارة الخدمات تم استثناء أعضاء الهيئات العلمية الجامعية، القضاة، موظفي وزارة الاستخبارات، ديوان الحسابات والمسؤولين السياسيين في الخارجية، كما تم استثناء بعض المصارف وكان أولها مصرف الصناعة والمعادن، وسرى الأمر على المصارف الحكومية الأخرى وعلى مؤسسة التأمين، وهو ما أدى في النهاية إلى خلق هذه الأزمة.
الحرس الثوري على خط الأزمة
دخل الحرس الثوري على خط أزمة الرواتب الفلكية من باب ملاحقة المتورطين، إذ اعتقلت استخبارات الحرس عددا من المدراء المتهمين بهذه القضية، واعتبر قائده محمد علي جعفري في تصريحات نقلتها المواقع الرسمية أن الأمر لا يتعلق بمسألة رواتب وحسب، وإنما هناك ما هو أكبر من ذلك، متوقعا وجود شبكة فساد كبرى وأن تطاول القضية شخصيات سياسية لها علاقة بالأمر.
وسربت مواقع إيرانية أخبارا عن توجيه اتهامات ضمن القضية لقادة ومسؤولين في الحرس نفسه بتقاضي رواتب عالية، من بين هذه الأسماء رئيس مكتب العلاقات العامة رمضان شريف، والذي نفى الأمر في حوار مع صحيفة شرق.
ويبرر الخبير السياسي عماد أبشناس، تدخل الحرس الثوري بأنه يأتي من باب أن المهمة التي تقع على عاتق هذه المؤسسة العسكرية ترتبط بحفظ مبادئ وإنجازات الثورة الإسلامية، ولاسيما أن القضية تحولت لمسألة فساد طاولت بيت المال وأزعجت المواطنين بسبب وجود فروقات هائلة في الرواتب بين الموظفين الحكوميين.
كيف واجه المسؤولون الأزمة؟
في 22 يونيو/حزيران وعقب اجتماع مع أعضاء الهيئة الحكومية، دعا المرشد الأعلى علي خامنئي لاسترجاع أموال الرواتب، واصفا الأمر بخيانة الثورة الإسلامية، بينما تحملت الحكومة جزءا من المسؤولية، وبرر المتحدث باسمها محمد باقر نوبخت في مؤتمر صحافي عقد سابقا ما حدث بأنه يرجع إلى استثناء بعض المؤسسات من قانون الخدمات، وهو ما سمح لمدرائها بتعيين مستحقاتهم المالية، الأمر الذي أدى للقيام بتعديل سريع، فحددت الحكومة رواتب رؤساء السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية بثلاثة آلاف دولار تقريبا، ومستحقات مدراء الشركات الحكومية الكبرى وخاصة الاقتصادية بستة آلاف بأفضل الأحوال.
وعلى الرغم مما سبق مازالت الانتقادات توجه للرئيس روحاني الذي طالب نائبه إسحاق جهانغيري بمتابعة الملف جديا، وفي 4 يوليو/تموز الماضي، نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن مصدر قوله إن الحكومة تعد مشروعا لتقديمه للبرلمان قريبا لتوحيد نظام دفع الرواتب.
وتعليقا على الإجراءات الحكومية، قال رئيس تحرير صحيفة الوفاق الحكومية، مصيب النعيمي لـ"العربي الجديد"، إنه "من الطبيعي أن يكون هناك خلل في أي نظام، ونيل هذه الرواتب لم يكن اختلاسا وإنما كان يتم بشكل قانوني"، بينما أكد النائب البرلماني هادي بهادري، أن مجلس الشورى الإيراني لا يتحمل مسؤولية الأزمة، إذ لا يقوم بتجهيز التقارير الخاصة برواتب الموظفين، وإنما يتابع الأمر مع ديوان الحسابات، وأشار بهادري في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن التحقيقات مستمرة لكشف كل التفاصيل، واصفا مستحقات سبعين شخصا من المتهمين بـ"الفلكية"، واعتبر أنه كان من المبكر أن تتبادل وسائل الإعلام نشر أسماء المتهمين، قائلا: "البرلمان عليه إلغاء القوانين التي يستغل البعض ثغراتها، والحكومة كانت جدية في التعاطي مع الأزمة".
اقــرأ أيضاً
تأثير القضية على الانتخابات الرئاسية المقبلة
يرى مراقبون أن ملف القضية قد يحاصر الرئيس حسن روحاني خلال الاستحقاق الرئاسي القادم (مايو/أيار 2017) إذ يركز منتقدو الحكومة عليه، كما تعمد المواقع المحسوبة على الطيف المحافظ إلى نشر الوثائق وكل التصريحات المتعلقة بالقضية مثل وكالة أنباء فارس، و "تسنيم" وموقع صحيفة كيهان وغيرها.
ويعتقد الخبير السياسي آبشناس بهذا الصدد أن حالة الامتعاض الشعبية من القضية تخلق تحديا حقيقيا لروحاني، وردا على سؤال عما إذا كانت قضية الرواتب هذه ستسبب شرخا بين المحافظين والمعتدلين، اعتبر آبشناس أن الأمر هذه المرة لا يتعلق بصراع التيارات السياسية الإيرانية، رغم كل الانتقادات المتبادلة بينها، بقدر ما يرتبط بالشارع الإيراني، الذي أصيب بالصدمة جراء السواتر القانونية التي لجأ إليها المتورطون في أزمة الرواتب الفلكية.
ويؤكد عبدي، المعروف بدعمه لتيار الإصلاحيين، أن مهمة الحكومة الإيرانية أكبر من مجرد القيام بتعديل قانون إدارة الخدمات (المنظم للرواتب والأجور)، إذ تحولت قضية ما بات يعرف بـ"حقوق نجومي" إلى نقاش مسيطر على الرأي العام وخاصة بين الموظفين، الذين يبلغ متوسط رواتبهم الشهرية نحو 400 دولار، وفقا لتقارير اقتصادية دولية.
أبرز المتهمين
في يونيو/حزيران الماضي، سربت بعض المواقع الإيرانية الإلكترونية، وثائق تكشف عن تقاضي بعض المدراء والمسؤولين في مؤسسات حكومية لرواتب "فلكية" وصلت أحيانا إلى مائة ألف دولار شهريا، وتناولت الوثائق المسربة عددا من مدراء المؤسسات والمصارف وهو ما أدى لاستقالات وإقالات واعتقالات جماعية، من بينها تلك المتعلقة بالطاقم الإداري في مؤسسة تأمين إيران المركزية، التي بلغ راتب مديرها مرتضى حسني، 87 مليون تومان إيراني (25 ألف دولار) بينما تقاضى ملايين أخرى كمكافآت أو سُلف.
وثائق أخرى تتعلق بصندوق التنمية الوطني كشفت أن مديره صفدر حسيني كان يحصل على 56 مليون تومان كراتب شهري (16 ألف دولار) بالإضافة لمكافآت أعلى، ونشر "موقع دانا" وثيقة تتعلق بمستحقات المدير العام لبنك رفاه، علي صدقي، والذي تقاضى خلال عشرين يوما فقط مكافآت تعادل 230 مليون تومان (65 ألف دولار)، وعلّق رئيس مؤسسة التفتيش العامة القاضي ناصر سراج على الأمر قائلا إن "لدى صدقي بالذات ملفات ثقيلة للغاية، إذ أصر مقربون من الرئيس حسن روحاني على تعيينه في هذا المنصب"، وذكرت بعض المواقع أن المقصود هو شقيق الرئيس حسين فريدون.
موقع تسنيم نقل أن المدير العام لبنك كشاورزي، مرتضى شهيد زاده كان يقبض راتبا بلغ 50 مليون تومان شهريا (14 ألف دولار) فضلا عن حصوله على 500 مليون تومان (140 ألف دولار) كقرض غير مبرر ودون أسباب قانونية، ونشرت وكالة فارس وثائق تثبت أن المدير العام لبنك تجارت، محمد إبراهيم مقدم، حصل العام الماضي على مكافات بمبلغ 710 ملايين تومان (200 ألف دولار) دفعة واحدة بينما تعد تلك المبالغ مستحقات 21 شهرا بالأساس.
وفضلا عن المصارف تم نشر وثائق طاولت المسؤولين في الجامعة الحرة، أفادت بعض المواقع خلال الانتخابات التشريعية فبراير/شباط الماضي بأن المرشح وعضو الهيئة الرئاسية في البرلمان السابق علي رضا منادي، عضو مجلس إدارة الجامعة كان يحصل على 150 مليون تومان شهريا (43 ألف دولار)، ورد الرجل قائلا إنها "حملة تستهدف ترشحه الانتخابي"، لكن كشف راتبه الذي نشر شهر يوليو/تموز ضمن الوثائق المسربة أدى لإقالته ومسؤولين في الإدارة المالية.
ونشر القسم الاقتصادي لوكالة فارس مؤخرا، وثيقة تنقل أن المدير العام لبنك ملت، علي رستغار سرخه اي، مازال عضوا في الهيئة الإدارية لهذا المصرف، رغم نشر وثائق إدانته واعتقاله من قبل الحرس الثوري، لتقاضيه راتبا كبيرا سابقا، بينما اتهم رستغار بتلقي مبلغ 125ألف دولار من شركتين في الخارج خلال العام الماضي.
وبحسب المدعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري، فإن عدد المتورطين في فضيحة "حقوق نجومي"، يصل إلى 1600 من كبار الموظفين سسخضعون للتحقيق القضائي، بينما كانت الحكومة الإيرانية قد أعلنت بداية عن تورط 40 مسؤولا، ومن ثم أعلن الرئيس حسن روحاني عن ارتفاع عدد المتهمين ليتراوح بين 100 و400، ونقلت مصادر عن مسؤولين في البرلمان قولهم إن العدد بات نحو 950 شخصا.
ويفسر المستشار البرلماني للرئيس الإيراني، حسين علي أميري، زيادة أعداد المتهمين التدريجية، بوجود مشتبه بهم على علاقة بالقضية، مضيفا أن عدد المتورطين الحقيقيين لا يزيد عن خمسين شخصا، بحسب تصريحات نشرتها وكالة مهر.
ثغرة قانونية
يوضح الخبير الاقتصادي الإيراني علي إمامي، أن الوثائق المسربة لرواتب المسؤولين الفلكية، كشفت عن غياب رقابة الإدارة المركزية على مدراء المؤسسات، قائلا لـ"العربي الجديد"، "خلال سنوات سابقة سمح للمدراء بوضع رواتبهم بأنفسهم وحتى صرف المكافآت مستغلين ثغرات في القانون".
وبحسب مصادر، فإن تسريب المعلومات والوثائق المتعلقة برواتب المسؤولين الفلكية، تم من داخل المؤسسات الحكومية نفسها، بسبب الفروقات الكبيرة في الراتب بين المدراء والموظفين، موضحا أن تلك الفروق بعضها يصل إلى مائة ضعف، وهو ما خلق حالة من عدم الرضا.
في المقابل، ترجع الحكومة الإيرانية سبب المشكلة إلى قانون رواتب أعضاء الهيئة الوزارية والذي تم من خلاله تعيين رواتب هذه الفئة بمبالغ تزيد بسبعة أضعاف عن أدنى رواتب الموظفين الحكوميين، وضمن هذه الصيغة من قانون إدارة الخدمات تم استثناء أعضاء الهيئات العلمية الجامعية، القضاة، موظفي وزارة الاستخبارات، ديوان الحسابات والمسؤولين السياسيين في الخارجية، كما تم استثناء بعض المصارف وكان أولها مصرف الصناعة والمعادن، وسرى الأمر على المصارف الحكومية الأخرى وعلى مؤسسة التأمين، وهو ما أدى في النهاية إلى خلق هذه الأزمة.
الحرس الثوري على خط الأزمة
دخل الحرس الثوري على خط أزمة الرواتب الفلكية من باب ملاحقة المتورطين، إذ اعتقلت استخبارات الحرس عددا من المدراء المتهمين بهذه القضية، واعتبر قائده محمد علي جعفري في تصريحات نقلتها المواقع الرسمية أن الأمر لا يتعلق بمسألة رواتب وحسب، وإنما هناك ما هو أكبر من ذلك، متوقعا وجود شبكة فساد كبرى وأن تطاول القضية شخصيات سياسية لها علاقة بالأمر.
وسربت مواقع إيرانية أخبارا عن توجيه اتهامات ضمن القضية لقادة ومسؤولين في الحرس نفسه بتقاضي رواتب عالية، من بين هذه الأسماء رئيس مكتب العلاقات العامة رمضان شريف، والذي نفى الأمر في حوار مع صحيفة شرق.
ويبرر الخبير السياسي عماد أبشناس، تدخل الحرس الثوري بأنه يأتي من باب أن المهمة التي تقع على عاتق هذه المؤسسة العسكرية ترتبط بحفظ مبادئ وإنجازات الثورة الإسلامية، ولاسيما أن القضية تحولت لمسألة فساد طاولت بيت المال وأزعجت المواطنين بسبب وجود فروقات هائلة في الرواتب بين الموظفين الحكوميين.
كيف واجه المسؤولون الأزمة؟
في 22 يونيو/حزيران وعقب اجتماع مع أعضاء الهيئة الحكومية، دعا المرشد الأعلى علي خامنئي لاسترجاع أموال الرواتب، واصفا الأمر بخيانة الثورة الإسلامية، بينما تحملت الحكومة جزءا من المسؤولية، وبرر المتحدث باسمها محمد باقر نوبخت في مؤتمر صحافي عقد سابقا ما حدث بأنه يرجع إلى استثناء بعض المؤسسات من قانون الخدمات، وهو ما سمح لمدرائها بتعيين مستحقاتهم المالية، الأمر الذي أدى للقيام بتعديل سريع، فحددت الحكومة رواتب رؤساء السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية بثلاثة آلاف دولار تقريبا، ومستحقات مدراء الشركات الحكومية الكبرى وخاصة الاقتصادية بستة آلاف بأفضل الأحوال.
وعلى الرغم مما سبق مازالت الانتقادات توجه للرئيس روحاني الذي طالب نائبه إسحاق جهانغيري بمتابعة الملف جديا، وفي 4 يوليو/تموز الماضي، نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن مصدر قوله إن الحكومة تعد مشروعا لتقديمه للبرلمان قريبا لتوحيد نظام دفع الرواتب.
وتعليقا على الإجراءات الحكومية، قال رئيس تحرير صحيفة الوفاق الحكومية، مصيب النعيمي لـ"العربي الجديد"، إنه "من الطبيعي أن يكون هناك خلل في أي نظام، ونيل هذه الرواتب لم يكن اختلاسا وإنما كان يتم بشكل قانوني"، بينما أكد النائب البرلماني هادي بهادري، أن مجلس الشورى الإيراني لا يتحمل مسؤولية الأزمة، إذ لا يقوم بتجهيز التقارير الخاصة برواتب الموظفين، وإنما يتابع الأمر مع ديوان الحسابات، وأشار بهادري في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن التحقيقات مستمرة لكشف كل التفاصيل، واصفا مستحقات سبعين شخصا من المتهمين بـ"الفلكية"، واعتبر أنه كان من المبكر أن تتبادل وسائل الإعلام نشر أسماء المتهمين، قائلا: "البرلمان عليه إلغاء القوانين التي يستغل البعض ثغراتها، والحكومة كانت جدية في التعاطي مع الأزمة".
تأثير القضية على الانتخابات الرئاسية المقبلة
يرى مراقبون أن ملف القضية قد يحاصر الرئيس حسن روحاني خلال الاستحقاق الرئاسي القادم (مايو/أيار 2017) إذ يركز منتقدو الحكومة عليه، كما تعمد المواقع المحسوبة على الطيف المحافظ إلى نشر الوثائق وكل التصريحات المتعلقة بالقضية مثل وكالة أنباء فارس، و "تسنيم" وموقع صحيفة كيهان وغيرها.
ويعتقد الخبير السياسي آبشناس بهذا الصدد أن حالة الامتعاض الشعبية من القضية تخلق تحديا حقيقيا لروحاني، وردا على سؤال عما إذا كانت قضية الرواتب هذه ستسبب شرخا بين المحافظين والمعتدلين، اعتبر آبشناس أن الأمر هذه المرة لا يتعلق بصراع التيارات السياسية الإيرانية، رغم كل الانتقادات المتبادلة بينها، بقدر ما يرتبط بالشارع الإيراني، الذي أصيب بالصدمة جراء السواتر القانونية التي لجأ إليها المتورطون في أزمة الرواتب الفلكية.