الركود يضرب مصر: "صوم إجباري" للمستهلكين والتجار
خيّم الركود على أسواق مصر، ليعجز موسم شهر رمضان عن تحريك المبيعات، في ظل تراجع القدرات الشرائية لأغلب المصريين بشكل كبير، ما يجعل الصوم هذا العام إجباريا للتجار والمواطنين، على حد سواء.
ويشكو تجار، في مقابلات مع "العربي الجديد"، من تراجع مبيعاتهم بنحو كبير، خلال الموسم الحالي، مقارنة بالموسم السابق.
ويقول محمد الزهيري، رئيس شعبة المواد الغذائية في محافظة القليوبية شمال العاصمة القاهرة، إن "هناك ركودا في تداول السلع الغذائية على غير المعتاد قبيل رمضان، لتراجع القوى الشرائية لغالبية فئات الشعب"، مشيرا إلى أن مبيعات السلع الغذائية تراجعت بنحو 20 في المائة، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي 2018.
ولم تجد العروض التي تقدمها المتاجر الكبرى وغيرها من الأسواق عبر خفض أسعار بعض السلع في جذب المشترين. ويقول ممدوح الصعيدي، تاجر عطارة ومواد غذائية في القاهرة، إنه "بالرغم من انخفاض أسعار الياميش (السلع الرمضانية والمكسرات) عن العام الماضي بنحو 15 في المائة بالمتوسط، إلا أن حركة البيع لم تكن مرضية هذا العام، مقارنة بالعام الماضي".
ويضيف، لـ"العربي الجديد"، أن "بعض التجار كانوا يعتمدون في مبيعاتهم على تجهيز "شنط" رمضان، التي يوزعها المقتدرون على الفقراء، وتضم تمرا وزيتا وسكرا وسمنا وأرزا، لكن هذا العام تراجع الكثيرون عن تجهيز مثل هذه الشنط (حقائب).
وغيّرت الظروف المعيشية الصعبة الكثير من عادات المصريين والأنماط الاستهلاكية، فلم يعد بمقدور المصريات تخزين السلع الأساسية قبيل حلول رمضان كما كانت العادة من قبل في أعوام ماضية.
يقول صبري محمد، أحد تجار التجزئة في مدينة حلوان (جنوب القاهرة) إن نسبة الإقبال على شراء السلع والتخزين التي تقوم بها النساء هذا العام تكاد تكون معدومة مقارنة بالأعوام الماضية، مشيرا إلى أن ذلك سببه ترّدي الظروف الاقتصادية لأغلب المصريين.
وأنهكت الزيادات المتلاحقة في أسعار السلع والخدمات التي تفرضها الحكومة، منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الحكم في 2014، ميزانيات السواد الأعظم من المصريين، لاسيما متوسطي الدخل الذين ظلوا المحرك الأكبر للأسواق في السنوات الماضية، وفق الخبير الاقتصادي أحمد إبراهيم.
وأدى تحرير سعر الصرف نهاية 2016، إلى تهاوي قيمة الجنيه بما يقارب 100 في المائة، ما أشعل أسعار مختلف السلع، كما فرضت الحكومة المزيد من الضرائب على الاستهلاك، ما قلص القدرات الشرائية إلى حد كبير.
وتواصل الحكومة سياسات زيادة الضرائب، ووفق البيان المالي، فإنها تستهدف زيادة إجمالي حصيلة الضرائب نحو 13 بالمائة إلى 856.6 مليار جنيه، من 759.6 مليارا متوقعة في 2018/ 2019، منها 364.6 مليار جنيه من ضريبة القيمة المضافة.
ويقول الخبير الاقتصادي سرحان سليمان، إن الأوضاع الاقتصادية السيئة للمواطنين وارتفاع الأسعار، وراء ركود الأسواق، مشيرا إلى أن هذه الظروف جعلت الكثير من المناسبات عاجزة عن تحريك المبيعات.
وسجّل التضخم السنوي 13.8 في المائة، خلال مارس/آذار الماضي، مقابل 13.1 بالمائة في نفس الشهر من 2018، وفق تقرير الجهاز المركزي والتعبئة والإحصاء (حكومي)، الصادر في إبريل/نيسان الماضي.
ومنذ يونيو/حزيران 2018، شهد التضخم السنوي عودة صعوده، للمرة الأولى، بعد 10 أشهر من الهبوط المتواصل، وفق البيانات الحكومية، التي يشكك خبراء اقتصاد في شفافيتها. وكان التضخم قد بلغ الذروة بـ 34.2 بالمائة في يوليو/تموز 2017.