لم تكن اللحظات التي استشهد فيها الشاب خير الدين حمدان، ابن قرية كفر كنا الجليلية، إثر إطلاق الشرطة الإسرائيلية النار عليه وقتله بدم بارد، عادية، بل كانت هناك رصاصات أخرى تتطاير في الهواء، ورصاصة استقرت في بيت الجار إدوار خوري، كان يمكن أن تتسبب باستشهاد شخص آخر، حسب ما قال خوري في حديث لـ "العربي الجديد".
ويضيف خوري "سمعت صوت إطلاق نار وصراخ، خرجت إلى النافذة وشاهدت الشهيد خير في لحظاته الأخيرة كان يصرخ ويقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ثم قامت الشرطة بتحميله بالسيارة".
وتابع "في هذه اللحظات كان الوضع مرعباً جداً، واكتشفت لاحقاً أن إحدى الرصاصات اخترقت النافذة واستقرت في بيتي. في تلك اللحظات كنت أنا وابني قرب النافذة مصادفة. في الواقع هذا الأمر زادني صدمة، فكان يمكن أن أُقتل أنا أو ابني. تلك الرصاصة لم تكن لتصيب ولكنها كانت لتقتل بالتأكيد لو أصابت أحدنا. ما زلنا في البيت نعيش ذلك الكابوس وتلك اللحظات الصعبة. زوجتي أيضاً في حالة نفسية سيئة جراء استشهاد الشاب وقصة تلك الرصاصة".
وذكر خوري أن عناصر من وحدة التحقيقات مع رجال الشرطة (ماحاش) وصلوا إلى بيته وأخذوا الرصاصة في اليوم التالي للجريمة. ولم تذكر الشرطة في بياناتها هذه الرصاصة التي كادت أن تتصيّد روح شخص آخر بريء، وقد تُعتبر دليلاً اضافياً على إهمال الشرطة وعدم اكتراثها لحياة العرب.
إلى ذلك يواصل الآلاف من أبناء الداخل الفلسطيني والقدس المحتلة، التوافد إلى بيت عائلة حمدان. وأكد والد الشهيد، رؤوف حمدان، في حديث لـ "العربي الجديد"، بعد أن استجمع بعض قواه الخائرة، أنه "لم يعد يستطيع الكلام. هذه أيام صعبة جداً. لقد قتلوا روحنا بقتل خير. من ناحية هو ابني، ومن جهة أخرى هو قضية بحدّ ذاتها، تنضم إلى قضيتنا الأكبر في هذه البلاد".
وأضاف "عندما أقدم يهودي إسرائيلي على قتل رئيس الوزراء السابق إسحق رابين، لم يقتلوه وإنما وضعوه في سجن فيه الكثير من الرفاهية وسمحوا له بالزواج والإنجاب، لذلك فكل تبريراتهم لقتل ولدي كاذبة ولا يقبلها منطق ولا قانون ولا أخلاق".
وحول تهديد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حول سحب جنسيات فلسطينيي الداخل، قال حمدان "لا نتنياهو ولا غيره يمكنهم سحب جنسيتنا ونحن أصحاب البلاد". وحذّر من أنه "فيما لو أغلقت وحدة التحقيقات مع أفراد الشرطة (ماحاش) ملف القضية، فسيتم التوجه إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، وإذا لم تستجب هي أيضاً فسنتوجه للأمم المتحدة، وسنستخدم مقطع الفيديو الذي يُثبت إعدام ابني بدم بارد".
من جهته، لفت صالح امارة، ابن عم الشهيد في حديث لـ "العربي الجديد"، إلى أن "الجميع يؤكدون وقوفهم إلى جانبنا ويستنكرون وحشية الشرطة الإسرائيلية. ما تمّ هو عملية إعدام، ولذلك فكل مزاعم الشرطة بأن خير شكّل خطراً عليها، هي أكاذيب كبيرة فضحها تسجيل الفيديو. ولا تقف الأمور عند هذا الحد فهناك شائعات تروّج في الوسط اليهودي بأن خير رمى قنبلة على الشرطة".
وترأس رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، والقائم بأعمال رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، مازن غنايم، وفداً قدم العزاء للعائلات، بمشاركة عدد من القيادات ورؤساء السلطات. وأكد غنايم في حديث لـ "العربي الجديد" أنه "ستتم متابعة الملف حتى النهاية، فالجريمة التي وقعت تدل على وجود نوايا مبيتة للقتل، ولا يعقل أن تقوم الشرطة بقتل مواطن، في حين يفترض أن تكون هي من يحميه. وإطلاق النار على الجزء العلوي من جسد الشاب يؤكد النوايا المبيتة".
واختتم غنايم حديثه بأنه "لا يعوّل على وحدة التحقيقات من أفراد الشرطة، ولكن هذا لا يتنافى من مطالبتها بإجراء تحقيق جاد حول الجريمة وسنتوجه للمؤسسات الدولية وقت اللزوم". واستنكر طلاب المدارس في الداخل الفلسطيني، عملية الإعدام، بتظاهرات مندّدة، أمس.