الرسوم والطاقة تهدّدان صناعة الإسمنت في السودان

30 سبتمبر 2016
إنشاءات في العاصمة السودانية (عصام الحاج،فرانس برس)
+ الخط -
ظلت العقوبات الأميركية على السودان عقبة في تطور صناعة الإسمنت التي جذبت العديد من الشركات العربية والخليجية على مدار السنوات الماضية، إلا أن نقص الطاقة والرسوم المتعددة التي تفرضها الحكومة والولايات المختلفة على الصناعة باتت أكثر تهديداً لمعدلات الإنتاج.
وفي فترة السنوات الماضية، فترة سريان قرار الحظر الأميركي، عانت صناعة الإسمنت من معوقات متعددة، أسهمت مجتمعة في تدني إنتاجية القطاع وأصبح الإنتاج لا يكفي لتلبية سوى نسبة قليلة من حاجة السوق المحلي، كما ارتفعت أسعاره بشكل كبير في ظل تصاعد تكاليف الإنتاج.
وتعزو وزارة الصناعة أسباب انخفاض المنتج المحلي إلى الشح المتواصل في الطاقة اللازمة لتشغيل المصانع وارتفاع أسعارها، وكذلك تعدد الرسوم المختلفة المفروضة على الصناعة.
ويقول هيثم فتحي، خبير الاقتصاد لـ "العربي الجديد"، إن الطاقة تعتبر المشكلة الأساسية التي ظلت المصانع تعاني منها لفترات طويلة، خاصة الغازولين والكهرباء، إضافة إلى عدم توفر النقد الأجنبي الذي تحتاجه المصانع بصورة مستمرة لاستيراد قطع الغيار والرسوم الحكومية المتعددة سواء المركزية أو التي تفرضها الولايات.
وحسب تقرير الإدارة العامة للصناعة والبيئة في ولاية نهر النيل، والتي تقع ضمن حدودها 4 مصانع للإسمنت، فإن أبرز مشاكل صناعة الإسمنت هي صعوبة الحصول على مدخلات الإنتاج وعدم وجود الطاقة، خاصة في فصل الصيف.
ويشير فتحي إلى أن التكلفة المرتفعة في السودان لا تسمح بالمنافسة عالمياً، كما أن حجم الطلب في السوق غير مستقر لعدة أسباب، لافتا إلى أن تكلفة الطن في الكثير من الدول الأفريقية يبلغ نحو 37 دولاراً في حين يصل في السودان إلى 114 دولاراً، تضاف إليه الرسوم المحلية التي تصل إلى نحو 20 دولاراً.


ووضعت وزارة الصناعة السودانية خطة للنهوض بقطاع الإسمنت وزيادة حجم الاستهلاك المحلي وتصدير الفائض، مشيرة إلى عزمها إزالة كافة العوائق التي تعترض هذه الصناعة، بغية توفير فرص عمل للعاطلين وإنعاش القطاعات المرتبطة بها وتنمية الريف بما يقلل من الهجرة إلى المدن وإقامة مصانع تعبئة تلبي احتياجات مصانع الإسمنت.
وأظهر تقرير حديث للوزارة أن حجم الاستثمارات الأجنبية في قطاع الإسمنت بلغ 1.6 مليار دولار، بإنتاج 3.6 ملايين طن من إجمالي طاقة إنتاجية مستهدفة تبلغ 6.7 ملايين طن. وتعمل في السودان ستة مصانع هي عطبرة (استثمار سعودي)، السلام (شراكة سودانية سعودية)، التكامل (شراكة سودانية مصرية)، بربر (شراكة سودانية إماراتية سعودية)، الشمال (شراكة إماراتية عراقية) والنيل الأبيض (استثمار من دولة جنوب أفريقيا).
وتعول شركات الإسمنت على رفع العقوبات الأميركية لتعزيز نشاطها. وكان مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية، قد أعلن في وقت سابق من العام الحالي عن إزالة شركة "عطبرة" من قائمة الشركات التي يشملها الحظر الأميركي.
ويقول عبدو داؤود، وزير الدولة بالصناعة في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن استثناء شركة إسمنت عطبرة جاء لأنها مملوكة للقطاع الخاص وليست حكومية، مشيرا إلى أن من شأن هذه الخطوة إحداث تغيير إيجابي لصناعة الإسمنت وإتاحة الفرصة للشركة لجلب تقنيات حديثة كان الحصول عليها غير متوفر في ظل الحظر الأميركي.
ويؤكد عثمان البدري، خبير الاقتصاد أن استثناء الإسمنت من العقوبات الأميركية يعد مؤشراً على استعادة القطاع الحيوي عافيته، لافتا إلى أن هذه الصناعة يمكن أن تتطور بشكل ملحوظ.
ونتيجة للعقوبات الأميركية، أضحت العديد من القطاعات تعاني من الحصول على الآلات والمعدات الحديثة وقطع الغيار التي تسمح باستمرار العمل.
وحسب وزارة الخارجية السودانية، تقود الصين وروسيا وقطر والسعودية مساعي رفع الحصار الاقتصادي عن البلاد. وقال وزير الدولة بالخارجية عبيد الله محمد عبد الله في تصريحات صحافية مؤخراً إن هناك "تفاهمات بين واشنطن والخرطوم" بهذا الشأن.
وكان مدير مركز أفريقيا في المجلس الأطلسي، برونين بروتون، قد ذكر في تقرير نشره مركز "بوليتزر" بواشنطن مؤخراً، أن العقوبات الأميركية أثرت على الخرطوم وزادت معاناة المواطن السوداني.
وتوقع بروتون رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان خلال فترة الإدارة الأميركية المقبلة، كاشفاً عن مساع لقادة وخبراء في واشنطن لإعادة تقييم العلاقة مع السودان بعد تأكدهم من رغبة السودان في تحسين علاقاتها بالولايات المتحدة.

المساهمون