الرسم ردّاً على القصف.. فنان من غزة يقهر العدوان

17 يوليو 2014
تصميم المصوّر الفلسطيني بلال خالد
+ الخط -

"حتّى من الألم والدمار نصنع قصص أمل وحياة". عبارةٌ تختصر الواقع الفلسطيني عموماً، وتحديداً، واقع قطاع غزّة الذي يتعرّض الى عدوان إسرائيلي متواصل لليوم التاسع على التوالي. إذ يستغلّ أهل غزّة أيّ ظروف لإثبات مدى قدرتهم على التحدّي والصمود. ومنهم شاب فلسطيني راح يحوّل كلّ غارة إسرائيلية إلى لوحة فنية. وذلك بواسطة تحوير الدخان المتصاعد من المباني المقصوفة، بعد الغارة، إلى وجوه وأشكال فيها من الفنّ ما فيها ومن التحدّي. 

أحد أعمدة الدخان حوّلها إلى رسم سيّدة تقف في السماء لتتفقّد أحوال غزّة بعد القصف، وآخر حوّله إلى علامة نصر، وثالث صوّره في شكل وجه إنسان هَرِم ينظر بتأمّل وألم ويراقب ما يحصل في المدينة.

يحاول القائمون على الفكرة، من خلال تلك اللوحات، بعث رسالة، هدفها ترسيخ عبارة الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش "على هذه الأرض ما يستحقّ الحياة". وهي شكل من أشكال مواجهة الاحتلال. "جاءتني الفكرة بسبب كثرة صور القصف التي أصوّرها وأقوم بتوثيقها، خصوصاً أنّني أمتلك هواية الرسم"، يقول المصوّر الفلسطيني بلال خالد، صاحب فكرة الرسم المستوحى من الأشكال الناتجة عن دخان القصف.  

يُخيّل للشاب العشريني أن مشاهد القصف الإسرائيلي، وأعمدة الدخان المتصاعد بعد القصف، هي لوحات فنية تكشف مدى رسوخ الفلسطيني، حتّى في أحلك الظروف التي يتعرض خلالها إلى عدوان غير إنساني، في ظلّ صمت عربي. وهي محاولة منه لإيصال صوت شعبه عبر الرسم والصور.

ويضيف المصور بلال في حديث لـ"العربي الجديد": الرابط الحقيقي بين مشاهد القصف والفنّ هو أنّ الفنّ لا تحدّه ظروف ويمكن من خلاله التعبير عن الواقع الصعب عبر طرق إبداعية جديدة، وأنّ الفنان الفلسطيني كما المقاوم (الذي يقاتل بالسلاح) من الصعب أن يُقهَر، لأنّه يستخدم أفكاره وريشته لخلق عالم آخر من العالم الصعب الذي يعيشه، وليرسم لوحة جميلة عن غزة. 

وفي رأيه أنّ "الفنّ الفلسطيني نوع من أنواع المقاومة يرعب الاحتلال"، مستشهداً باغتيال الفنان الفلسطيني، ناجي العلي، "الذي فضح إسرائيل برسوماته النارية، والذي يُعتبَر من رموز الفنَ الكاريكاتوري على مستوى الوطن العربي" ومات شهيداً بسبب رسوماته.

ويضيف بلال: رسالتي أنّ القصف الإسرائيلي المتواصل على غزّة، والذي يطال كلّ أشكال الحياة، لن يرهبنا، رغم استهدافه كلّ مقومات العيش في مدينتي، فالقصف أصبح بمثابة الورقة التي نستخدمها كخلفية لعملنا الفني. 

هي صور تؤكّد أنّ قطاع غزّة لا يملأه الخوف والموت فقط، وشعبه يحبّ الحياة والسلام والاستقرار. وقد انتشرت بسرعة على مواقع التواصل الاجتماعي وحظِيَت باهتمام وسائل الإعلام المحلية والدولية "أكثر التعليقات التي أعجبتني أنّنا شعب نخلق من القصف والحصار إبداعاً، شعب لا تهمّه الظروف المحيطة".

تقول الشاعرة الفلسطينية، نور بعلوشة، في حديث لـ"العربي الجديد" إنّه "من الرائع أن يجسّد الفلسطيني حالة حبّ فلسطين والأرض وحالة الأمل عبر أشكال الإبداع كافّة". وتضيف: شعبنا الفلسطيني زاخر بمختلف التجارب النضالية التي تؤكّد عظمته وعظمة قضيته، وكلّ واحد منّا يمكنه خدمة وطنه بطريقته، أنا بكلمتي وصديقي بكاميرته وقلمه وصديقتي بريشتها، لنخرج بصورة مضيئة تبيّن مساحات الحياة في قلوبنا التي تتوق إلى الحرية.

المساهمون