منذ الساعات الأولى من صباح الخميس، بدأت الحياة تعود تدريجياً إلى العديد من شوارع العاصمة المغربية، الرباط، بعد نحو 3 أشهر من فرض الحجر الصحي وما استلزمه من تقييد للحركة وللأنشطة الاقتصادية. رغم ذلك، بقي الحذر سائداً في الشوارع المغربية، بعد تسجيل ارتفاع في الإصابات، مع بدء مرحلة تخفيف الحجر الصحي.
في شارع محمد الخامس، القلب النابض للعاصمة المغربية، بدت حركة المرور كثيفة، بعد عودة الروح إلى المحلات التجارية والمقاهي والمطاعم، التي سارعت منذ أمس الأربعاء، إلى الاستعداد لاستقبال زبائنها، واتخاذ التدابير الاحترازية كافة، التي فرضتها السلطات الصحية لتفادي تفشي فيروس كورونا.
مشهد اليوم الأول من تخفيف الحجر الصحي، في الرباط، لم يختلف بين منطقة وأخرى إلا في تفاصيل صغيرة. فبينما عادت مظاهر الحياة الطبيعية إلى أهم معالم العاصمة، اختار العديد من المواطنين التنزه في الحدائق والغابات، والتوجه إلى شاطئ الرباط، للترويح عن أنفسهم، بعد أن لازموا بيوتهم مدة طويلة.
تقول سعاد حاجي، وهي أم التقاها "العربي الجديد"، في حديقة شارع محمد الخامس: "كنت مضطرة إلى مغادرة البيت، بسبب ضغط وتوسّلات أطفالي للتنزه، في أول يوم من تخفيف الحجر. إذ تجربة الحجر كانت قاسية وغير مسبوقة، مررنا بها، وأثرت فينا نفسياً، صغاراً وكباراً، لكن ذلك لا يمنعنا من الحذر والالتزام بالتباعد الاجتماعي، لأنّ الوضع ما زال خطيراً".
"السويقة"، القلب التجاري النابض للمدينة العتيقة، عادت لتعج بالحياة والحركة، واستعادت سحرها ونكهتها، بعد أن هجرها تجّارها وزبائنها وأوصدت محالها، خلال فترة الطوارئ الصحية، التي كانت قد فرضت في 20 مارس/آذار الماضي، بعد انتشار فيروس كورونا في البلاد.
في الأحياء الشعبية أيضاً، مثل حي التقدم، خرج الناس من منازلهم، بعد فترة الحجر الطويلة، إلاّ أنّنا لاحظنا، هنا، عدم التزام العديد من الذين غادروا بيوتهم للعمل أو قضاء حوائجهم أو السير في الطرقات، بالتدابير الوقائية مثل ارتداء الكمّامات والتباعد الاجتماعي.
وخلال جولة لـ "العربي الجديد" في الحيّ الشعبي، زوال الخميس، كانت الأسواق تعمل، كما في أيامها العادية، والمواطنون يتبضّعون ويواصلون حياتهم الطبيعية. فيما فضّل آخرون تمضية أوقاتهم في المقاهي الشعبية، التي عادت للعمل بعدما يربو عن 3 أشهر من الإغلاق، جراء فرض حالة الطوارئ الصحية.
يقول مصطفى، صاحب محل لبيع الألبسة، في حيّ التقدم: "نحمد الله على قرار السلطات التخفيف من الحجر الصحي، بعد أن عانينا الأمرين مع الوباء وإغلاق المحال التجارية، فالكثير منّا تأثّر مادياً، كما أصبح العديد من العاملين معنا عاطلين عن العمل. الآن يمكن أن نبحث عن لقمة العيش، بكل حرية، لتغطية تكاليف الحياة".
وبالتزامن مع دعوات السلطات الصحية المواطنين إلى الحذر واتباع الإجراءات اللازمة للوقاية من كورونا، بدا، من خلال حديث "العربي الجديد" مع عدد من المواطنين، أنّ هناك خوفا تسرّب إلى نفوس البعض، بعد العودة إلى الحياة الطبيعية، في حربهم ضد "عدو خفي".
إذ يقول أحمد العرباوي، وهو عامل في شركة خاصة: "في ظلّ عودة عداد إصابات كورونا إلى الارتفاع، وعدم تقيد بعض المواطنين بارتداء الكمّامات، فإنّ الوضع يقتضي أخذ الحيطة والحذر وعدم المغامرة بالعودة إلى حياتنا الطبيعية دون اتباع الاحتياطات". ويضيف، في حديث للموقع: "ما يخيفني هو أن تذهب الجهود والتضحيات التي بذلت على امتداد ثلاثة أشهر سدى، بسبب عدم التزام البعض واستهتارهم بالإجراءات اللازمة للوقاية من الفيروس القاتل، خاصة في الأوساط المهنية".
ويطرح التخفيف من الحجر الصحي والالتزام بالتدابير الاحترازية، تحديات أمام السلطات المغربية، لا سيما في ظل ظهور بؤر وبائية في الأوساط المهنية، في العديد من المناطق، ما دفع وزارة الصحة إلى التأكيد أنّ ارتفاع الإصابات يتطلّب ضرورة احترام التدابير الوقائية المتّخذة (استعمال الأقنعة، غسل اليدين باستمرار، احترام مسافة الأمان، والتباعد الجسدي)، والتقيد بالنصائح الخاصة بالوسط المهني.
وكانت الحكومة المغربية قد أعلنت عن إجراءات جديدة للتخفيف من الحجر الصحي، المفروض منذ ثلاثة أشهر، وذلك بالإعلان عن تخفيف يشمل كافة المناطق بمختلف تصنيفاتها، يعيد جل الأنشطة لطبيعتها، باستثناءات محدودة.
وبحسب الخطة التي وضعتها الحكومة المغربية للمرحلة الثانية من تخفيف الحجر الصحي، تم اعتباراً من اليوم الخميس، السماح للمقاهي والمطاعم بتقديم خدماتها بعين المكان، مع عدم تجاوزها، نسبة 50 في المائة من طاقتها الاستيعابية، واستئناف الأنشطة التجارية بكامل المراكز التجارية، وفق شروط محددة، فضلا عن إعادة فتح محلات الترفيه والراحة، كالقاعات الرياضية والحمامات، مع عدم تجاوزها نسبة 50 في المائة من طاقتها الاستيعابية، واستئناف الأنشطة المرتبطة بالإنتاج السمعي البصري والسينمائي.
كما تم استئناف رحلات النقل العمومي بين المدن، سواء الطرقي أو السككي، صباح الخميس، وذلك وفق شروط محددة، فضلا عن استئناف الرحلات الجوية الداخلية.