الرئيس التشادي يتوسّع في أفريقيا بمباركة فرنسية

07 فبراير 2015
ديبي يعطي أدواراً لجيشه تتخطى حدود تشاد (فرانس برس)
+ الخط -

شهدت دولة تشاد في الثالث من شهر فبراير/شباط الحالي "يوم شهداء الديمقراطية"، الذي دعت إليه المعارضة التشادية، للدلالة على صعوبة العمل السياسي في دولة تشاد، وعلى تسلّط الرئيس إدريس ديبي على مقاليد الحكم منذ سنة 1990 ورفضه تقاسم السلطة مع المعارضة.

وقد اجتمعت المعارضة المدنية التشادية في 16 و17 و18 يناير/كانون الثاني الماضي في نجامينا لمناقشة الوضع السياسي في البلاد. ولاحظت أن "الإطار الوطني للحوار السياسي" حاد عن مهمته كواجهة بين الأحزاب السياسية والحكومة في بحثها عن إجماع حول "مسار انتخابي حر ويتمتع بمصداقية"، مشيرة إلى استحالة قدرة النظام على تنظيم انتخابات تشريعية، وإلى إقدامه على مُصادرة وسائل الإعلام العامة وحرمان أحزاب المعارضة من الإذاعة والتلفزيون الرسمي، موجّهة تهديداً بمقاطعة الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.

وبالفعل صفا الجو لديبي الذي استطاع أن يحكم تشاد بقوة السلاح ويفرض نوعاً من الاستقرار لم تعهده البلاد منذ عقود، وبعد أن بدأ البلد ينعم بعائدات النفط منذ عام 2003. كما أن ديبي يستمد قوة إضافية جراء ضعف وتشتت المعارضة التشادية التي أصبحت غير مؤثرة على المشهد السياسي، بعد أن خفَتت أصوات المعارضة العسكرية التي كانت تحظى في السابق بدعم من السودان وليبيا، وكانت قواتها تصل إلى مشارف العاصمة نجامينا، وتكاد تستولي عليها لولا الدعم العسكري الجوي الفرنسي المباشر لديبي.

ويبدو أن الرئيس التشادي مدرك لقوته واستقرار نظامه، ومرتاح لغياب أي هجوم عسكري من المعارضة، فبدأ يمنح لبلده وجيشه، أو الموالين له، أدواراً تتجاوز قوة دولة تشاد. وما انخراط الجيش التشادي في مغامرات عسكرية عديدة في أفريقيا إلا دليل على إحساسه بأنه يناسب الدور المرسوم له، فرنسيّاً وأطلسياً.

فبعد إرسال قوات عسكرية إلى أفريقيا الوسطى لمشاركة فرنسا في قلب النظام هناك، اضطر للانسحاب بعد اتهامات لقواته بارتكاب جرائم طائفية في البلد. ثم شارك بعدها في حروب فرنسا في مالي والنيجر، بدعوى محاربة الإرهاب، ودفع الجيش التشادي ثمناً غالياً في العتاد والجنود. ووصل الأمر بالرئيس التشادي، إلى أن يكون هو، من يُعلن عن قتلى القاعدة وحلفائها، قبل تصريحات القادة العسكريين الفرنسيين الميدانيين.

ولا يتوقف ديبي عن الدعوة لإشعال القارة الأفريقية بالحروب، وكان آخرها توجيه نداء مُلحّ لحلف شمال الاطلسي ليُكمل ما بدأه في ليبيا، قبل ثلاث سنوات، ويتحالف مع قائد "عملية الكرامة" اللواء خليفة حفتر.

ولأن فرنسا لا تزال غارقة في الرمال الأفريقية، بعد تدخّلها في مالي وانهماكها في حرب الاستنزاف، قرر ديبي أيضاً، التدخّل في نيجيريا والكاميرون، في إطار حربه على جماعة "بوكو حرام". ويدل تدخّل قوات دولة صغيرة وفقيرة كتشاد في أراضي دولة عظمى وغنية كنيجيريا وأيضاً في الكاميرون، على أن ديبي يسعى للعب أدوار كبيرة.

ولا يبدو أن أحداً يُوقف طموح ديبي، إذ دعا إلى لقاء في نجامينا يمتد من 16 فبراير/شباط الحالي إلى 9 مارس/آذار، للقيادات العسكرية للعديد من الدول الأفريقية وأعضاء حلف شمال الأطلسي، من أجل وضع "تصوّر أعمال مشتركة ضد الحركات الجهادية". وقد أعلن عن مشاركة 1300 ممثل عن القوات العسكرية المعنية.

ويأتي كل هذا بعد أن أرست القوات الفرنسية في نجامينا قيادة عملية "الشمال"، التي تتحكم في العمليات التي تستهدف منطقة الساحل الأفريقي والصحراء.

ولكن تساؤلات تطرح عن حقوق الإنسان في تشاد التي تتعرض منذ أكثر من عقدين، لانتكاسات ضخمة، وكان "يوم شهداء الديمقراطية" الذي أعلنت المعارضة عن تنظيمه مثالاً على ذلك.