ولمحت الرسالة، التي كشفتها تسريبات صحافية أفغانية، إلى أن المفاوضات بين "طالبان" والحكومة الأفغانية، التي علق عليها الأفغان آمالهم لن تفضي إلى أي نتيجة، بعدما رفضت القيادة العسكرية في "طالبان" أي نوع من الحوار في ظل الاحتلال الأميركي.
وطلب الرئيس الأفغاني من القيادة الباكستانية فرض الإقامة الجبرية على جميع قيادات "طالبان أفغانستان" المتواجدين في باكستان، أو إلقاء القبض عليهم وإحالتهم إلى المحاكم، مع القضاء على شبكة حقاني وشن عملية ضدها وضد "طالبان أفغانستان"، على غرار العملية التي يشنها الجيش الباكستاني ضد "طالبان باكستان" في المناطق القبلية. كما دعا القيادة الباكستانية إلى إدانة أعمال "طالبان" العسكرية في أفغانستان، وعدم معالجة جرحاها داخل المستشفيات الباكستانية.
وحول مدى صحة نبأ رسالة الرئيس الأفغاني إلى باكستان، قال مسؤول كبير في الحكومة الأفغانية، فضل عدم نشر اسمه، لـ "العربي الجديد"، إن الرئيس الأفغاني فعلاً دعا القيادة الباكستانية، من خلال رسالته الحاسمة، إلى العمل بالوعود التي حملتها على عاتقها مع أفغانستان، وأمهلها مدة شهر لترجمة تلك الوعود على أرض الواقع.
وجاء نبأ رسالة الرئيس، بعد زيارة نائب وزير الخارجية الأفغاني حكمت قرضاي إلى إسلام آباد الأسبوع الماضي، وأكد بعدها الأخير أنه أوضح للقيادة الباكستانية أن أفغانستان تريد من باكستان العمل ضدّ "طالبان"، وأنها غير قادرة على إقناعها بأن المفاوضات مثمرة لإنهاء الأزمة الأمنية في أفغانستان، وأنه آن الأوان أن تقوم إسلام آباد بتجميد مصادر دخل الحركة، لافتاً إلى أن القضاء على معاقل "طالبان" والجماعات المسلحة التي تعبث بأمن أفغانستان، أساس التعاون بين الدولتين.
ورغم أن باكستان طلبت وبشدّة من حركة "طالبان" الوقف الفوري لعملية الربيع ضد القوات الأفغانية والدولية، غير أنها تتشاور حالياً بشأن رسالة الرئيس الأفغاني الأخيرة. وبحسب مصادر في الحكومة الأفغانية، فإن الجلسة الأخيرة لرئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف مع قائد الجيش الجنرال راحيل شريف وقائد الاستخبارات العسكرية الجنرال رضوان أختر، التي انعقدت مساء السبت في إسلام آباد، كانت لهذا الغرض.
ومما لا شك فيه أن الحكومة الباكستانية في موقف حرج للغاية، فالرئيس الأفغاني سبق أن اتخذ قرارات صارمة بشأن علاقات بلاده مع جيرانها، ومنها إرجاء العديد من الاتفاقيات العسكرية مع الهند، وتوقيع اتفاقية تبادل المعلومات الاستخباراتية مع باكستان، رغم استياء الهند، ومعارضة بعض الجهات الأفغانية، بمن فيها الرئيس الأفغاني السابق حامد قرضاي.
اقرأ أيضاً: باكستان تتهم الهند بدعم الإرهاب و"طالبان"
وعلى الأرجح، لن تخاطر باكستان في ضياع هذه الاتفاقية، التي تقوض النفوذ الهندي في أفغانستان، وهو ما وعد به الرئيس الأفغاني. لكن من جهة ثانية، ثمة مخاوف من أن تنقلب "طالبان أفغانستان" على باكستان، إذا ما زادت الضغط عليها، خصوصاً وأنها تبحث عن البديل، وزيارات وفود "طالبان" المتكررة إلى طهران تأتي في هذا الإطار. إضافة إلى أن طهران ترغب في توطيد علاقاتها بحركة "طالبان" بل وفي احتضانها، كي تستفيد منها في صراعاتها الإقليمية، خصوصاً وأن الحركة أطلقت خلال الأيام الأخيرة حرباً على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في بعض مناطق أفغانستان، وغدت وسائل الإعلام الإيرانية تنشر أخبار انتصارات "طالبان" على (داعش). كما أن استقبال القيادة الإيرانية لوفد "طالبان" الأخير يشي بالتقارب بين طهران و"طالبان".