الذكرى الرابعة للتدخل الروسي في سورية... هل حققت موسكو أهدافها؟

30 سبتمبر 2019
كان التدخل الروسي حاسما لبقاء نظام الأسد (فرانس برس)
+ الخط -
تناولت بعض الصحف الروسية، اليوم الاثنين، نتائج التدخل العسكري الروسي في سورية بذكراه الرابعة، والذي عزز من الوجود العسكري الروسي في الشرق الأوسط، وساهم بشكل حاسم في بقاء نظام حليفها، بشار الأسد، لكن دون أن يحقق تسوية نهائية للأزمة السورية، واستئصالا لأسباب تفاقمها، وسط تنامي النفوذ الإيراني على الأرض.

العودة إلى البداية

في مقال بعنوان "العملية الروسية في سورية تختفي وراء الكواليس"، أشارت صحيفة "نيوز.رو" الإلكترونية إلى أن سورية تعود اليوم إلى النقطة التي بدأت الحرب بسببها، وهي "انعدام وجود بديل للسلطة السورية العاجزة عن تلبية تطلعات السوريين العاديين". 

وأضاف كاتبا المقال، إيغور يانفاريف وأنطون مارداسوف، أن "الحملة السورية أتاحت الحصول على خبرة هائلة في تنظيم الأعمال القتالية واللوجستية لإجراء العمليات بجبهة بعيدة، واختبار طيف واسع من الأسلحة والمعدات العسكرية، بما فيها مقاتلات (سوخوي-57) من الجيل الخامس، مع منع انزلاق النزاع إلى السيناريو الأفغاني"، مشيرينِ في الوقت نفسه إلى أن "مثل هذه العوامل لا تمت إلى الواقع السوري بصلة، بل تشكل بالدرجة الأولى أهمية لوعي الروس، في ظل حنين أغلبهم إلى عظمة الاتحاد السوفييتي".

وتابعت الصحيفة أن روسيا الخاضعة للعقوبات بسبب الوضع في أوكرانيا، تمكنت من فرض "الحوار المتكافئ" مع الغرب، وإظهار أهميتها على الساحة الدولية، موضحة أن ذلك تحقق نتيجة لتخاذل اللاعبين الإقليميين والدوليين، و"اختلاط التنظيمات الإرهابية بحركات المعارضة"، مما أدى إلى تشويه صورة المعارضة المسلحة.

وتساءل كاتبا المقال عما إذا كانت الولايات المتحدة ودول الخليج قصدت "أن تضع على عاتق موسكو المسؤولية عن مستقبل سورية، بما في ذلك الردع المحدود للنفوذ الإيراني"، مما أتاح لروسيا "نشر قواتها في سورية من دون عراقيل، وإجراء عملية عسكرية، وتشتيت المعارضة عن طريق إقامة مناطق خفض التصعيد، وفرض (المصالحة) بين مجموعات المعارضة سابقا ودمشق في جنوب غربي سورية، مثلا".

وخلصت الصحيفة إلى أن "روسيا حققت بعض النجاحات في الوساطة بين أطراف النزاع وجهود صنع السلام، فقط في ظروف تساهل واشنطن وموافقتها الضمنية على خفض وجودها في الأجندة السورية"، بينما بات إعمار سورية ما بعد الحرب يتصدر المشهد الآن، وسط سعي موسكو للمناورة بين تركيا وإيران والولايات المتحدة وإسرائيل دون الدخول في الخلافات مع النظام السوري.
تحويل مجرى النزاع

صحيفة "لينتا.رو" الإلكترونية تناولت هي الأخرى نتائج التدخل الروسي، مشيرة إلى أنه "بتدخلها في حرب أهلية لم يكن الوضع فيها لصالح النظام الحاكم، تمكنت روسيا من تحويل مجرى النزاع بشكل جذري، وتحقيق عدد من أهم النجاحات في السياسة الخارجية"، وفق وصفها"، وذلك من دون تكبد خسائر فادحة في الأرواح نتيجة لـ"التوغل المحدود والاعتماد على المرتزقة"، مما حال دون تحول سورية إلى "أفغانستان جديدة" في وعي الروس.

وفي مستهل مقال بعنوان "الرد الروسي"، أوردت الصحيفة مجموعة من الأسباب العميقة للأزمة السورية، بما فيها ما وصفته بـ"تعطل العقد الاجتماعي، بحيث يقوم على قدر من الرخاء مقابل عدم التدخل في السياسة" مع تولي الأسد (الابن) زمام السلطة بعد وفاة والده حافظ الأسد، عام 2000، والإصلاحات الاقتصادية التي لم تؤدِ سوى إلى تربح المقربين من السلطة، وسوء الظروف الطبيعية والعواصف الرملية في أعوام 2006 - 2011، وما ترتب عليه من انخفاض خصوبة بعض الأراضي بنسبة 75 في المائة.

وأضاف كاتب المقال، أليكسي ناوموف، أن قتل الطفل حمزة الخطيب (13 عامًا)، تحت تعذيب العسكريين الموالين للأسد، في بداية الأحداث، وحّد جميع معارضيه، بينما رد النظام على ذلك بموجة من العنف المروع من دون النظر إلى سقوط ضحايا بين المدنيين.

وبالعودة إلى نتائج التدخل الروسي، اعتبرت الصحيفة أنه "يمكن الإقرار بتحقيق جميع الأهداف تقريبا، إذ لم تعد سلطة بشار الأسد على المحك، وتم إلحاق هزيمة بـ"داعش"، ويجري القضاء التدريجي على المعارضة في إدلب"، حسب تعبير الصحيفة نفسها، فيما تنفي موسكو الاتهامات بقصف الأحياء السكنية والمستشفيات.
ومع ذلك، أقر كاتب المقال بأنه "لا يمكن وصف بشار الأسد اليوم بأنه سياسي خاضع لسيطرة روسيا، كونه ينتظر أموالا من موسكو لإعادة إعمار البلاد مع بقائه، في الواقع، هو دمية بيد المرشد الإيراني"، وسط تنامي نفوذ طهران في سورية واستخدام أراضيها لنقل الأسلحة إلى "حزب الله" اللبناني.

يذكر أن التدخل العسكري الروسي المباشر في سورية الذي يعد أول عملية عسكرية تقودها موسكو خارج فضاء الاتحاد السوفييتي السابق منذ تفككه عام 1991، بدأ في 30 سبتمبر/أيلول 2015، بعد موافقة مجلس الاتحاد (الشيوخ) الروسي بالإجماع على طلب الرئيس فلاديمير بوتين استخدام القوات المسلحة في الخارج.
المساهمون