تتجهز السلطات الدنماركية لمكافحة الأخبار الزائفة، قبل انتخاباتها البرلمانية المقررة في الخامس من يونيو/حزيران المقبل، خاصة بعدما حذّر الاتحاد الأوروبي من التدخل الأجنبي في الانتخابات المقررة فيها وفي بلجيكا وإستونيا وفنلندا واليونان وبولندا والبرتغال وأوكرانيا، خلال إبريل/نيسان الماضي.
وتتركز المخاوف على دعم "قوى أجنبية" لحزب "سترام كورس" المتطرف وزعيمه راسموس بالودان الذي أثار سجالاً سياسياً وحقوقياً في البلاد، بسبب تحريضه على المسلمين والدعوة إلى إنهاء وجودهم من على وجه الأرض، قائلاً إنّ "الحال سيكون أفضل لو لم يعد هناك مسلم واحد على وجه الأرض".
وعلى الرغم من أن الشرطة الدنماركية تؤمن الحماية لبالودان، إلا أنها "في الكواليس" تتعاون مع الاستخبارات والأحزاب السياسية والوزارات ووسائل الإعلام "خوفاً من تطور حالته إلى ما لا يمكن التنبؤ به"، وفق ما كشفت صحيفة "بوليتيكن" يوم السبت.
وأفادت الصحيفة الدنماركية أن وزارات الخارجية والعدل والدفاع أنشأت فرقة عمل مشتركة لرصد وسائل الإعلام، والرد على حملات التضليل الإعلامي والتهديدات من داخل وخارج البلد، منذ يناير/كانون الثاني الماضي. ولمحت إلى أن "التدخل الأجنبي" المثير للقلق مصدره روسيا، عبر نشر كاريكاتور للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، حاملاً بندقية إلى جانب شخص بعمل على كمبيوتر أمامه صورة بالودان، ومعلقاً "وجدنا رجلنا في الدنمارك".
بوتين كما رسمته "بوليتيكن"
وحول التهديد الروسي، نقلت "بوليتيكن" عن وزير الدفاع، كلاوس يورت فريدركسن، قوله إن "الروس هم سادة في إثارة المواضيع التي تقسّم الشعوب"، محذراً من "الاستفزازات المتعارضة مع الدستور في البلاد" و"من "تكرار أزمة كاريكاتور النبي محمد".
والتناقضات مع دستور البلاد تشمل "دعوات حظر دين معين (الإسلام في حالة بالودان) وطرد مقيمين شرعيين بموجب القانون والمعاهدات الدولية.
وقد أكد الخبير في الشؤون الروسية في المركز الدنماركي للدراسات الدولية، فليمنغ سبيلدول، لـ "بوليتيكن"، أن "راسموس بالودان يمكن أن يتسبب باندلاع حملات تضليل إعلامية على مستويات مختلفة. فقيام بالودان بلف القرآن بلحم الخنزير ومحاولة حرقه والادعاء أن الشرطة تطلق النار على المسلمين في الدنمارك، هي كبقية القصص التي يمكن أن تستغل".
واعترف مدير الأخبار في التلفزيون الدنماركي الرسمي "دي آر"، توماس فالبي، أن مشاركة راسموس بالودان في المناظرات يجعلها تحدياً "فهو يستخدم الخطابة ولغة مستفزة تثير مشاعر الكثيرين وذلك يجعل من المستحيل التركيز على لب القضايا بشكل رصين ويحرف النقاشات السياسية".
وفي السياق الوقائي نفسه، شدّدت "هيئة البث العام" أخيراً على القنوات التلفزيونية المحلية التي تستضيف المناظرات الانتخابية أن تمنع زعماء الأحزاب المشاركين من حمل أي كتب أو منشورات وملصقات وغيرها، في ما يبدو حذراً من إقدام بالودان على أي خطوة تحريضية.
كما أنشأت سلطات البلاد فرقة عمل تتابع ما تكتبه وسائل الإعلام الأجنبية وترجمة تغطياتها، بينها منصات عربية وتركية، لإطلاع الدنماركيين عما يكتب عن بلادهم، وخشية من تكرار أزمة سببتها الرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها صحيفة "يولاندس بوستن"، مع العالمين العربي والإسلامي بين عامي 2005 و2006.
وكانت الأيام الماضية فجرت سجالا كبيراً ومستمراً حين ذهب زعيم حزب سترام كورس، راسموس بالودان، إلى وصف السياسية، ميمي ستيلنغ ياكوبسن، بـ "الخنزيرة النازية"، أثناء مشاركته معها في برنامج نقاش مسائي. السجال تضخم لأن هذه السياسية بالأصل ليست سوى معارضة للنازية ولديها أصول يهودية، وهي عاجزة حتى عن الرد عليه أو تقديم شكوى قضائية بحقه.
ورغم الأجواء السياسية والإعلامية الممتعضة من قدرة الرجل على الترشح والوقوف مع باقي قادة الأحزاب للترويج لأفكاره أمام ملايين المشاهدين، وعدم وجود برنامج انتخابي واضح سوى التهجم على المهاجرين وسحب جنسياتهم وطردهم (نحو 750 ألفا) وإقامة معسكرات تجميع (يشببها البعض بمعسكرات النازية)، إلا أن بالودان وحزبه استطاعا بعد أول مناظرة تلفزيونية من الحصول على تأييد 3.3 في المائة من أصوات الشعب، وفقا لاستطاع "غالوب" يوم الأربعاء الماضي.
وفي سياق متصل، شدّد الاتحاد الأوروبي، نهاية إبريل/نيسان الماضي، على ضرورة تصدي منصات التواصل الاجتماعي، وأبرزها "فيسبوك" و"يوتيوب" و"غوغل" و"تويتر"، لمكافحة الأخبار الزائفة قبل الانتخابات المرتقبة في دول أوروبية عدة، محذراً من التدخل الأجنبي.