تعتبر عملية التسلط والبلطجة آفة حقيقية في المدارس، وفي المجتمعات الشمالية ومنها الدنمارك، تنتشر هذه الظاهرة بشكل كبير تكاد تحيل حياة التلاميذ والطلبة إلى جحيم. أضف إلى ذلك أن اتساع هذا التسلط إلى خارج أسوار المدارس بدأ يثير علماء النفس لما يسببه، حتى إلكترونياً، إلى خشية كبيرة على نفسية الأطفال واليافعين.
أكثر التأثيرات السلبية التي يمكن أن تصيب التلاميذ الذين يعانون من تسلط وبلطجة غيرهم عليهم ترصد على المدى القصير والطويل لما تسببه من أذى نفسي خطير، أدى في بعض الحالات إلى جنوح نحو الانتحار أو محاولته وترك المقاعد الدراسية.
ظاهرة اجتماعية
إن الخطورة التي تحملها عمليات التسلط والتنمر والبلطجة بحق تلاميذنا تؤثر ليس فقط على البيئة التعليمية، بل يمكن أن تمتد إلى أن تتحول إلى ظاهرة اجتماعية خطيرة تؤثر على العلاقات والأعراف ودينامية العمل الجماعي. وفي مثل انتشار هكذا علاقات اجتماعية يمكن أن تصبح التربة خصبة للبلطجة والتسلط في المدارس والشارع.
تستند عملية التسلط في المجتمع إلى عمليات تشويه مقصودة، ربما كان أغلبها لفظياً يحط من قيمة وقدر الطفل واليافع المستهدفين، وهي تخلق مزيداً من الديناميات السلبية بين تلك الأجيال إذا لم يجر وضع حد لها في الوقت المناسب.
في المدارس يعتمد المنفذون لتلك العمليات المسيئة على تسلطهم وتنفذهم بقصد التخويف، وجعل الأخير كحلقة مفرغة تخل بتوازن العلاقات سواء في الصفوف أو في الفرص المدرسية.
في المجتمع، ليس بالضرورة أن تظل الإساءات التي تحمل التسلط والبلطجة خلف أسوار المدارس، بل يمكنها أن تنتشر إذا لم تعالج لتصبح مكوناً من مكونات العلاقة المختلة القائمة على الاستهزاء والتخويف بالتهديد الجسدي والاجتماعي (عن أقرب الناس للمستهدف كالأم والأب والإخوة) وإلى الجانب المادي منه، يمكن أن يصبح التهديد إلكترونياً مع انتشار كبير لوسائل التواصل بين التلاميذ والطلاب.
اقرأ أيضا: دراسة بهارفارد: 6 نصائح لتنشئة طفل "إنسان"
ليس جميع الأطفال قادرين على تحمل تلك الأنواع من الإهانات التي تصل حد الاضطهاد بالإهانة الدائمة، والحديث عن ذلك لا يحتاج إلى كثير من التهويل، بل وضع الحادث في سياقه الطبيعي البعيد عن التضخيم وزيادة الأعباء النفسية على هؤلاء المعانين. هذا يتطلب الاعتراف بأن للطفل مشاعره الخاصة، أيضاً، والتي يجب أن تراعى بدون أن نهون من حجم الإساءات التي تجري بحقهم، وخصوصاً حين يتشجعون للشكوى من هكذا تسلط بحقهم.
لسنوات مضت أظهرت الدراسات الدنماركية أن متوسط البلطجة والإساءة المدرسية بلغ 10 في المئة من خلال التعرض للمضايقات، يومياً وأسبوعياً بالتخويف. ومن المؤسف أن أصحاب الأشكال والتعابير الأخرى تجري، أيضاً، مضايقتهم والاستهزاء بهم كنوع من أنواع البلطجة كذوي الشعر الأحمر على سبيل المثال أو من يعانون من بهاق وضعف في النظر أو أيّ خصائص خارجية يمكن ملاحظتها عند الأطفال الآخرين لتستغل بحق أقرانهم سواء في الصفوف أو في الشارع.
الفروق بين الجنسين
في الحقيقة تظهر الأبحاث أنه لا يوجد فرق كبير بين البلطجة والتسلط عند الجنسين، على الرغم من أن الأولاد قد يبدون أكثر ميلاً لأطلاق بعض النعوت البذيئة والتي تؤلم نفسياً إلا أن الفتيات، أيضاً، لهن نصيب كبير من تلك الممارسات المؤذية بحق أخريات أو آخرين من الذكور.
وعلى الرغم من ذلك فإن الأولاد، ربما يكونون أكثر قابلية في استعمال القوة البدينة في آخر المطاف لتكريس الإهانات اللفظية بعد فترة زمنية من إطلاقها بحق غيرهم من الأولاد. البنات يطلقون أكثر نعوتاً وتسميات غير لائقة بحق أخريات، سواء فردياً أو عبر مجموعات كإطلاق أسماء مستعارة تحط من قيمة الفتيات ونشر الإشاعات والقذف.
لكن لماذا تظهر البلطجة أو التسلط والإهانات؟ يعيد خبراء النفس والاجتماع ذلك إلى عوامل عدة، لعل أبرزها يتمثل في أنها مشكلة اجتماعية معقدة بعوامل متعددة تؤثر بالظروف التي ينمو في ظلها ممارسها/ممارستها. لكن في صفوف الطلبة لاحظ الأخصائيون أن الأمر مرتبط (عوامل مادية/ من حيث جمالية الشكل أو "قبحه"- ثقافة المدرسة- دور المعلم- الحياة المبكرة والتعليم- ديناميات الجماعة والأعراف الاجتماعية).
اقرأ أيضا:لا تقل لإبنك الـ"يضربك اضربه"
ثقافة المدرسة دون قيم عمل واضحة تختلف اختلافاً كبيراً من مدرسة إلى أخرى في انتشار البلطجة، مما يدل على أن بعض المدارس هو الأفضل في معالجة المشكلة من غيرها. فالبلطجة تزدهر في البيئات التي لم تتخذ موقفاً فعالاً، وقد أرسلت إشارات واضحة أنه ليس لديها مبادئ توجيهية واضحة للتدخل، وليس لديها نهج مشترك لمكافحة البلطجة.
في محاربة البلطجة
كانت يوليا طالبة في الصف السابع حين عادت إلى البيت مقررة: لن أذهب إلى المدرسة. بعد أخذ ورد مع الأهل تبين أن يوليا تعاني منذ أكثر من عام من تسلط وتعليقات تقوم بها مجموعة من الفتية والفتيات على شكلها ونظارتها التي ترتديها وصلت حد التهديد. حالات كثيرة لم تكن تتشجع لإخراج ما في داخلهم من ضغوط نفسية كبيرة أجبرت بعضهم على ترك مقاعد الدراسة، لكن أهل يوليا أخذوا الأمر على محمل الجد وأثاروها في المدرسة، خلال اجتماع مجلس الإدارة، ومن ثم في اجتماع مجلس الأولياء.
وعلى الرغم من تشكل جمعيات مختصة في محاربة هذه الظاهرة إلا أن المدرسة يبقى لها الدور الرئيسي في تلك المعالجات المطلوبة، وليس بعيداً عن الأهل.
أكثر الوسائل نجاعة بحسب الباحثة في مجال مكافحة البلطجة ستينا يورغنسن من معهد التعليم والتربية في جامعة آرهوس، وخصوصاً أن أسباب الظاهرة اجتماعية في الأغلب، هو تشكيل حلقات في الصفوف تناقش بين التلاميذ والطلاب أنفسهم "انعكاسات البلطجة والتسلط على الزملاء"، في تلك المقترحات البحثية المدعومة من وزارة التعليم يسمح بالحديث الصريح دون خوف من ممارسي التسلط الذين يكونون من ضمن الحلقات المشكلة.
وفي المقترح الآخر يشرك الأهل في تلك النقاشات ليكونوا على اطلاع بما يجري وليساهموا بطريقة أو أخرى في التوعية من مخاطر تلك الظاهرة. والأغرب في طرح الباحثين التربويين هو محاولة إدخال التلاميذ الأكبر سناً ليكون لهم دور في الحد من الظاهرة بالتدخل الفوري لوقف أي تسلط لفظي بحق الصغار.
ولكي يستطيع الباحثون والأكاديميون تقديم مقترحات للوسائل الناجعة، بحث هؤلاء في أسباب الظاهرة بعد سنوات طويلة من تفاقمها وعدم وجود أجوبة صريحة لمكافحتها مع زيادتها في تسعينات القرن الماضي وبداية الألفية وحتى يومنا.
ما توصل إليه التربويون والأخصائيون النفسانيون بأننا أمام ظاهرة يعود أكبر أسبابها إلى ما يسمى "الرهاب الاجتماعي". المتسلطون يعانون بالفعل من مشاكل اجتماعية ومشاكل تتعلق بالثقة بالذات والشعور بالفشل مع النقص تجاه الآخرين. هؤلاء يريدون التسلط اللفظي وإدخال التعاسة على الآخرين كنوع من إشباع حاجة رضا عن الذات، بحسب ما تخلص إليه عديد الدراسات المستقلة عن بعضها في نتائجها. إن الغيرة محرك، أيضاً، للتكتل مع أطراف ضعيفة أخرى في البحث عن "شهرة" بين بقية التلاميذ، لكن للأسف بوسائل مكلفة جداً.
اقرأ أيضا:"اضرب تلميذك وكسر عظامه".. هكذا أفضل
ظاهرة اجتماعية
إن الخطورة التي تحملها عمليات التسلط والتنمر والبلطجة بحق تلاميذنا تؤثر ليس فقط على البيئة التعليمية، بل يمكن أن تمتد إلى أن تتحول إلى ظاهرة اجتماعية خطيرة تؤثر على العلاقات والأعراف ودينامية العمل الجماعي. وفي مثل انتشار هكذا علاقات اجتماعية يمكن أن تصبح التربة خصبة للبلطجة والتسلط في المدارس والشارع.
تستند عملية التسلط في المجتمع إلى عمليات تشويه مقصودة، ربما كان أغلبها لفظياً يحط من قيمة وقدر الطفل واليافع المستهدفين، وهي تخلق مزيداً من الديناميات السلبية بين تلك الأجيال إذا لم يجر وضع حد لها في الوقت المناسب.
في المدارس يعتمد المنفذون لتلك العمليات المسيئة على تسلطهم وتنفذهم بقصد التخويف، وجعل الأخير كحلقة مفرغة تخل بتوازن العلاقات سواء في الصفوف أو في الفرص المدرسية.
في المجتمع، ليس بالضرورة أن تظل الإساءات التي تحمل التسلط والبلطجة خلف أسوار المدارس، بل يمكنها أن تنتشر إذا لم تعالج لتصبح مكوناً من مكونات العلاقة المختلة القائمة على الاستهزاء والتخويف بالتهديد الجسدي والاجتماعي (عن أقرب الناس للمستهدف كالأم والأب والإخوة) وإلى الجانب المادي منه، يمكن أن يصبح التهديد إلكترونياً مع انتشار كبير لوسائل التواصل بين التلاميذ والطلاب.
اقرأ أيضا: دراسة بهارفارد: 6 نصائح لتنشئة طفل "إنسان"
ليس جميع الأطفال قادرين على تحمل تلك الأنواع من الإهانات التي تصل حد الاضطهاد بالإهانة الدائمة، والحديث عن ذلك لا يحتاج إلى كثير من التهويل، بل وضع الحادث في سياقه الطبيعي البعيد عن التضخيم وزيادة الأعباء النفسية على هؤلاء المعانين. هذا يتطلب الاعتراف بأن للطفل مشاعره الخاصة، أيضاً، والتي يجب أن تراعى بدون أن نهون من حجم الإساءات التي تجري بحقهم، وخصوصاً حين يتشجعون للشكوى من هكذا تسلط بحقهم.
لسنوات مضت أظهرت الدراسات الدنماركية أن متوسط البلطجة والإساءة المدرسية بلغ 10 في المئة من خلال التعرض للمضايقات، يومياً وأسبوعياً بالتخويف. ومن المؤسف أن أصحاب الأشكال والتعابير الأخرى تجري، أيضاً، مضايقتهم والاستهزاء بهم كنوع من أنواع البلطجة كذوي الشعر الأحمر على سبيل المثال أو من يعانون من بهاق وضعف في النظر أو أيّ خصائص خارجية يمكن ملاحظتها عند الأطفال الآخرين لتستغل بحق أقرانهم سواء في الصفوف أو في الشارع.
الفروق بين الجنسين
في الحقيقة تظهر الأبحاث أنه لا يوجد فرق كبير بين البلطجة والتسلط عند الجنسين، على الرغم من أن الأولاد قد يبدون أكثر ميلاً لأطلاق بعض النعوت البذيئة والتي تؤلم نفسياً إلا أن الفتيات، أيضاً، لهن نصيب كبير من تلك الممارسات المؤذية بحق أخريات أو آخرين من الذكور.
وعلى الرغم من ذلك فإن الأولاد، ربما يكونون أكثر قابلية في استعمال القوة البدينة في آخر المطاف لتكريس الإهانات اللفظية بعد فترة زمنية من إطلاقها بحق غيرهم من الأولاد. البنات يطلقون أكثر نعوتاً وتسميات غير لائقة بحق أخريات، سواء فردياً أو عبر مجموعات كإطلاق أسماء مستعارة تحط من قيمة الفتيات ونشر الإشاعات والقذف.
لكن لماذا تظهر البلطجة أو التسلط والإهانات؟ يعيد خبراء النفس والاجتماع ذلك إلى عوامل عدة، لعل أبرزها يتمثل في أنها مشكلة اجتماعية معقدة بعوامل متعددة تؤثر بالظروف التي ينمو في ظلها ممارسها/ممارستها. لكن في صفوف الطلبة لاحظ الأخصائيون أن الأمر مرتبط (عوامل مادية/ من حيث جمالية الشكل أو "قبحه"- ثقافة المدرسة- دور المعلم- الحياة المبكرة والتعليم- ديناميات الجماعة والأعراف الاجتماعية).
اقرأ أيضا:لا تقل لإبنك الـ"يضربك اضربه"
ثقافة المدرسة دون قيم عمل واضحة تختلف اختلافاً كبيراً من مدرسة إلى أخرى في انتشار البلطجة، مما يدل على أن بعض المدارس هو الأفضل في معالجة المشكلة من غيرها. فالبلطجة تزدهر في البيئات التي لم تتخذ موقفاً فعالاً، وقد أرسلت إشارات واضحة أنه ليس لديها مبادئ توجيهية واضحة للتدخل، وليس لديها نهج مشترك لمكافحة البلطجة.
في محاربة البلطجة
كانت يوليا طالبة في الصف السابع حين عادت إلى البيت مقررة: لن أذهب إلى المدرسة. بعد أخذ ورد مع الأهل تبين أن يوليا تعاني منذ أكثر من عام من تسلط وتعليقات تقوم بها مجموعة من الفتية والفتيات على شكلها ونظارتها التي ترتديها وصلت حد التهديد. حالات كثيرة لم تكن تتشجع لإخراج ما في داخلهم من ضغوط نفسية كبيرة أجبرت بعضهم على ترك مقاعد الدراسة، لكن أهل يوليا أخذوا الأمر على محمل الجد وأثاروها في المدرسة، خلال اجتماع مجلس الإدارة، ومن ثم في اجتماع مجلس الأولياء.
وعلى الرغم من تشكل جمعيات مختصة في محاربة هذه الظاهرة إلا أن المدرسة يبقى لها الدور الرئيسي في تلك المعالجات المطلوبة، وليس بعيداً عن الأهل.
أكثر الوسائل نجاعة بحسب الباحثة في مجال مكافحة البلطجة ستينا يورغنسن من معهد التعليم والتربية في جامعة آرهوس، وخصوصاً أن أسباب الظاهرة اجتماعية في الأغلب، هو تشكيل حلقات في الصفوف تناقش بين التلاميذ والطلاب أنفسهم "انعكاسات البلطجة والتسلط على الزملاء"، في تلك المقترحات البحثية المدعومة من وزارة التعليم يسمح بالحديث الصريح دون خوف من ممارسي التسلط الذين يكونون من ضمن الحلقات المشكلة.
وفي المقترح الآخر يشرك الأهل في تلك النقاشات ليكونوا على اطلاع بما يجري وليساهموا بطريقة أو أخرى في التوعية من مخاطر تلك الظاهرة. والأغرب في طرح الباحثين التربويين هو محاولة إدخال التلاميذ الأكبر سناً ليكون لهم دور في الحد من الظاهرة بالتدخل الفوري لوقف أي تسلط لفظي بحق الصغار.
ولكي يستطيع الباحثون والأكاديميون تقديم مقترحات للوسائل الناجعة، بحث هؤلاء في أسباب الظاهرة بعد سنوات طويلة من تفاقمها وعدم وجود أجوبة صريحة لمكافحتها مع زيادتها في تسعينات القرن الماضي وبداية الألفية وحتى يومنا.
ما توصل إليه التربويون والأخصائيون النفسانيون بأننا أمام ظاهرة يعود أكبر أسبابها إلى ما يسمى "الرهاب الاجتماعي". المتسلطون يعانون بالفعل من مشاكل اجتماعية ومشاكل تتعلق بالثقة بالذات والشعور بالفشل مع النقص تجاه الآخرين. هؤلاء يريدون التسلط اللفظي وإدخال التعاسة على الآخرين كنوع من إشباع حاجة رضا عن الذات، بحسب ما تخلص إليه عديد الدراسات المستقلة عن بعضها في نتائجها. إن الغيرة محرك، أيضاً، للتكتل مع أطراف ضعيفة أخرى في البحث عن "شهرة" بين بقية التلاميذ، لكن للأسف بوسائل مكلفة جداً.
اقرأ أيضا:"اضرب تلميذك وكسر عظامه".. هكذا أفضل