اندرج كل من "بس يزلمه"، و"بوابة السماء" في مدينة غزّة التي لم تعد كسيحة فتوقفت لصناعة الدراما، وبالضفة الغربية كل من "وطن ع وتر"، و"أولاد المختار" ضمن باكورة الأعمال الفنيّة لهذا الموسم.
يرتدي "وطن ع وتر"، الذي يُعرض على قناة الفلسطينية حاليًا، عباءة النقد، حيث يطرح عدّة قضايا بشكل ساخر، وينتقد الواقع الفلسطيني على كافة المستويات السياسية والاجتماعية والثقافية، ويقتصر على عنصر أنثوي واحد في التمثيل طيلة أجزائه، تقوم بالدور منال عوض برفقة زميلها عماد الفراجين وخالد المصو. وتجد الأعمال الكوميديّة قبولًا لدى المشاهد الفلسطيني، فتخرجه من همومه ومشاكله بأسلوب فكاهي، وازدادت مؤخرًا مشاركة الفتيات في التمثيل فيه لكن بأدوار قليلة نسبيًا.
هنا، يعتبر هشام عدنان أحد أبطال مسلسل "بس يزلمه"، الذي يعرض على قناة الرؤيا الأردنية، أن وجود فتيات يشاركن بالأدوار الكوميديّة ليس بالهيّن؛ لأنها تحتاج لمهارة عالية وجرأة، فالمشاهد قد يبكي بسهولة، لكن من الصعب إقناعه بالضحك. واستشهد المتحدّث، بالممثلة ريهام الكحلوت التي تشاركه في التمثيل، ظهرت في أربع حلقات من الجزء الرابع الذي يعرض حاليًا في شهر رمضان منذ بدايته، تقتصر أدوارها على الجانب الدرامي وليس الكوميدي، عازيًا ذلك إلى أنّ الفتاة تخجل من معالجة الدور بشكل كوميدي كونها غير مؤهّلة.
يتقمص هشام كافة أدوار المرأة في المسلسل ويجد فيها تحديّا كبيرًا، فهو ملزم بالاطلاع ودراسة أطباعها، أسلوبها، طريقة حديثها، وصوتها لإقناع الجمهور في إيصال الرسالة التي تهدف لها الحلقة.
كانت بداية الدراما في فلسطين مبكرة مع ظهور إذاعة القدس عام 1936، وذلك ببث التمثيليّات الدرامية على الهواء مباشرة لنشر ثقافة التعبئة الوطنية والدفاع عن الحقوق الفلسطينية. أما اليوم فتلجأ الفتيات أحيانًا ممن يرغبن في التمثيل، للمشاركة في الأعمال الوطنيّة كونها تجد استحساناً من قبل المجتمع الفلسطيني، فلا تتعرّض الممثلة للانتقادات إلا على مستويات محدودة.
الممثلة المطّلعة على الشؤون الفنية منال ياسين، تؤكّد ضعف العنصر النسائي في الدراما الفلسطينيّة ومحدوديتّه على مشاهد قليلة، وترجح السبب في ذلك إلى أنّ طبيعة الأهالي ما زالت غير متقبّلة لفكرة أن ترى ابنتهم ممثلة، وتقوم بأدوار متنوّعة تختلط بفنانين حسب المشهد المطروح في السيناريو، بالإضافة للعادات والتقاليد، ونظرة المجتمع للفتاة التي تعمل في التمثيل تعيق الفتيات من خوض غمار التجربة. موضّحة أنّ هناك فتيات بحاجة لدعم، لأنهن يمتلكن موهبة التمثيل في العمل الفني الذي هو أيضًا محدود، سواء كان على صعيد المسرح أو الدراما أو الكوميديا.
تعتبر الدراما الناقل لهموم وآمال الشعب الفلسطيني والمؤثّر الحقيقي الذي يجسد واقعه بكل أشكاله، فكل زاويةٍ من تاريخ الشعب الفلسطيني تُشكّل رافدًا لأعمال درامية؛ لذلك بدأت تنمو حتى وان كانت موسميّة ومجابهة للتحديّات والعقبات التي تقف أمامها.
مسلسل "أولاد المختار" الذي يعطي مساحة كبيرة لدور الرجل مقابل المرأة في التمثيل، عمل يتناول القضية الفلسطينيّة، افتتحت الحلقات الأولى منه، الحقبة منذ عام 1947، لحظة تسليم الانتداب البريطاني فلسطين لليهود، وينتقل إلى سنة 1967 واحتلال الضفة الغربية والقدس، وصولًا إلى عام 1980. وبحسب مخرجه بشّار النجّار، فإن العمل وصلت تكلفته إلى نصف مليون دولار، وهى الأعلى بين تكلفة الأعمال التي أنتجت داخل فلسطين.
وبالموازاة معه، يُعرض مسلسل "بوابة السماء" الذي تبثّه قناة الأقصى المحليّة، وتم تصوير جميع حلقاته بمدينة الإنتاج الأولى التي تم إنشاؤها لأول مرّة في قطاع غزة المحاصر، تزيد مساحتها عن خمسة آلاف متر في منطقة المحرّرات في خانيونس جنوب قطاع غزّة.
في السياق ذاته، يقول مخرج المسلسل زهير الإفرنجي:"إن بوابة السماء يهدف إلى تسليط الضوء على معاناة المقدسيين في مواجهة الاحتلال والمستوطنين، وما يعانونه من إجراءات تضييق ومحاولة لسلب بيوتهم وتهويد مدينتهم".
واستغرق تصوير المسلسل وتحضيره عامًا واحدًا، اقتصر فيه دور النسوة على جوانب محدودة، يوضح الإفرنجي لجوءه في بعض الأحيان للتلاعب في المشاهد أثناء عملية المونتاج، خصوصًا مشاهد المرأة مع أبيها أو شقيقها أو زوجها، فالمعالجة الواقعية للمشاهد لا تكون بشكل مباشر في أدوار المرأة حتى يتناسب مع طبيعة البيئة الفلسطينية وسياسة عمل القناة التي قامت بشرائه.
وبحسب المخرج واجهته صعوبة كبيرة في الحصول على كادر نسائي يمثل الأدوار رغم أنها كانت بشكل بسيط في بعض المشاهد وتدريبهم من مرحلة الصفر؛ لأنهم يفتقرون إلى وجود مدارس ومعاهد للتمثيل في قطاع غزّة.
وتمثل رائدة أبو ديّة مقابل سبعة من زملائها دور البطولة، وجدت صعوبة في بداية تمثيلها للمشاهد ووقوفها أمام الكاميرا على حد قولها، وأخذت دور أم إسماعيل المرابطة بالمسجد الأقصى ويحاول المستوطنون الاستيلاء على منزلها.
من جهته، يرى المخرج السينمائي والناقد محمد البرعي، أن الدراما الفلسطينية مازالت تعاني من ضعف العنصر النسائي إذا ما قورنت بالرجل، مما ينقص المعالجة الدرامية للمشاهد الواقعية، ويفقدها الانسجام في الإنتاج. ويشير إلى أن دور المرأة ضعيف بمشاهد العائلة في بعض المسلسلات الفلسطينيّة، وغير مؤثر رغم أهميّته.
ويوضّح المتحدّث، أنّ العنصر الأنثوي يلعب دورًا في مجال العمل المسرحي أكثر من التلفزيوني؛ لأن طبيعة العمل المسرحي تكون لساعات قليلة وينتهي المشهد بانتهاء العرض، داعيًا لضرورة توعية المجتمع بأهمية الفنّ كرسالة شعبية، وإشراك المرأة في المشاركة الدراميّة لكونها عنصرا أساسيا وفعالا، تعيش في بيئة خصبة للأعمال الفنية؛ إذا ما تمت معالجتها بنجاح.