الدراما السورية.. حرب للبيع (2 - 3)

12 يونيو 2017
(من مسلسل "سنعود بعد قليل")
+ الخط -

في عام 2013، دخلت الدراما السورية دوامة المصائب؛ حيث بدأت نتائج الحرب الدائرة في البلاد تظهر على السطح، وكان المتابع السوري والعربي ينتظر سنويًا أعمالًا تلامس الهم السوري وتعكس حالة الشارع، ويعتبر هذا العام مفصليًا في مسيرة الدراما عمومًا، حيث شهد أول الأعمال المصورة خارج سورية والذي بات يعرف في ما بعد بدراما الخارج . 

استُقبل رمضان 2013  بعملين دراميين وصفوا بأعمال المعارضة نظرًا للقائمين عليهما، وكانا "سنعود بعد قليل" نص رافي وهبي وإخراج الليث حجو والجزء الثالث من "الولادة من الخاصرة"؛ نص سامر رضوان وإخراج سيف الدين سبيعي الذي تولى العمل بعد اعتذار مخرجة الجزأين السابقين رشا شربتجي.

تطرق "الولادة من الخاصرة" الذي حمل عنوان جانبي "منبر الموتى"، للجانب الأمني والعسكري حيث كان العمل أساسًا في جزئيه السابقين يستعرض فساد المؤسسات الأمنية في سورية، وحاول سامر رضوان ضمن شروط الإنتاج الذي كان من جهة شركة كلاكيت وتلفزيون أبو ظبي أن يقدم صورة عن آلية عمل المؤسسة الأمنية مع بداية الثورة السورية، وسارت الأحداث بخط مواز مع مرحلة تشكل الكتائب المسلحة المعارضة ومشاكل العمل العسكري فيها، لكنّ كثرًا عابوا على المسلسل خجله في نقد النظام وتصوير وحشيته، وكذلك تطرقه لفساد في تنسيقيات المعارضة لم تكن موجودة في ذلك الوقت بحسب المنتقدين.

العمل الثاني كان اجتماعيًا ويركّز على الجوانب الإنسانية، وجاء محيِّرًا لجمهور الطرفين السوريين، نظامًا ومعارضةً؛ حيث جمع كوكبة من نجومهما ما اعتبره بعض المتشددين من الجانبين نوع من التطبيع، وصور العمل بين دمشق وبيروت.

استمرت مسيرة الدراما السورية في محاولة تحديد انعكاسات المأزق السوري على صناعة الدراما التي نفى وجودها الصحافي السوري وليد بركسية في حديث لـ جيل قال فيه: "بالأساس لا توجد صناعة دراما، فكل شيء على ما أعتقد يتم بجهود فردية وعلاقات شخصية، وكدليل على ذلك لا يوجد أصلًا "كاستينغ" في سورية، وكمية الأسماء الجديدة التي تمثل وتكتب في داخل سورية تبدو كارثية، أو أنها تظهر كذلك بسبب سوء النصوص، كل ما أنتج بعد 2011 باستثناء "قلم حمرة"  و"غدًا نلتقي"، كان عتيق الطراز وينتمي لـ حقبة قديمة من الإنتاج قبل انتشار التكنولوجيا إلى هذه الدرجة".

وحدد بركسية المشكلة الدرامية في سورية بكونها مشكلة فنية فقط، متابعًا: "برأيي المشكلة فنية فقط، أسميها "المأزق الإبداعي"، وهي ليست أمرًا طارئًا في الحقيقة، ما كان يغطي على عيوب كل الدراما السورية هو وجود عمل جيد أو عملين ينقذان الموسم. إضافة لفكرة تخصيص الدراما منذ عقود على أنها "منتج ثقافي" وليس ترفيهيًا، وبالتالي ترسخت فكرة بأن الدراما السورية يجب أن تحمل أفكارًا مجتمعية وسياسية، وبعد 2011 بدأ ثقل هذه المهمة يصبح أوضح مع الاستقطاب السياسي في البلاد، ومع هجرة الممثلين المعارضين وإبعاد عدد كبير من الأسماء عن العمل، وآخرهم قيس شيخ نجيب عن قناديل العشاق". ليؤكد في النهاية على أن الدراما السورية لم تستطع حل المشاكل التي واجهتها .

من المشاكل الأخرى للدراما السورية، بعيدًا عن المشكلة الفنية، هي المشكلة الاقتصادية، التي يرى الصحافي المهتم بالدراما السورية أنس فرج أنها تمكنت من إيجاد حلول لها وذلك من خلال وجود شركات إنتاج محلية صغيرة تقدم منتج بميزانية قليلة للاستهلاك المحلي وكذلك من خلال الأعمال المشتركة التي تصور في لبنان والتي يحتل فيها السوريون حسب رأي فرج الحصة الأكبر من مشاركة المخرجين والفنيين ونجوم الصف الأول .

تبدو معظم الآراء ترغب بالذهاب نحو فشل الدراما السورية بـ مواجهة تحدياتها وإن لم يكن هذا الفشل فشلًا كليًا، لكن الأزمات المتتابعة التي عصفت بهذه الدراما مع اختلاف الآراء حول كونها فنية أم اقتصادية تركت الموسم الرمضاني السوري يعاني قلة الإنتاجات المهمة التي تساعده في المنافس أمام الصعود الهائلة للدراما المصرية، وهذا ما يترك السؤال عالقًا حول شدة الأزمة الدرامية في سورية والحلول الممكنة لها؟

المساهمون