الدبلوماسيّة المغربيّة وإطفاء حرائق مالي

23 مايو 2014
محمد السادس في باماكو، فبراير الماضي (فرانس برس/getty)
+ الخط -

ما إن تجدّدت المعارك المسلحة في مدينة كيدال، بين الجيش المالي وأعضاء الحركة الوطنية لتحرير "أزواد"، التي تمثّل متمردي الطوارق شمال مالي، حتى سارعت المملكة المغربية إلى تكثيف دبلوماسيتها من أجل التهدئة والمصالحة في مالي.

وأكدت الحكومة المغربية، بعد المواجهات التي خلّفت العديد من القتلى والعشرات من الجرحى، واختطاف عدد من الرهائن، أنها "تتابع بقلق شديد وانشغال حقيقي التدهور الخطير للوضع السياسي والأمني بشمال مالي"، مستنكرة "أعمال العنف والمواجهات المسلحة هناك".

وفي ما يشبه إمساك العصا من وسطها، دعت الرباط "كافة الأطراف المالية إلى التحلي بضبط النفس لدى الإدلاء بتصريحات، والامتناع عن أي عمل يصعّد التوتر والانقسامات بين مكونات الشعب المالي، ويعيق مسلسل المصالحة الوطنية بالبلاد".

وشددت المملكة على أن "العودة السريعة وغير المشروطة إلى الهدوء، واللجوء الصادق إلى روح الحوار والتوافق، وإعلاء المصلحة العليا للأمة المالية، وحدها كفيلة بضمان السلام الدائم، والحفاظ على السيادة الترابية والوحدة الوطنية لهذا البلد".

وطار وزير الخارجية المغربي، صلاح الدين مزوار، إلى مالي للقاء الرئيس إبراهيم بوبكر كايتا، وأبلغه رسالة من الملك محمد السادس، من دون أن يكشف عن فحواها، بينما صرح مزوار بأن "الملك يدعو إلى الحوار والحكمة وسيلتين لإعادة الأمن إلى المواطنين الماليين".

ويأتي اهتمام المملكة بمالي وانخراطها القوي في محاولة حل أزمتها السياسية، في سياق زيارة العاهل المغربي إلى هذا البلد مرتين في أقل من عامين، وأيضاً بعد استقباله، قبل أشهر قليلة، بلال آغ الشريف، الأمين العام للحركة الوطنية لتحرير أزواد، ودعوته إياه للانفتاح على الحوار مع باماكو.

الوسيط الأوفر حظاً

ويقول أستاذ القانون الدولي في جامعتي العين وفاس، سعيد الصديقي، إن هذه الاضطرابات السياسية والأمنية المتجددة في شمال مالي، "تسبّب نوعاً من الارتباك للدبلوماسية المغربية التي ساهمت في تحقيق نوع من الاستقرار في شمال مالي خلال الشهور الماضية".

واعتبر الصديقي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن ما راكمته الدبلوماسية المغربية من خبرة في المنطقة، وما لها من علاقات مع مختلف أطراف النزاع، يؤهلها دائماً لتكون الوسيط الدولي الأوفر حظاً للنجاح في مهمتها".

وأشار المحلل إلى أن "هناك أطرافاً لا تنظر بعين الرضا لنجاح جهود الوساطة المغربية في شمال مالي، وترى في ذلك تعزيزاً للموقع السياسي للمغرب في منطقة الساحل والصحراء، الأمر الذي قد يضر بطموحات منافسيها في المنطقة". وأكد الصديقي أن "نجاح الجهود الدبلوماسية المغربية رهن بإبداع اقتراحات سياسية منصفة للطوارق في شمال مالي الذين يشعرون أن الاستعمار ظلمهم، والاستقلال لم ينصفهم أيضاً".

ويشير الخبير في العلاقات الدولية، إلى أن منح الحكم الذاتي لمنطقة أزواد في شمال مالي، يظل الخيار الأقل كلفة والأكثر عقلانية، إذ يحافظ على وحدة دولة مالي، ويمنح في الآن نفسه لهذه المنطقة، سلطة إدارة شؤونها المحلية".

ويرى الصديقي أن "المناطق المرشحة للاضطرابات السياسية تستدعي من المغرب عدم الاكتفاء فقط بآليات الدبلوماسية التقليدية، والتدخل لإطفاء الحرائق بعد اشتعالها، بل تستلزم نهج دبلوماسية استباقية لمنع اندلاع هذه الاضطرابات أو الحيلولة دون تطورها إلى مرحلة يصعب التحكّم فيها".

وتطالب الحركة الوطنية لتحرير "أزواد"، باستقلال شمال مالي في إطار خريطة الطريق الموقعة في يونيو/ حزيران 2013 في بوركينا فاسو، غير أن الحكومة المركزية في باماكو ترفض التفاوض معها حول مستقبل هذه المنطقة.

دلالات