لم تنته الخلافات الداخلية في المجموعة النيابية لحزب "نداء تونس"، فرغم سيل التصريحات، منذ الأسبوع الماضي، حول التوافق والوحدة وانتهاء الخلافات؛ فإن ذلك لم يحجب حقيقة الوضع المتوتر داخلياً، والذي انفجر، اليوم الثلاثاء، باستقالة أربعة أعضاء، وتجميد خمسة عشر نائباً لعضويّاتهم رسمياً من الكتلة، احتجاجاً على ما اعتبروه انفراداً من رئيس الكتلة، سفيان طوبال، بالقرارات، وتعيينه موالين له في هياكل البرلمان.
وقدّم كل من نور الدين عاشور، ولطفي علي، وعلي بن سالم، والناصر الشنوفي، رسمياً، استقالاتهم من كتلة النداء، فيما قدّم نائب رئيسها، محمد سعيدان، استقالته، هو أيضاً، من منصبه، وتصدّر، بذلك، قائمة مجمّدي العضوية في الكتلة. ولم تبدر، بعدُ، من طرف رئيس المجموعة، طوبال، ومن يناصره من النواب، أية ردود أفعال.
وفسر النائب، محمد سعيدان، في حديث مع "العربي الجديد"، موقف المجموعة التي جمّدت عضويّاتها والمستقيلين؛ بانعدام الرضا عما يحصل في الكتلة، وسوء إدارتها، الذي تفاقهم ووصل حدّ اتخاذ قرارات تخص كامل نوّاب النداء من قبل طوبال والموالين له، واحتكارهم المسؤوليات داخل اللجان ومكتب البرلمان.
ولفت سعيدان إلى أن الاتفاق الحاصل في الهيئة السياسية للنداء، إثر لقاء صفاقس نهاية الشهر الماضي، قضى بأن يستمر طوبال على رأس الكتلة إلى غاية انتهاء الدورة النيابية، وأن يحرص على إنهاء الخلاف، وتشريك الجميع في اتخاذ القرارات. بيد أنه، وفي أول فرصة سانحة، قام بالتشاور مع كتلة "النهضة"، بالتنازل عن لجنة نيابية ذات أهمية قصوى، ومرتبطة بمجالات حساسة، وهي لجنة الأمن والدفاع، دون العودة إلى المجموعة، واقتصرت مشاوراته على الموالين له.
وأضاف سعيدان أن طوبال اجتمع بـ 19 نائباً، تعزّزوا بالتحاق آخرين، فقط ليقرّر إسناد المسؤوليات داخل البرلمان للموالين له، حيث تمّ تعيين كل من لطفي النابلي، وصابرين قوبنطيني، والمنجي الحرباوي، في مكتب البرلمان، وإقصاء نوّاب التزموا الحياد خلال الصراع في الفترة الماضية، ومعاقبتهم على صمتهم بسحب مسؤولياتهم منهم.
وهدّد النواب الذين جمّدوا عضوياتهم بالاستقالة نهائياً من النداء؛ إذا تم الحفاظ على الأسماء ذاتها في هياكل البرلمان، معتبرين أنه إذا ما واصل طوبال والموالون له الاستئثار بالقرارات؛ فإن ذلك سيؤدي لزاماً إلى مغادرة الكتلة، وتأسيس أخرى، لأنها لم تعد تمثلهم، وانتهت كل روابط الانتماء معها.
وتتغير بذلك ملامح المشهد البرلماني، مرة أخرى، لتتراجع كتلة النداء إلى 65 نائباً فقط، ما لم تتدخل قيادات الحزب من الهيئة السياسية في الخلاف، وتطلب من طوبال التراجع في القائمة، وتقديم النواب الحاصلين على مسؤوليات في هياكل المجلس لاستقالاتهم، وتعويضهم بطريقة ديمقراطية.