تتّجه الأنظار مع بداية هذا الأسبوع إلى مجلس الأمن الدولي، حيث ستلتقي الممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، أعضاء مجلس الأمن للحصول على موافقته على "خطة مواجهة تهريب البشر" التي أقرّها وزراء الخارجية والدفاع في الدول الـ28 للاتحاد الأوروبي الإثنين الماضي في بروكسل. ونصّت الخطة على قيام الاتحاد الأوروبي بعملية عسكرية ضد مهربي المهاجرين في البحر المتوسط على ثلاث مراحل، من دون أن يتم تحديد البُعد الاستراتيجي لها.
لكن تطبيق المرحلتين الثانية والثالثة من الخطة اللتين تنصان على تفتيش القوارب ومصادرتها أو إرغامها على العودة، إضافة إلى التدخل العسكري على الأراضي الليبية، تتطلبان موافقة من مجلس الأمن تحت الفصل السابع، وهو الأمر الذي لا يزال يصطدم بتحفظ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والرفض الروسي، وهو ما كان قد أعلن عنه المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، الذي أشار إلى أن موسكو لا تدعم اقتراح الاتحاد الأوروبي إجراء عملية ضد سفن مهربي البشر في المتوسط. وأكد لمنسّقة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي في وقت سابق عدم تأييد موسكو لاتخاذ خطوات راديكالية على غرار تدمير سفن مهربي البشر، لافتاً انتباه المسؤولة الأوروبية إلى الجوانب القانونية لمثل هذه العملية، ومنها آلية مساءلة المتورطين في إرسال سفن التهريب وأفراد طواقمها، ومصير ركاب السفن بعد تدميرها.
وعلى الرغم من ذلك، تبذل موغيريني جهدها آملة في انتزاع القرار من أجل الشروع في العملية، وليس من المستبعد أن تنطلق المرحلة الأولى منها، والتي تقوم على عمليات الرصد والمراقبة، مع بداية شهر يونيو/حزيران المقبل.
وكانت موافقة دول الاتحاد على العملية العسكرية أثارت الكثير من المواقف المنددة بها في حال حصولها، ولا سيما أنها تشمل نشر قطع بحرية عسكرية لتدمير مراكب المهربين ومراقبة بالطائرات للسواحل الليبية. كما أنه وفي حال موافقة مجلس الأمن فستنفذ القوات الأوروبية عملية عسكرية في الموانئ والأراضي الليبية.
وكان وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، قد لفت إلى أن العملية البحرية ضد مهرّبي البشر في منطقة البحر المتوسط ستكون على مراحل، معتبراً أن السؤال الأهم في المرحلة الأولى يركّز على موقف السلطات الليبية التي من المجدي الاتفاق معها بهذا الشأن.
اقرأ أيضاً: الاتحاد الأوروبي يوافق على تنفيذ عملية لمحاربة تهريب المهاجرين
من الجهة العسكرية، يرى عدد من الخبراء أن العملية وإن تمت، لا يمكن أن تُستكمل وتؤدي الغرض المطلوب منها والمتمثل بالقضاء على المهربين، إنما ستجر الويلات على أوروبا وستُعرّض خفر السواحل الأوروبيين إلى عمليات اعتداء من قبل هذه الجماعات. ولا يخفى على أحد أن المهربين هم جماعات منظّمة تملك السلاح، وهناك سوابق في هذا الموضوع، وفي أكثر من مرة قاموا بإطلاق النار على خفر السواحل الإيطالية، وذلك من أجل استرداد مراكبهم التي تمت مصادرتها من قِبل الجنود الإيطاليين.
كذلك يتبين أن هناك نية لتحويل الملف من البُعد الإنساني إلى الأمني والسياسي، ويمكن اعتباره أيضاً اختباراً لنوايا سياسة الدفاع والأمن الأوروبية، وهذا ما شددت عليه المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان، معتبرة أنه يجب منح هؤلاء الحق بالوصول إلى أوروبا.
وتشير المعلومات إلى أن هناك توجهاً رسمياً من قِبل السلطات الليبية التابعة لحكومة عبد الله الثني، لتقديم بعض الاقتراحات إلى الاتحاد الأوروبي، من أجل إيجاد صيغة مشتركة يمكن العمل عليها في الفترة المقبلة لمكافحة هذه الظاهرة، ومنها مثلاً تقديم الدعم اللوجستي للقوات الليبية التابعة لحكومة الثني لضبط الحدود الجنوبية، بعدما تُركت مفتوحة، وتم تهميش الاتفاقات السابقة المتعلقة بضبط الهجرة غير الشرعية، لا سيما أنه ليس هناك من قوة عسكرية تستطيع العمل لفترة طويلة من دون تنسيق أمني مباشر، فضلاً عن أن ليبيا تطل على ألفي كيلومتر على أوروبا، وموقعها مهم جداً للقارة الأوروبية. كما ستتضمن الاقتراحات المطالبة برفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي (التابع لحكومة الثني) والبحث في إمكانية إعادة بعثة الاتحاد الأوروبي التي انتقلت إلى تونس بسبب الأحداث في ليبيا.
وكان الرئيس الألماني، يواكيم غوك، وخلال استقباله قبل أيام في برلين مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، شدد على احترام كرامة الانسان، وتابع قائلاً: "عندما يتعرض أفراد هربوا من العنف والاضطهاد أملاً في البحث عن حياة أفضل لسلب حقوقهم الأساسية مجدداً أو فقدان حياتهم، فإن ذلك يتنافى مع كرامة الإنسان".
يُذكر أن استطلاعات رأي أُجريت أخيراً، أظهرت أن 55 في المائة من الألمان من الذين شملهم الاستطلاع يؤيدون العملية العسكرية، فيما عارضها 38 في المائة فقط.
اقرأ أيضاً: "الهجرة غير الشرعية" تهزّ وحدة أوروبا