لجأت جماعة الحوثيين التي تسيطر على العاصمة اليمنية صنعاء إلى الحلول الأمنية في تعاملها مع أزمة تهاوي قيمة العملة المحلية، حيث قامت باعتقال عشرات الصرافين، فيما تحاول ابتزاز التجار لإعلان تخفيضات في أسعار منتجاتهم.
وداهم مسلحون حوثيون، قبل أيام، واحدة من شركات الصرافة في صنعاء، ونهبوا المبالغ الموجودة بها قبل اعتقال مالك الشركة.
ولاحقاً نقلت قناة المسيرة، الناطقة باسم الحوثيين، عن مصدر أمني قوله، إن أجهزة الأمن قامت بضبط مالك محلات بن عامر للصرافة وبحوزته مبالغ كبيرة من العملة الصعبة بعد التحقق من أنه أحد المتلاعبين بسعر الصرف.
وأفلحت الحلول الأمنية في تراجع سعر الصرف في السوق الموازية إلى 280 ريالاً من 350 ريالاً للدولار ولخمسة أيام فقط، قبل أن يعود للارتفاع مجدداً، منذ الثلاثاء الماضي، إلى 310 ريالاً للدولار، علماً أن السعر الرسمي 250 ريالاً للدولار، وفق متعاملين في سوق الصرف.
وقال أحد أصحاب شركات الصرافة لـ "العربي الجديد": إن "مسلحين حوثيين وأفراداً من الأمن القومي، داهموا العشرات من محالات الصرافة ونهبوا ما لديها من أموال، بل وصل الأمر إلى التهديد بإعدام الصرّافين بدعوى التلاعب بسعر الصرافة وبالأمن القومي للبلد".
وكان البنك المركزي قد اتخذ عدة إجراءات، نهاية العام الماضي، منها وقف التعامل بالدولار وصرف الحوالات الخارجية بالريال اليمني، بالتزامن مع إجراءات أمنية مشددة، حيث اعتقل عشرات الصرافين وتم الإفراج عنهم لاحقاً بعد إلزام كل صراف بدفع 20% من رأسمال شركته، كضمانة توضع لدى البنك المركزي لعدم التلاعب بأسعار الصرف.
وبالتزامن مع اعتقال الصرافين، لجأت جماعة الحوثي إلى تهديد القطاع التجاري بالحلول الأمنية لإجبارهم على تخفيض أسعار السلع.
وحذرت اللجنة الأمنية العليا، مساء الأربعاء الماضي، من استمرار التلاعب في أسعار الصرف والمواد التموينية والغذائية.
وبحسب وكالة الأنباء اليمنية، في نسختها الخاضعة للحوثيين، دعت اللجنة الأمنية العليا في بيان، تجار الجملة والتجزئة الالتزام بالأسعار المقرة من وزارة الصناعة والتجارة في ما يتعلق بالمواد التموينية والغذائية وكافة محلات وشركات الصرافة، الالتزام بقوائم أسعار الصرف المعمم بها من البنك المركزي اليمني.
وأكدت اللجنة في بيانها أن الأجهزة الأمنية وبالتنسيق مع النيابة العامة والجهات الحكومية المختصة، ستتخذ كافة الإجراءات القانونية الرادعة بحق المخالفين.
وبحسب الوكالة، ناقشت اللجنة الأمنية العليا في اجتماعها الأخير، قبل يومين، ارتفاع أسعار الصرف والمواد التموينية والغذائية نتيجة التلاعب غير المبرر بهذه الأسعار من بعض التجار وعدد من محلات الصرافة.
وفي واحدة من صور الابتزاز للقطاع التجاري، نشرت وكالة سبأ للأنباء، في نسختها الخاضعة للحوثيين، خبراً عن تخفيض مجموعة شركات هائل سعيد أنعم لأسعار منتجاتها بنسبة 30%.
وقال الخبر: "علمت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن مجموعة شركات هائل سعيد أنعم أعلنت عن تخفيض نسبة 30% من أسعار كافة منتجاتها الغذائية بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك".
لكن مصدر في الإدارة العامة لمجموعة شركات، هائل سعيد أنعم، أكد لـ "العربي الجديد"، أن المجموعة فوجئت بالخبر المنشور في وكالة سبأ، وأنه لم يصدر عن المجموعة أي بيان عن التخفيض، معتبراً أن "جماعة الحوثي تحاول فرض الأمر الواقع وابتزاز القطاع التجاري".
وقال مستهلكون، إن منتجات شركات المجموعة ارتفعت في السوق بنسب تتراوح بين 20-30%.
واعتبر مركز اقتصادي يمني أن الحل لأزمة انهيار الريال يتمثل في إيداع وديعة نقدية في البنك المركزي اليمني من دول الخليج.
ودعا مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، إلى إنقاذ العملة اليمنية عقب الانهيار الحاد في سعر الريال مقابل العملات الأجنبية، خلال الأيام الماضية، ما أدى إلى حدوث نسبة عالية من التضخم، انعكست في شكل تداعيات سلبية على أسعار السلع والخدمات الأساسية.
واقترح المركز تقديم دعم نقدي مباشر وعاجل للبنك المركزي اليمني من دول الخليج والدول العشر الكبرى، وذلك في صورة ودائع أو عبر فتح خطوط ائتمانية، لكن المركز قال، إن هذا الإجراء يتطلب حلاً سياسياً يستعيد الدولة ومؤسساتها ويضمن استقلالية البنك المركزي وبرعاية إقليمية ودولية.
وأوضح المركز أنه في حال لم يتم التوصل إلى مثل هذا الحل، فإن البديل يتمثل في إنشاء وحدة مصرفية تعنى بالتجارة الخارجية ودعم استقرار العملة وتعمل خارج النظام الآلي الذي تسيطر عليه جماعة الحوثي في صنعاء، ويصدر بها قرار جمهوري استثنائي بحيث لا يتعارض نشاطها مع النظام الكلي للبنك المركزي، وإنما يكون أشبه بمصرف مصغر بحيث تمتلك حزمة من الإجراءات لإدارة المخاطر.