الحوثيون وحزب صالح: التوتر مجدداً بعد التهدئة

25 أكتوبر 2017
الخلافات تنهش التهدئة الهشة (محمد حويس/ فرانس برس)
+ الخط -



بعد أكثر من شهرين على تصاعد أزمة الخلافات المتصاعدة بين جماعة أنصار الله (الحوثيين)، وحليفها حزب المؤتمر الذي يترأسه المخلوع علي عبد الله صالح، عادت مظاهر الأزمة مجدداً، على الرغم من نجاح الطرفين باحتواء حدود التوتر الذي ترافق معها خلال الفترة الماضية.


وبدا عدم التوصل إلى اتفاق واضح، حتى اليوم، من شأنه أن ينهي الأزمة، بقدر ما يبدو أن الوضع إلى مزيد من التصعيد، إذا ما استمرت نقاط الخلاف.

وأكدت مصادر سياسية في صنعاء لـ"العربي الجديد"، أن وتيرة الخلافات تصاعدت في الأيام الأخيرة، مع بروز مظاهر عسكرية لها، حيث يقوم الحوثيون بحملات تعبئة واستعراض لمسلحيهم في العديد من المحافظات، تحت مسمى "رفد الجبهات"، في إشارة لمناطق المواجهات مع الشرعية والتحالف أو ما يصفونه بـ"العدوان السعودي الأميركي". لكن تلك التحركات، لا تبعد كثيراً عن رسائل داخلية حول الخلافات مع حليفها حزب صالح.

وللمرة الأولى منذ الاشتباكات المحدودة في نهاية أغسطس/ آب، شهدت صنعاء، الاثنين، توتراً انعكس بإغلاق مفاجئ لمداخل ميدان السبعين، من قبل قوات أمنية وعسكرية، الأمر الذي استمر لساعات، قبل أن تنجح وساطة تولاها محسوبون على الطرفين باحتواء التصعيد.


وفي الوقت الذي تحفظت فيه المصادر الرسمية التابعة للحوثيين وحزب صالح عن تقديم تفاصيل حول ملابسات التوتر، تحدث ناشطون مقربون من الطرفين على مواقع التواصل الاجتماعي، بروايات متعددة، يتهم من خلالها كل طرف الآخر بالسعي لتفجير الوضع بافتعال مواقف استفزازية بنشر مسلحين في المنطقة التي تعد من أبرز المناطق ذات الرمزية السياسية والعسكرية داخل العاصمة، ويقع بالقرب منها منزل تابع لأحمد علي عبد الله صالح (نجل صالح المتواجد في الإمارات).

وتبرز أهمية "السبعين" من كونه المنطقة التي يقع فيها مقر "دار الرئاسة" المدمر تقريباً من قبل مقاتلات التحالف بقيادة السعودية، وإلى جانبه توجد مقرات عسكرية لقوات ما يُعرف بـ"الحماية الرئاسية". ومن الجانب الآخر يقع معسكر قوات الأمن الخاصة، وهي مقرات تعرضت جميعها لقصف جوي، الأمر الذي لم يعد من الممكن معه تحديد أهمية تلك المواقع ونفوذ كل طرف فيها بالمقارنة بالآخر. وعرفت المنطقة منذ سنوات كإحدى أهم مناطق نفوذ صالح بصنعاء، حيث كانت مركز حكمه سابقاً (دار الرئاسة).

وكان التوتر في "السبعين" جاء عقب حملة انتقادات لاذعة وهجوم متبادل من قبل ناشطين محسوبين على الطرفين في مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن جرى الكشف خلال الأسبوع الماضي، عن رسالتين بين قيادتي الطرفين، الأولى من حزب صالح، تتهم الحوثيين بممارسات تستهدفه وتخالف اتفاقات الشراكة في سلطة الأمر الواقع بينهما، مهدداً بالانسحاب منها، فيما الأخرى كانت رداً مفصّلاً من الحوثيين، يحمل جملة اتهامات لحزب صالح وللوزراء المحسوبين عليه في الحكومة غير المعترف بها والتي شكلها الطرفان منذ ما يقرب من عام.

وبصرف النظر عن تفاصيل التصعيد الأخير، فإن أبرز ما يحمله هو أنه يعكس عمق الأزمة بين الطرفين اللذين على الرغم من تمكنهما من نزع فتيل المواجهة أكثر من مرة، وكذا الروابط التي تدفعهما لاحتواء الخلافات بوجود خصم مشترك (التحالف والشرعية أو ما يطلقان عليه بـ"العدوان")، إلا أنهما في المقابل، لم يتمكنا من الوصول إلى اتفاق من شأنه تجاوز أبرز مواضيع الخلاف.

وكان الحوثيون وحزب صالح، تحالف الضرورة الذي اجتمع بـ"الانقلاب"، ومواجهة التحالف، دخل منذ أشهر، في تصدع كبير، بالتزامن مع تحضير حزب صالح لمهرجان جماهيري بذكرى تأسيس الحزب في 24 أغسطس/آب الماضي، وبالتزامن معه وصل التوتر إلى أوجه بين الطرفين ما أدى لاشتباكات محدودة (قرب منطقة السبعين ذاتها). وتمكنت قيادات الطرفين من نزع فتيل الأزمة، بالتهدئة والتفاهم المباشر الذي جرى بين زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي وصالح.

وكان لافتاً، خلال الأيام الماضية، عودة التوتر بالتزامن مع إجراء صالح لعملية جراحية أجراها له فريق طبي روسي، وأعلن بعدها عن تلقيه دعوة لزيارة روسيا، أثارت العديد من التكهنات. وبدا واضحاً أن مواضيع الخلافات المتراكمة وحسابات كل طرف تجاه الآخر هي الحاضر الأبرز في علاقة الطرفين، فعلى الرغم من الروابط التي تضع حدوداً للتصعيد بينهما، إلا أنها وفي ظل استمرار حالة عدم الثقة، وحوادث التوتر، تشير إلى أن الوضع بات مفتوحاً على كافة الاحتمالات.