الحكومة تسجن المعارضة بسحب الجنسية

23 سبتمبر 2017
سحب الجنسية بمثابة سجن دائم (فيسبوك)
+ الخط -
يبدو أن مصر على أعتاب أزمة حقوقية، الخاسر الأول فيها هو المواطن، بعد موافقة مجلس الوزراء، الأربعاء الماضي، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية، والذي يسمح بسحب الجنسية من المواطنين.

يتضمن التعديل إضافة حالة جديدة لسحب الجنسية المصرية، تتعلق بكل من اكتسبها عن طريق الغش أو بناء على أقوال كاذبة، أو صدور حكم قضائي يثبت انضمامه إلى أي جماعة، أو جمعية، أو جهة، أو منظمة، أو عصابة، أو أي كيان، أياً كانت طبيعته أو شكله القانوني أو الفعلي، سواء كان مقرها داخل البلاد أو خارجها، وتهدف إلى المساس بالنظام العام للدولة، أو تقويض النظام الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي لها بالقوة، أو بأية وسيلة من الوسائل غير المشروعة.

كذلك نص التعديل على زيادة المدة التي يجوز خلالها سحب الجنسية المصرية من الأجنبي الذي اكتسبها بالتجنس أو بالزواج، لتكون 10 سنوات بدلاً من 5 سنوات، وزيادة المدة التي يكتسب بعدها الأجنبي للجنسية المصرية تبعاً لوالدته لتكون سنتين بدلاً من سنة، وحذف اكتساب الأولاد البالغين للجنسية تبعاً لذلك والاكتفاء بالأبناء القُصّر.

ويشمل التعديل إضافة حالة جديدة لحالات إسقاط الجنسية، تتعلق بصدور حكم بالإدانة في جريمة مضرّة بأمن الدولة من جهة بالخارج أو الداخل.


وبحسب هذه التعديلات، فإن الآلاف من المصريين المعارضين للسلطات الحالية، عرضة لسحب الجنسية منهم في حال صدور أحكام قضائية.

مشكلات سقوط الجنسية
على غرار الإمارات في التعامل مع المعارضة بسحب الجنسية، تنوي مصر تصفية حسابتها مع المعارضة بنفس الطريقة، ليلحق بهم الضرر، ويفقدوا حق المواطنة، وفي هذه الحالة ينعدم الرابط القانوني بين الدولة والفرد، وبناء عليه يواجه الأشخاص عديمو الجنسية صعوبات في حياتهم اليومية، فهم معرضون للحرمان من الحصول على الرعاية الصحية والتعليم وحقوق الملكية والقدرة على التحرك الدولي بحرية.

كما أنهم عرضة للمعاملة التعسفية والجرائم مثل الاتجار بالبشر، وقد يتسبب تهميش عديمي الجنسية بخلق توترات في المجتمع ويؤدي إلى عدم الاستقرار على المستوى الدولي، وفي حالات قصوى، إلى نشوء نزاعات ونزوح.

وهناك نوعان حسب تقرير المفوضية للأمم المتحدة، من حالات انعدام الجنسية بحكم القانون وبحكم الواقع لا يعتبر الأشخاص عديمو الجنسية بحكم القانون مواطنين وفقا لقوانين أي بلد، ومع ذلك فإن هناك حالات يمتلك فيها الشخص جنسية بصفة رسمية، لكن هذه الجنسية تكون غير فعالة، وهذا ما يسمى بحالة انعدام الجنسية بحكم الواقع.

ومثال على ذلك عندما يحرم الشخص فعلياً من ممارسة الحقوق التي يتمتع بها جميع المواطنين، كالحق في العودة إلى البلاد والإقامة فيها. وقد يكون من الصعب تحديد الخط الفاصل بين انعدام الجنسية بحكم القانون وبحكم الواقع. ويجد الملايين من الناس أنفسهم في جميع أنحاء العالم عالقين في هذا الفراغ القانوني. ومن أهم أسباب انعدام الجنسية التمييز والثغرات في التشريعات الخاصة بالجنسية.

وأضاف التقرير حق كل فرد في أن تكون له جنسية، ولا يجوز حرمان أحد تعسفاً، من جنسيته ولا من حقه في تغيير جنسيته. وعلى الدول أن تضع ضمانات لمنع انعدام الجنسية بمنح جنسيتها للشخص المولود في إقليمها أو المولود خارج إقليمها لأحد الوالدين من رعاياها، والذي يكون لولا ذلك عديم الجنسية. وعلى الدول أيضاً منع حالات انعدام الجنسية عند فقدان الجنسية أو الحرمان منها.

المعارضة ودعوات قضائية لإسقاط الجنسية
سبقت القرار دعوات قضائية عدة طالبت بإسقاط الجنسية المصرية عن بعض رموز المعارضة. رفعت دعوى قضائية ضد محمد البرادعي، في 18 يونيو/ حزيران الماضي، من جانب المحامي سمير صبري الذي قال في دعوته إن البرادعي دائم التحريض ضد مؤسسات الدولة المصرية، وقد قضت محكمة القضاء الإداري فيها برفض هذه الدعوى.

أقام طارق محمود المحامي دعوى قضائية ضد أيمن نور بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، قالت الدعوى رقم 44357 إنه بعد سقوط جماعة الإخوان الإرهابية قرر معظم قيادتها الهروب إلى الخارج، وكان من بين الفارين أيمن نور، وذلك لإحدى الدول العربية، وانتقل منها إلى تركيا، والتي تتخذ مواقف معادية للدولة المصرية ومؤسساتها، وتؤوي قيادات إرهابية صدرت ضدهم أحكام لارتكابهم جرائم تمس الأمن القومي المصري، كما أنه مالك لقناة الشرق التي تبث من تركيا، وتتخذ سياسة تحريضية ضد مؤسسات الدولة المصرية.

وقررت الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، تأجيل الدعوى التي تطالب بإسقاط الجنسية عن الفنان هشام عبد الله، لاتهامه بالخيانة، وقالت الدعوى المقامة من سمير صبري المحامي، إنه انضم حديثا إلى كتيبة الخونة والعملاء وتجار الوطن المبلغ ضده هشام عبد الله، ليظهر على شاشة قناة الشرق المملوكة للهارب أيمن نور، ليسب الدولة المصرية قيادة وشعبًا.

بين السخرية والترقب
بعد الموافقة على القرار، دار الحوار على مواقع السوشيل ميديا بين السخرية والترقب، رحب بعضهم بالقرار قائلين: إن الجنسية المصرية لا تقدم لهم سوى الإهانة سواء للمقيميين داخل البلاد أو خارجها.

أما من اتخذ القرار على محمل الجدّ، فيترقب ما يتعرض له بعد سحب الجنسية، يقول محمد شاب خرج من مصر لتركيا بعد الحكم عليه بالسجن 15 عاماً، في حالة سحب الجنسية كيف لي أن أكمل دراستي وكيف أحصل على وظيفة بدون أوراق رسمية، يعني ذلك سأظل هارباً طوال حياتي وإذا رغبت في التنقل بين البلاد سيكون عن طريق التهريب، مؤكداً أن سحب الجنسية سجن دائم لأصحابه، مشيراً إلى أن المعارضة الآن في حاجة ضرورية لجنسيات أخرى وطريق الجنسيات طويل، والإقامة في تركيا لا تمنح جنسية.