وجّه نشطاء مصريون معارضون، اليوم الثلاثاء، انتقادات للحكومة المصرية الجديدة ـ القديمة، التي أدت اليمين الدستورية أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، في حين أثار التعديل الذي طال وزارة الخارجية جدلاً كبيراً، على خلفية إطاحة الوزير نبيل فهمي، واستبداله، في اللحظات الأخيرة، بسفير مصر السابق في الولايات المتحدة، سامح شكري.
وقال نشطاء سياسيون إن "التعديلات التي طرأت على حكومة رئيس الوزراء، إبراهيم محلب، لم تحمل مفاجآت جديدة"، مؤكدين أنها "جاءت مشابهة، إلى حد بعيد، مع حكومة الرئيس المخلوع، حسني مبارك، قبل اندلاع ثورة يناير".
وفي تصريحات لـ"العربي الجديد"، قال القيادي في حركة "الاشتراكيين الثوريين"، مصطفى بسيوني، إن "التشكيل الجديد لحكومة محلب يضم رموز نظام مبارك، وفي مقدمتهم محلب نفسه، الذي كان عضو لجنة السياسات بالحزب الوطني المنحل وعيّنه مبارك عضواً بمجلس الشورى".
وفي ما يتعلق بالإبقاء على وزيرة القوى العاملة، ناهد العشري، في التشكيلة الجديد للحكومة، أوضح الناشط اليساري أن "هذا القرار يؤكد أن اختيار العشري، المعروفة بانحيازها لأصحاب الأعمال واتحاد العمال الرسمي وعدائها للعمال، لم يكن اعتباطياً إنما خياراً متعمداً ومدروساً".
بدوره، قال القيادي في جبهة "طريق الثورة"، محمد القصاص، إن الإبقاء على محلب رئيساً للحكومة كان أمراً متوقعاً، "كون السيسي قد اختاره لهذا المنصب بعد حصول الانقلاب".
وأوضح القصاص، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "السيسي حرص على اختيار وزرائه من التكنوقراط، في محاولة منه لاحتواء الأزمات الطاحنة التي ستتصاعد حدتها خلال الفترة المقبلة"، والتي استبعد أن تنجح الحكومة في تداركها، "بما أن الوضع ينذر بانفجار"، على حد تعبيره.
ولاحظ القصاص أن "هذا الوضع لا ينطبق على إبقاء وزير الداخلية محمد إبراهيم لأنه شريك في القتل والمذابح التي وقعت منذ الانقلاب".
شكري "الأميركي"
على صعيد متصل، أثارت إطاحة نبيل فهمي، واستبداله، في اللحظات الأخيرة، بسفير مصر السابق في الولايات المتحدة، سامح شكري لحقيبة الخارجية، جدلاً كبيراً. وأكدت مصادر مقربة من شكري، أن اختياره يجسد "مسعى الإدارة المصرية الجديدة لصناعة سياسة خارجية جديدة مع الدول العربية، وكذلك مع الولايات المتحدة، كونه كان واحداً من أبرز السفراء المصريين في واشنطن، وهو مُلمّ بالكثير من التفاصيل عن الموقف الأميركي، الرسمي والشعبي".
وأشارت المصادر إلى أن أول ما أكد عليه شكري، عقب تكليفه بالوزارة، هو التواصل مع الكتل الكبرى في الكونجرس، ومراكز صنع القرار، لتسريع عملية إعادة السفير الأميركي إلى القاهرة، بعد غياب استمر لنحو 10 شهور، وكذلك إزالة ما شاب العلاقات المصرية ـ الأميركية من توترات خلال الفترة التي أعقبت الثلاثين من يونيو/حزيران من العام الماضي.
ورأى الناشط اليساري، مصطفى بسيوني، أن اختيار شكري، الذي كان مستشار مبارك لشؤون المعلومات بين عامَي 1995 و1999 وأحد أبرز المروجين لتوريث جمال مبارك، هو محاولة تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، لأنه الأقرب لسياستها بحكم عمله سفيراً في واشنطن في الفترة من 2008 إلى 2012.
في المقابل، كشفت مصادر أوروبية في القاهرة أن استبعاد فهمي كان بمثابة عقاب له، بعد فشل النظام المصري الجديد في استقدام مسؤولين غربيين كبار لحضور حفل تنصيب السيسي، الأمر الذي اعتبر بمثابة "الفضيحة".
وأوضحت المصادر أنه قبيل حفل التنصيب بيومين، عقد ممثلو 28 دولة أوروبية اجتماعاً في بروكسل لمناقشة الدعوة الموجهة لمنسقة العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي، كاترين آشتون، لحضور الاحتفال، وأسفر الاجتماع عن رفض الدعوة، خصوصاً أنهم اعتبروا أن مشاركة آشتون ستكون بمثابة الاعتراف بالسيسي، في ظل مماطلته ورفضه الإعلان عن أي إصلاحات أو مبادرات للمصالحة الداخلية.
وكشفت المصادر الأوروبية أن الاتحاد كان بصدد منح النظام الحالي في مصر مساعدات بقيمة 110 ملايين يورو، إلا أنه تراجع عنها في اللحظات الأخيرة بسبب استمرار الانتهاكات ضد النشطاء السياسيين من قبل النظام. وتابعت المصادر "للأسف، بدلاً من قيام النظام المصري بعلاج السبب الحقيقي للقلق الغربي، قاموا بإطاحة فهمي كعقاب، محملين إياه المسؤولية عن الموقف الأوروبي والأميركي تجاه النظام المصري الحالي".
وتضم الحكومة الجديدة، التي يرأسها إبراهيم محلب، 34 وزيراً، بينهم 13 وجهاً جديداً، مع استحداث وزارة جديدة لتطوير العشوائيات، تولتها وزيرة البيئة في الحكومة السابقة، ليلى إسكندر.
وللمرة الأولى، لن تشمل الحكومة حقيبة الإعلام، الهيئة الحكومية التي تشرف على وسائل الاعلام الرسمية منذ عقود. وتأتي خطوة إلغاء الوزارة، تماشياً مع الدستور المصري الجديد، الذي يدعو إلى إنشاء "هيئة مستقلة" لتنظيم وسائل الإعلام والصحافة، علماً أنّ وجود وزارة الاعلام بات نادراً إلا في الدول التي لا تعرف حريات إعلامية حقيقية. وسيتولى رئيس "اتحاد الإذاعة والتلفزيون" مهام الوزارة الملغاة، إلى حين تشكيل "مجلس وطني للمعلومات".