لا يخضع اختيار الوزراء في عهد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إلى معايير تقييم الأداء والنزاهة والشفافية كسائر دول العالم، بل إلى معايير الولاء والثقة المطلقة، وهو ما ظهر جلياً في اختيار وزير الإسكان والمرافق، مصطفى مدبولي، لرئاسة الحكومة الجديدة، برغم تورطه في وقائع تتعلق بإهدار المال العام، ومنح نفسه مكافآت وبدلات بملايين الجنيهات من دون وجه حق.
وأفاد مصدر نيابي بارز بأن مدبولي التقى، الخميس الماضي، كلا من وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، سحر نصر، ووزير النقل، هشام عرفات، لتجديد الثقة بهما، كاشفاً عن خروج 8 وزراء من التشكيل الحالي، وفي مقدمتهم الزراعة عبد المنعم البنا، والري محمد عبد العاطي، والبيئة خالد فهمي، والآثار خالد العناني، والتعليم العالي خالد عبد الغفار، والقوى العاملة محمد سعفان. وقال المصدر، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الرئيس السابق للجنة الاقتصادية في البرلمان ووزير التموين، علي المصيلحي، سيكون على رأس المستبعدين، على خلفية ضبط ثلاثة من مستشاريه في واقعة رشوة رئيس الشركة القابضة للصناعات الغذائية، ومدير الكلية الفنية العسكرية السابق، اللواء علاء فهمي، إضافة إلى وزير الشؤون النيابية، عمر مروان، كونه مرشحاً لتولي حقيبة العدل.
ومن المتوقع الإبقاء على "أهل الحظوة" في الحكومة الجديدة، برغم الانتقادات الموجهة إلى أدائهم، خصوصاً من أعضاء مجلس النواب، وعلى رأسهم وزير الصحة، أحمد عماد الدين، الذي شهدت حقيبته العديد من الأزمات، على غرار ارتفاع أسعار الأدوية، ونقص الكثير من أصنافها في الأسواق، والتردي غير المسبوق في الخدمة الصحية، خصوصاً في المستشفيات العامة، غير أنه من الوزراء المقربين إلى السيسي. كما يستمر وزير التربية والتعليم، طارق شوقي، في منصبه، على الرغم من الهجوم المتواصل عليه، وعلى نظامه التعليمي الجديد "غير واضح المعالم"، واستمرار ظاهرة تسريب امتحانات الثانوية العامة في عهده، إلى جانب وزير الأوقاف، مختار جمعة، الذي يعد أقدم الوزراء الحاليين شغلاً للمنصب، الذي حظي به في حكومة الانقلاب العسكري التي تشكلت برئاسة حازم الببلاوي، في يوليو/تموز 2013. كذلك يستمر في مناصبهم وزراء الدفاع صدقي صبحي، والإنتاج الحربي محمد العصار، والداخلية مجدي عبد الغفار، والخارجية سامح شكري، والتخطيط والإصلاح الإداري هالة السعيد، والمالية عمرو الجارحي، والاتصالات ياسر القاضي، والتضامن الاجتماعي غادة والي، والهجرة وشؤون المصريين بالخارج نبيلة مكرم، والشباب والرياضة خالد عبد العزيز، والبترول طارق الملا، والكهرباء محمد شاكر، والطيران شريف فتحي، والثقافة إيناس عبد الدايم.
ويواصل مدبولي اجتماعاته التشاورية سواء مع جهات سيادية ورقابية، أو مع قيادات برلمانية، للتوافق على أسماء الوزراء الجدد، قبل عرض التشكيل كاملاً على مجلس النواب خلال جلساته المنعقدة هذا الأسبوع، بحسب مصادر مسؤولة، والتي رجحت عودة وزير التخطيط السابق، أشرف العربي، لتولي منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، ولواء الشرطة السابق، محمد أبو شادي، الذي دخل دائرة الترشيحات، لتولي حقيبة التموين مجدداً. وكشفت المصادر، في حديث خاص، أنه كانت هناك نية لاستمرار شريف إسماعيل على رأس حكومة تسيير الأعمال حتى نهاية يونيو/حزيران الحالي، لحين الانتهاء من قرارات رفع أسعار الوقود والكهرباء، إلا أن هذه التكهنات وصلت إلى الرأي العام، وعلى إثرها طالبت أجهزة رقابية بضرورة الإسراع في التغيير الوزاري، على اعتبار أن الحكومة ماضية قدماً في برنامجها للإصلاح الاقتصادي، من دون اعتبار لمن يترأسها.
دمج الوزارات
وقال الأمين العام لائتلاف الأغلبية في البرلمان (دعم مصر)، مجدي مرشد، إن هناك ضرورة لدمج بعض الوزارات الحالية لكثرة عددها، مثل السياحة والآثار والثقافة، وهو ما أيده النائب أحمد فرشوطي بقوله إن "دمج الوزارات بات أمراً مطلوباً لتخفيف الإنفاق والروتين الذي أصبح سمة الحكومة المصرية، وتسهيل عملية التواصل بين الوزارات، والإسهام في تأدية الأعمال بصورة أفضل". وطالب فرشوطي بأن تكون هناك رؤية حقيقية من جانب الحكومة الجديدة لإصلاح الأوضاع الاقتصادية المتدهورة داخل البلاد، قبل فوات الأوان، خصوصاً وأن هناك الكثير من القطاعات تحتاج لتدخل حكومي لإنقاذها، خصوصاً ملف الصادرات المصرية إلى الخارج، وما يواجهه من أزمات. من جهته، اعتبر رئيس لجنة الإدارة المحلية في مجلس النواب، أحمد السجيني، أن تكليف مدبولي بتشكيل الحكومة اختيار جانبه الصواب، لأنه ليس مرئياً، سواء للمواطن المصري أو البرلمان، مشدداً على أهمية تصدر رؤى الإصلاح الإداري والهيكلي اهتمامات الحكومة الجديدة خلال المرحلة المقبلة، إلى جانب تعظيم الموارد المحلية.
حكومات السيسي
يشار إلى أن السيسي شكل حكومتين، وأجرى خمسة تعديلات وزارية، خلال فترة ولايته الأولى، إذ كانت الحكومة الأولى برئاسة إبراهيم محلب في 17 يونيو/حزيران 2014، وضمت 34 وزيراً، إلى أن أجرى محلب تعديلاً محدوداً عليها في 5 مارس/آذار 2015، بتعيين 8 وزراء جدد، كان من أبرزهم اللواء مجدي عبد الغفار لحقيبة الداخلية، والذي تشهد قيادته للوزارة حملة موسعة للاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري، بحق معارضي الرئيس. وجاءت الحكومة الثانية في عهد السيسي، برئاسة شريف إسماعيل، في 19 سبتمبر/أيلول 2015، وكانت أشهر ملامحها دمج وزارة السكان مع الصحة، ووزارة التعليم الفني مع التربية والتعليم، ووزارة البحث العلمي مع التعليم العالي. وأجرى إسماعيل التعديل الأول على حكومته في 23 مارس/آذار 2016، وشمل تغيير عشر حقائب وزارية، على رأسها المالية، والاستثمار، والعدل، والسياحة، والنقل، والقوى العاملة. وجاء التعديل الثاني لحكومة إسماعيل بعد سبعة أشهر فقط، بتعيين لواء الجيش السابق، علي مصيلحي وزيراً للتموين، والتعديل الثالث في 14 فبراير/شباط 2017، وشمل تغيير 9 حقائب وزارية، هي الاستثمار، والتخطيط، والزراعة، والشؤون القانونية، والتموين، والتنمية المحلية، والتربية والتعليم، والتعليم العالي، والنقل. كما وافق مجلس النواب على تعديل وزاري أخير، قبيل إجراء "مسرحية الرئاسيات" المنقضية، أبقى على شريف إسماعيل في منصب رئيس الوزراء، مع اختيار رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أبو بكر الجندي، وزيراً للتنمية المحلية، وإيناس عبد الدايم وزيرة للثقافة، ورانيا المشاط وزيرة للسياحة، وخالد بدوي وزيراً لقطاع الأعمال، وتعيين عاصم الجزار نائباً لوزير الإسكان، وطارق توفيق نائباً لوزير الصحة.