صادقت حكومة الوفاق الفلسطينية، اليوم الثلاثاء، على الموازنة العامة للسنة المالية 2018، وتحاكي في أحد سيناريوهاتها تحقيق المصالحة مع حركة حماس، واستيعاب 20 ألف موظف في قطاع غزة.
يأتي ذلك بينما شكّك المجتمع المدني الفلسطيني في جدية الحكومة في ما يتعلّق بالاندماج مع غزة، معتبراً أن إعداد هذا السيناريو جاء لـ"ذر الرماد في العيون".
وأوضحت الحكومة، عقب جلستها الأسبوعية بالتزامن ما بين رام الله وغزة، أن السيناريو الأساس في الموازنة يفترض بقاء الوضع الحالي القائم في قطاع غزة على ما هو عليه.
وبحسب هذا المقترح، "تبلغ قيمة الموازنة 5 مليارات دولار، بحيث يصل إجمالي الإيرادات إلى 3.8 مليارات دولار، فيما يبلغ التمويل الخارجي من الدول المانحة 775 مليون دولار".
وفي المقابل، تبلغ النفقات الجارية 4.5 مليارات دولار، وسيخصص مبلغ 530 مليون دولار للنفقات التطويرية، فيما تصل قيمة الفجوة التمويلية إلى 498 مليون دولار، بمعدل شهري يبلغ نحو 40 مليون دولار.
وعادة ما يتم سدّ الفجوة التمويلية بالاقتراض من المؤسسات المالية المحلية، أو بإجراءات تقشفية، أو البحث عن وسائل لزيادة الإيرادات لتكون أعلى من تلك التي تتوقّعها الموازنة عند إعدادها.
ويحاكي السيناريو الآخر للموازنة تحقيق المصالحة بشكل كامل، واستيعاب 20 ألف موظف بغزة في كادر السلطة الفلسطينية، ووفقاً لهذا السيناريو تبلغ قيمة الموازنة 5.8 مليارات دولار، منها 5.2 مليارات دولار للنفقات الجارية، و830 مليون دولار للنفقات التطويرية، فيما تبلغ الإيرادات نحو 4 مليارات دولار، ويبلغ التمويل الخارجي لدعم الموازنة 775 مليون دولار، بفجوة تمويلية تقدر بنحو مليار دولار.
وتفترض حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية أن زيادة النفقات تفوق ارتفاع الإيرادات، في حال تمكينها في قطاع غزة بشكل كامل بنسبة 11%، ولم تشر في أي من بياناتها الصحافية أو تصريحات مسؤوليها إلى آليات تمويل الفجوة التمويلية الناتجة عن هذا السيناريو في حال تنفيذه.
في المقابل، شكّك الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة (مجتمع مدني) في توجهات الحكومة في ما يتعلّق بالاندماج مع قطاع غزة، وطالب الحكومة بإشراكه في بناء الموازنة العامة التي يتم تمويل 80% من إجمالي الإيرادات فيها من جيوب المواطنين عبر الضرائب المباشرة وغير المباشرة.
وقال عضو الفريق عصام عابدين إن الموازنة الموحدة تفتقر إلى آليات التنفيذ. لافتاً في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن إعداد هذا السيناريو يعد بمثابة "ذر للرماد في العيون، ولا نعتقد أن الحكومة جدية في هذا الطرح، لكون الخصم من رواتب موظفي السلطة الفلسطينية في قطاع غزة الذي بدأته الحكومة الفلسطينية منذ 8 أشهر ما زال سارياً".
وأعرب عابدين عن اعتقاده بأن "ما سيطبق في النهاية هو سيناريو الأساس، وأن إعداد سيناريو الموازنة الموحدة جاء في إطار إبراء الذمة في حال تدهور الوضع في قطاع غزة وصولاً إلى درجة الانفجار".
وجاء في البيان الأسبوعي للحكومة الفلسطينية، الذي وصلت "العربي الجديد" نسخة منه، أن موازنة السنة المالية 2018 تأخذ بعين الاعتبار تطوير منظومة الضرائب من خلال توسيع قاعدة المكلفين، واستقطاب مكلفين جدد.
وتضمنت الموازنة تعديل السياسة الضريبية للشركات بهدف تحفيز نمو وثبات الشركات الناشئة والصغيرة، وذلك بتخفيض ضريبة الدخل من 15% إلى 10% على الشركات الصغيرة والمتوسطة التي لا يتجاوز دخلها السنوي الصافي مليون دولار سنوياً، مقابل زيادتها على البنوك والمؤسسات المالية التي يفوق دخلها مليوني دولار سنوياً، وذلك من 15 إلى 20%.
كذلك تضمّنت موازنة عام 2018 إنشاء صندوق خاص تديره وزارة المالية لتمويل مشاريع الطاقة المتجددة، بحيث تساهم الحكومة بمبلغ 10 ملايين دولار في هذا الصندوق، وتساهم سلطة النقد بمبلغ مماثل، ليصل فيما بعد إلى 40 مليون دولار، وذلك لمساعدة الشركات الصغيرة بالحصول على التمويل اللازم لمشاريع الطاقة المتجدّدة من خلال البنوك التجارية.