وقّعت الحكومة السودانية والجبهة الثورية بالأحرف الأولى، اليوم الاثنين، 6 اتفاقيات سلام لإنهاء الحرب في عدد من مناطق النزاع، وخصوصاً في إقليم دارفور، وجنوب كردفان والنيل الأزرق.
وجاء توقيع الاتفاقيات في جوبا، عاصمة دولة جنوب السودان، التي رعت مفاوضات استمرّت لمدة عام بين الحكومة الانتقالية وحركات الكفاح المسلح التي ظلت تقاتل نظام الرئيس المعزول عمر البشير طوال السنوات الماضية.
وبداية، وقّعت الحكومة اتفاقاً مع 5 حركات مسلحة تقاتل في دارفور، غرب السودان، هي "حركة العدل والمساواة"، "حركة تحرير السودان" - فصيل ميناوي، "حركة تحرير السودان" - المجلس الانتقالي، "التحالف السوداني"، و"قوى تحرير السودان". ووقّع قادة تلك الحركات على التوالي: جبريل إبراهيم، أركو ميناوي، الهادي إدريس، عبد الله يحيى، وخميس عبد الله أبكر، فيما وقّع عن الجانب الحكومي نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول محمد حمدان دقلو.
وحضر مراسم التوقيع رئيس جنوب السودان الفريق سلفاكير ميارديت، ورئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان، ورئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك، إضافة إلى ممثلين لعدد من دول الجوار السوداني.
وفي اتفاق منفصل، وقّعت الحكومة على اتفاق سلام مع "الحركة الشعبية" - قطاع الشمال، لإنهاء الحرب في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، التي اندلعت في عام 2011. وأبرز ما تضمنه الاتفاق، منح حكم ذاتي للمنطقتين. ووقّع الاتفاق عن الحركة القائد مالك عقار، ودقلو عن الحكومة السودانية.
أما الاتفاق الثالث، فقد وقّعه نائب رئيس مجلس السيادة مع محمد داؤود، عن حركة "كوش"، وهو اتفاق خاص بالتنمية في شمال السودان.
ووقّعت الحكومة اتفاقاً رابعاً مع "مسار وسط السودان"، مع "الحزب الاتحادي الديمقراطي" المعارض، الموالي لـ"الجبهة الثورية"، ويتعلق بتنمية ولايات الوسط وتأهيل المشاريع، وأهمها مشروع الجزيرة، أكبر المشاريع الزراعية في البلاد.
أما الاتفاق الخامس، فهو يتعلق بمجمل القضايا القومية، مثل الدستور والمشاركة في السلطة، وتقسيم الثروة، والترتيب للانتخابات وغيرها، ووقعته الحكومة مع كلّ الحركات المسلحة، إضافة إلى اتفاق خاص بمسار شرق السودان وقعته الحكومة مع حزب "البجا" المعارض، الموالي لـ"الجبهة الثورية".
وفي كلمة له خلال حفل التوقيع، أشاد رئيس حركة "العدل والمساواة" جبريل إبراهيم، بدور جنوب السودان وتشاد والاتحاد الأوروبي وقطر وألمانيا، لما قامت به من جهود لإنجاح مفاوضات السلام، مؤكداً أن التحدي الأكبر هو تنفيذ ما جرى التوصل إليه، داعياً المجتمع الدولي والإقليمي إلى دعم التنفيذ والحيلولة دون فشله بسبب شحّ الموارد المالية.
من جهته، حذّر رئيس "الحركة الشعبية" ـ قطاع الشمال، مالك عقار، من أي تقاعس في تنفيذ اتفاق السلام، مبيناً أن الاتفاق يجب أن ينجح في حماية المدنيين وعودة النازحين واللاجئين، وتحقيق الرخاء الاقتصادي، وحثّ المانحين الدوليين على الإيفاء بتعهداتهم.
وأشار إلى أن الحكم الذاتي لجنوب كردفان والنيل الأزرق هو إحدى نتائج نضالات طويلة لشعوب المنطقتين، مؤكداً استعدادهم للعودة إلى الخرطوم اليوم قبل الغد.
وقال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، إن الاتفاق فتح الباب لعهد جديد، وجرى التوصل إليه وسط تعقيدات عدة في ملف السلام. وحث كلاً من عبد العزيز الحلو وعبد الواحد محمد نور على الانضمام إلى اتفاق السلام من أجل اتفاق وطني يسع الجميع، مؤكداً أن تنفيذ الاتفاق يحتاج لإرادة سياسية واحدة.
أمّا نائب رئيس مجلس السيادة، كبير مفاوضي الحكومة، الفريق أول محمد حمدان دقلو، فدعا إلى الاعتراف بأخطاء الماضي لبناء مرحلة جديدة، مشيراً إلى أن البلاد واجهت ظلامات الحرب الأهلية منذ الاستقلال نتيجة لغياب التنوع والمشروع الوطني.
من جهته، أعلن رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، في كلمته، الالتزام مع حركات الكفاح المسلّح بتطبيق الاتفاق على أرض الواقع، وعبور المرحلة الحرجة الحالية والمخاض العسير لتلبية متطلبات الثورة السودانية وشعاراتها في السلام والحرية والعدالة.
أما رئيس حكومة جنوب السودان سلفاكير ميارديت، فقد عبّر عن شكره لكل الأطراف لاستجابتها لوساطة جنوب السودان، وقال إن بلاده فخورة بإنجاز الاتفاق التاريخي، متعهداً بمواصلة جوبا لجهودها من أجل إلحاق الحركات غير الموقّعة عليه بعملية السلام.
ورحبت دولة قطر، اليوم الاثنين، بالتوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق السلام، مؤكدة تقديرها لرعاية دولة جنوب السودان لهذه المفاوضات.
وأعربت وزارة الخارجية القطرية في بيان لها، عن أمل دولة قطر في انضمام بقية الفصائل إلى عملية السلام، بما يحقق الاستقرار الشامل في السودان.
وأضاف البيان: "تتطلع دولة قطر إلى أن يحقق الاتفاق تطلعات الشعب السوداني الشقيق، ومطالبه العادلة في الحرية والسلام والعدالة، وشددت على موقف دولة قطر الثابت الداعم لوحدة وسيادة السودان".