الحكومة الأردنية تصرّ على صفقة الغاز رغم اعتراض النواب

16 ديسمبر 2014
مجلس النواب الأردني يرفض صفقة الغاز الإسرائيلي (أرشيف/Getty)
+ الخط -
بدت أجواء التوتر والتشنجات تطغى بشكل بازر وغير مسبوق على العلاقة بين الحكومة الأردنية ومجلس النواب بسبب تداعيات صفقة الغاز المقرر إبرامها بين الأردن وإسرائيل، لدرجة دفعت بعدد من النواب إلى توقيع مذكرة لإسقاط الحكومة برئاسة، عبد الله النسور، مع إصرارها على إتمام الصفقة وتجاهل توصية المجلس النيابي برفضها ومعارضتها على الإطلاق. 
وكان مجلس النواب قد رفض بغالبية إعضائه، الأسبوع الماضي، توقيع الحكومة صفقة استيراد الغاز من إسرائيل ووصفوها بالعار وأنها أكبر مشروع للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
وقال مصدر أردني مطلع، إن الحكومة ستوقع قريباً وبشكل رسمي على صفقة استيراد الغاز مع إسرائيل متجاهلة رفض النواب والشارع الأردني لها، كما أن وزير المالية، أمية طوقان، لم يخف من جانبه الإصرار الرسمي على إبرام الاتفاقية واستيراد الغاز من إسرائيل للتغلب على جزء كبير من مشكلة الطاقة في البلاد.
وحسب متابعين للملف "وضعت الحكومة الأردنية النواب أمام خيارات صعبة، فإما المضي في توقيع الاتفاقية مع إسرائيل، وأما اتخاذ قرارات صعبة، في تلميح إلى رفع أسعار الكهرباء بنسبة أعلى من المقررة بواقع 15% بداية العام المقبل، كما هو مخطط سابقاً".
وقال رئيس لجنة الطاقة في مجلس النواب، النائب جمال قموه، لـ "العربي الجديد"، إن النواب سيبذلون ما في وسعهم للحيلولة دون توقيع الاتفاقية مع إسرائيل والتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني من أحزاب ونقابات وفعاليات اجتماعية لتشكيل قوى شعبية ضد هذا المشروع.
أما مقرر اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب، النائب معتز أبو رمان، فقال لـ"العربي الجديد"، إن توصية مجلس النواب غير ملزمة للحكومة، وهي تستطيع توقيع اتفاقية الغاز مع إسرائيل رغم رفض غالبية النواب لها.
ومنذ مساء أمس، احتد الهجوم النيابي على الحكومة حيث وجه النائب في البرلمان، أمجد المجالي، انتقادات مباشرة لرئيس الوزراء، خلال جلسة مجلس النواب، واتهمه بأنه يحاول الإساءة لعلاقة مجلس النواب برأس النظام الأردني على خلفية المناقشات النيابية لصفقة الغاز، ما حذا برئيس مجلس النواب، عاطف الطروانة، لرفع الجلسة بعد مشادة مع النائب المجالي.
وقبل أسبوع أبلغ رئيس الوزراء، عبد الله النسور، مجلس النواب الأردني أن الحكومة تبحث عن كافة البدائل المتاحة للتزوّد بالغاز، وخصوصاً من الدول العربية، ولو بأسعار أعلى من الغاز الإسرائيلي، مشيراً الى أنه سيتم التباحث مع دول عربية، من بينها قطر، لهذه الغاية، لكن الإشارات الصادرة من جهات رسمية، أكدت عزم الحكومة إبرام الصفقة.

وأثار عزم حكومة الأردن استيراد الغاز من الاحتلال الإسرائيلي، جدلاً واسعاً في الشارع الأردني، وبدأ مجلس النواب ومؤسسات المجتمع المدني في المملكة في التعبئة الشعبية والضغط على الحكومة للحيلولة دون توقيع اتفاق نهائي مع إسرائيل للتزود بالغاز.
وبالتزامن مع حدة التوتر بين الحكومة والنواب فقد تفاعلت ردود الفعل على عزم الحكومة إتمام اتفاقية استيراد الغاز من إسرائيل، حيث حذرت نقابة المهندسين اعضاءها من التعاطي مع هذا المشروع التطبيعي وعدم المشاركة فيه، بل ومقاومته، فيما تطالب مسيرات شعبية في عدد من المحافظات بعدم استيراد الغاز الإسرائيلي، مهما كانت الأسباب وتحت أي ذريعة.
ولم تنجح الحكومة في إقناع النواب بجدوى صفقة استيراد الغاز، وأنها تصب في مصلحة الدولة واقتصادها، وباءت محاولاتها بالفشل أمام إصرار النواب والرفض الشعبي للاتفاقية.
وكانت شركة الكهرباء الوطنية الأردنية، المملوكة بالكامل للحكومة، قد وقعت أخيراً اتفاقية لاستيراد الغاز مع شركة نوبل انيرجي الأميركية صاحبة امتياز الغاز في إسرائيل لمدة 15 عاماً، ما أثار احتجاجات في الشارع الأردني.
وشركة نوبل الأمريكية هي صاحبة حق امتياز الغاز مع إسرائيل وأبرمت اتفاقاً مبدئيّاً مع شركة الكهرباء لشراء الغاز لمدة 15 عاماً بقيمة إجمالي مقدرة بنحو 15 مليار دولار.
وقال وزير الطاقة والثروة المعدنية الأردني، محمد حامد، نهاية أكتوبر الماضي، إن بلاده تتوقع استكمال اتفاق مع شركة نوبل انرجي قريباً لإمداد المملكة بالغاز الطبيعي من حقل لوثيان الإسرائيلي في صفقة قد توافر لها ما لا يقل عن 1.4 مليار دولار من التكاليف السنوية لواردات الطاقة.
ويواجه الأردن صعوبة في تلبية الطلب على الكهرباء الذي يتزايد بمعدل أكثر من 7% بسبب نمو عدد السكان والتوسع الصناعي.
كما يعاني الأردن من تحديات اقتصادية كبيرة، أهمها ارتفاع فاتورة الطاقة التي تجاوزت 6.5 مليارات دولار سنويّاً نتيجة انقطاع الغاز المصري وخسائر شركة الكهرباء الحكومية البالغة أكثر من 7 مليارات دولار.
وكان الأردن يعتمد على 80% من الغاز المصري لتوليد الكهرباء، فيما يعتمد حاليّاً على الوقود الثقيل والسولار، لتوليد الطاقة الكهربائية كبديل عن الغاز المصري.
وأعلنت إسرائيل أخيراً أنه سيتم مد أنبوب لنقل الغاز إلى الأردن بكلفة 70 مليون دولار، كما نشرت، أمس، خريطة تبين مسار خط الغاز الذي سيتم مده لهذه الغاية، ما أثار استياء نيابيّاً وشعبيّاً.
المساهمون