الحشد الشعبي يخطط لفصل سامراء؟

20 نوفمبر 2015
"الحشد" يعتبر نفسه المنقذ والمحرر للمحافظة (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

في ظروف غامضة، وبدون سابق إنذار، أقال مجلس محافظة صلاح الدين رئيسه أحمد الكريم، ثم ما لبث أن أتبع ذلك بإقالة المحافظ رائد الجبوري، لتسقط الحكومة المحليّة بشكل كامل دون معرفة الأسباب، فيما تدفع جهات سياسية باتجاه انشطار المحافظة الى محافظتين، لتكون سامراء (التي تضم مراقد دينيّة) محافظة منفصلة عن صلاح الدين.

اقرأ أيضاً: 3 زيارات إيرانية للمالكي بـ18 يوماً تُقلق العبادي وواشنطن 

وما يسرّب من معلومات حول سبب هذا الانقلاب المفاجئ، يوحي بخلاف بين المحافظ السابق أحمد الجبوري، الذي يأمل عودته الى منصب المحافظ من جديد، والمحافظ المقال رائد الجبوري، فيما عدّت مصادر من داخل مجلس المحافظة، أنّ هذا السبب "غير وارد، وأن الخلاف ليس جديداً، وأنّ توقيت إسقاط الحكومة المحليّة يكشف عن الأسباب والجهات السياسيّة التي تدفع بهذا الاتجاه، مستغلة الخلاف بين المحافظين".

وقال عضو في مجلس المحافظة لـ"العربي الجديد"، إنّ "تحرير بيجي وغالبية مناطق محافظة صلاح الدين، أوجد ذريعة كبيرة للهيئة السياسيّة لمليشيا الحشد الشعبي كي تتدخل سياسيّاً في المحافظة بعد سيطرتها على ملفّها الأمني"، مبيناً أنّ "(الحشد) اخترق مجلس المحافظة، وبدأ العمل من خلف الكواليس لإعلان سامراء محافظة شيعيّة منفصلة عن صلاح الدين".

وأوضح، عضو المجلس نفسه، أنّ "الحشد استغلّ الصراع بين المحافظ السابق والحالي، ودعم السابق في الإطاحة بالحالي وساعده بتنظيم مؤتمر في بغداد لأعضاء المجلس وإقالة رئيس المجلس والمحافظ"، مبيناً أنّ "ما أعلن أن المحافظ السابق بدأ يتوعد بعودته قريباً، لكنّ المؤامرة أكبر من ذلك، فالمحافظ السابق أو الحالي لا يختلفان بالنسبة للجهات التي تحاول الاستفادة".

وأشار إلى أنّ "الحشد يعدّ نفسه اليوم الجهة التي حرّرت المحافظة، وتنتظر الحصول على ثمن ذلك التحرير، ولا ثمن يكفيها سوى سامراء". وأشار إلى أنّ "الهيئة السياسيّة للحشد استطاعت أن تنظم تظاهرة في سامراء تطالب بعودة الحكومة المحليّة أو الانفصال كمحافظة منفصلة عن صلاح الدين". وتابع أنّ "الحشد استطاع أن يؤلّب الشارع ويدفعه للمطالبة بانفصال سامراء، متذرّعاً بالخلاف داخل الحكومة المحلّية"، مؤكّداً أنّ "هذا التوجه سيكلّف المحافظة الكثير، وسيجرّها الى أزمات سياسيّة ويفقدها الأمل بأي استقرار أمني أو سياسي".

غير أنّ مليشيات "الحشد الشعبي"، في المقابل، اتهمت جهات سياسيّة، لم تسمها، بـ"محاولة إرباك المشهد الأمني في محافظة صلاح الدين". وقال القيادي في الحشد، كريم النوري، في تصريح صحافي، إنّ "هناك سياسيين مزايدين يعملون على تعميق الخلافات الداخليّة والمشاكل السياسيّة للتأثير سلباً على استقرار المحافظة"، مبيناً أنّ "هؤلاء المزايدين لم يشاركوا بتحرير المحافظة وهمهم جمع الثروة".

وهدّد النوري من سماهم بالمزايدين، من "مغبة ذلك والانشغال بالمشاكل والمصالح السياسيّة"، مشيراً الى أنّ "دور الحشد الشعبي في صلاح الدين هو المحرّر والمنقذ والحامي للمحافظة".

بدوره، أكّد الخبير السياسي فراس العيثاوي، أنّ "من الواضح أنّ هناك جهات متنفّذة في العمليّة السياسيّة تدير هذا الصراع، وتسعى لخلق أزمة سياسية لتحقيق أجندتها الخاصة".

وأوضح العيثاوي، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ "النظام الداخلي لمجالس المحافظة لا يسمح بعقد جلسة خارج المحافظة إلّا بعد التصويت على عقدها بجلسة في المحافظة، ومع ذلك تم عقد جلسة في بغداد وتم خلالها اتخاذ قرارات خطيرة بإقالة الحكومة المحليّة، الأمر الذي يكشف عن حجم وقوّة الجهة الداعمة لهذا التوجه".

وأشار إلى أنّ "الحشد الشعبي اليوم اكتفى بمحافظة صلاح الدين، وأجزاء من محافظة ديالى، وترك محافظة الأنبار، لما لمحافظة صلاح الدين وخصوصاً سامراء، من قدسيّة لديه، وما لأجزاء من محافظة ديالى من أهميّة جغرافية عبر تأمين طريق إيران – صلاح الدين، وإيران – بغداد"، مبيناً أنّ "المؤامرة اليوم تتمخّض عن إعلان سامراء محافظة منفصلة يديرها الحشد الشعبي، وتكون مقرّاً له بعد تغييرها ديموغرافيّاً".

وحذّر من "خطورة هذا التوجه على المحافظة، والذي سيجرّها الى أزمات سياسية وأمنيّة، وستتبعها موجة تهجير قسري لأبناء المكون السني من سامراء، على الرغم من أنّ نسبتهم لا تقل عن 98 في المائة"، مبيناً أنّ "المحافظة (صلاح الدين) ستعيش إذا ماتم ذلك، فتنة وصراعات مسلّحة لا تنتهي، وقد تأتي على كل المحافظة". ودعا الحكومة المركزيّة ورئيسها حيدر العبادي، الى "التنبه لخطورة هذا التوجه، ووأد الفتنة التي ستحرق المحافظة بمن فيها".

تجدر الإشارة الى أنّ 16 عضواً في مجلس محافظة صلاح الدين، كانوا قد صوتوا، في 17 من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، خلال اجتماع عقدوه في فندق الرشيد ببغداد على إقالة رئيس مجلس صلاح الدين ونائبه، كما صوتوا الخميس الماضي على إقالة المحافظ، فيما خرجت تظاهرات في سامراء ترفض القرار وتطالب بإعلانها محافظة منفصلة عن صلاح الدين.

اقرأ أيضاً: العراق: مخاوف من عودة "داعش" إلى المناطق المحرّرة

المساهمون