قبل أن نتوجه لإطفاء الحريق الذي اشتعل في كلّ البلد هل تأكدنا قبلاً أن المياه التي سنطفئ الحريق بها ليست مقطوعة؟
في ظروفٍ أخرى، هذا السؤال كان سيبدو مضحكاً حد البكاء. في حالتنا اليوم هو مبكٍ إلى حد الضحك. والسؤال في هذه المساحة ليس بهدف المزايدة أو السخرية، بل للاستمرار في اللعبة العجيبة التي صرنا نجيدها. لعبة توقّع المصيبة التالية.
كان لا بد أن يصل الحريق إلى المنزل. كل هذا الاهتراء وكل هذا الفساد وكل هذا الكذب الذي نعيش فيه لا يوحي بغير ذلك. ولا يوحي بأننا قادرون على تجنّب كل حفرة حفرناها لأنفسنا. نفيق لنفكر برغيف الخبز، الذي كنا وما زلنا مهددين بخسارته. نفيق لنفكر بصفيحة الوقود التي كنا وما زلنا مهددين بضياعها. نقضي أيامنا في البحث عن الدولار الذي فقد من السوق لأن أصحاب فواتير ديوننا وقروضنا، الكثيرة، لا يقبلونها إلّا بالعملة الأجنبية. وفي المساء نتلقف، من حينٍ إلى آخر، مصيبة جديدة. مصيبة قد تأتي على شكل حريق يصل إلى منازلنا، وفي مرةٍ أخرى قد تأتي على شكل فيضان نغرق فيه في الشارع إذا ما هطل المطر، فلا نصل إلى المدرسة ولا إلى المستشفى ولا إلى العمل، وتصير سقوف السيارات مساحتنا الوحيدة للهرب.
هل تراهنون أننا بعد هذا الحريق سنغرق حتماً في المطر عندما ينزل للمرة الأولى هذا الموسم؟
السلطة تندب حظّها. الرؤساء والوزراء والنواب والزعماء "الوطنيون" والمحليون يتحدثون باسم الناس. يقولون إن ما يحدث ليس مقبولاً وعلى الجميع تحمّل المسؤولية. الجميع؟ من هو هذا الجميع؟ من هو هذا الشبح الذي نعلّق عليه جميع مصائبنا ليصير ابتلاع سمّها مقبولاً؟ نعيش في كوميديا سوداء لا تنتهي، وقد سقط الحياء من الوجوه. فمن نعتبرهم سبب بلائنا هم أنفسهم، في الوقت ذاته، بوابات حلولنا.
اقــرأ أيضاً
هل تراهنون أن مسؤولاً واحداً لن يُحاسب بعد الحريق الكبير الذي أتى على أملاكنا وأرزاقنا
وتسبب بخسائر وصلت إلى الأرواح؟
مشهد الناس التي هربت من منازلها ليلاً خانق للغاية. عائلات تركض للنجاة بأرواحها وأطفالها حاملةً ما خفّ وزنه وارتفع ثمنه. تخرج بثياب النوم نحو منازل أقرباء لها بعدما تركت كل شيء خلفها. لكن أكثر ما يثير الحزن والأسى، أن هذا المشهد تحديداً، مألوف جداً لدى اللبنانيين. يتكرّر في حروبنا الأهلية المستمرة. يتكرّر خلال الاعتداءات الإسرائيلية علينا.
يتكرّر عند كل مصيبة تأتي بفعل فاعل أو بفعل الطبيعة. يتكرر وسيتكرر إلى ما لا نهاية.
كان حتمياً أن يصل الحريق إلى المنزل، وكان متوقعاً. صحيحٌ أن أصابعنا احترقت به، لكننا لن نشعر بالألم هذه المرة. فأصابعنا قد احترقت قبل مدة طويلة حتى فقدنا شعورنا بالأشياء.
في ظروفٍ أخرى، هذا السؤال كان سيبدو مضحكاً حد البكاء. في حالتنا اليوم هو مبكٍ إلى حد الضحك. والسؤال في هذه المساحة ليس بهدف المزايدة أو السخرية، بل للاستمرار في اللعبة العجيبة التي صرنا نجيدها. لعبة توقّع المصيبة التالية.
كان لا بد أن يصل الحريق إلى المنزل. كل هذا الاهتراء وكل هذا الفساد وكل هذا الكذب الذي نعيش فيه لا يوحي بغير ذلك. ولا يوحي بأننا قادرون على تجنّب كل حفرة حفرناها لأنفسنا. نفيق لنفكر برغيف الخبز، الذي كنا وما زلنا مهددين بخسارته. نفيق لنفكر بصفيحة الوقود التي كنا وما زلنا مهددين بضياعها. نقضي أيامنا في البحث عن الدولار الذي فقد من السوق لأن أصحاب فواتير ديوننا وقروضنا، الكثيرة، لا يقبلونها إلّا بالعملة الأجنبية. وفي المساء نتلقف، من حينٍ إلى آخر، مصيبة جديدة. مصيبة قد تأتي على شكل حريق يصل إلى منازلنا، وفي مرةٍ أخرى قد تأتي على شكل فيضان نغرق فيه في الشارع إذا ما هطل المطر، فلا نصل إلى المدرسة ولا إلى المستشفى ولا إلى العمل، وتصير سقوف السيارات مساحتنا الوحيدة للهرب.
هل تراهنون أننا بعد هذا الحريق سنغرق حتماً في المطر عندما ينزل للمرة الأولى هذا الموسم؟
السلطة تندب حظّها. الرؤساء والوزراء والنواب والزعماء "الوطنيون" والمحليون يتحدثون باسم الناس. يقولون إن ما يحدث ليس مقبولاً وعلى الجميع تحمّل المسؤولية. الجميع؟ من هو هذا الجميع؟ من هو هذا الشبح الذي نعلّق عليه جميع مصائبنا ليصير ابتلاع سمّها مقبولاً؟ نعيش في كوميديا سوداء لا تنتهي، وقد سقط الحياء من الوجوه. فمن نعتبرهم سبب بلائنا هم أنفسهم، في الوقت ذاته، بوابات حلولنا.
هل تراهنون أن مسؤولاً واحداً لن يُحاسب بعد الحريق الكبير الذي أتى على أملاكنا وأرزاقنا
وتسبب بخسائر وصلت إلى الأرواح؟
مشهد الناس التي هربت من منازلها ليلاً خانق للغاية. عائلات تركض للنجاة بأرواحها وأطفالها حاملةً ما خفّ وزنه وارتفع ثمنه. تخرج بثياب النوم نحو منازل أقرباء لها بعدما تركت كل شيء خلفها. لكن أكثر ما يثير الحزن والأسى، أن هذا المشهد تحديداً، مألوف جداً لدى اللبنانيين. يتكرّر في حروبنا الأهلية المستمرة. يتكرّر خلال الاعتداءات الإسرائيلية علينا.
يتكرّر عند كل مصيبة تأتي بفعل فاعل أو بفعل الطبيعة. يتكرر وسيتكرر إلى ما لا نهاية.
كان حتمياً أن يصل الحريق إلى المنزل، وكان متوقعاً. صحيحٌ أن أصابعنا احترقت به، لكننا لن نشعر بالألم هذه المرة. فأصابعنا قد احترقت قبل مدة طويلة حتى فقدنا شعورنا بالأشياء.