الحرية ليوسف محمد.. حتى لا يصبح السجن روتيناً

03 ديسمبر 2014
لا أرى في السجن نوعاً من أنواع البطولة
+ الخط -

يوسف محمد ليس هو السجين السياسي الوحيد في مصر الذي يستحق الكتابة عنه، أو التضامن معه، فهناك غيره الآلاف القابعين في سجون الظلم في مصر والوطن العربي لا يكتب أحداً عنهم ممن يستحقون الحرية وينشدونها لا يستطيعون لنيلها سبيلاً ولا يسمع أصواتهم أحد في شرق المتوسط.

ولا أكتب عن يوسف لأنه من أقربائي، فليس هو أول مسجون من عائلتي، وليس هو الوحيد، فلو كانت عائلتك ضاربة بجذورها في العمل السياسي، فسوف تكون قد اعتدت منذ طفولتك على زوار الفجر وزيارات السجون حتى يصبح الأمر روتينياً لا تتوقف الحياة لأجله ولا يستدعي حتى القلق.

ولا أهتم بقضية يوسف لأنه الطالب المتفوق في كلية الهندسة، وعضو اتحادها، وإن لم يخترع شيئاً بعد، مثل زملائه في جامعة المنوفية. لكن يوسف كان قد بدأ في انشاء أول مكتبة في كلية الهندسة جامعة الفيوم بمجهودات فردية ومتواضعة بعد الثورة، معتمداً على مكتبته الصغيرة وتبرعات زملائه بكتبهم دون أن ينتظروا أن تمنحهم إدارة الجامعة مكاناً لائقاً أقاموا مكتبتهم في الهواء الطلق. وهو واحد من الخمسين طالباً الذين قبض عليهم من منازلهم عشية أول أيام العام الدراسي الحالي، من مشارب وانتمائات سياسية مختلفة من كل الجامعات المصرية، كل هذه بالنسبة إلي ليست بالمبررات الكافية لأهتم، وما علي حين أطالب بالحرية لأحد أن يكون دارساً للهندسة أو كان حتى حاملاً للشهادة الاعدادية فقط، فهل يصنع ذلك فارقاً كبيراً؟

مع أنه قد يكون من المفيد لزملاء يوسف وحزبه ترديد مثل هكذا كلام في الإعلام ووسط الناس للحصول على التعاطف والتأييد، لكن أنا لا أريد أن أناشد أحدا، أو أردد كلاماً مبتذلاً ومكرراً يجلب السخرية عن أن يوسف ليس بإرهابي حتى لو كانت أحد التهم الهلامية الكثيرة الموجهة إليه هي الانضمام إلى جماعة إرهابية، أو كيف أنه مسالم وطيب يحب وطنه ويؤمن بعدالة مطالب ثورة الخامس والعشرين من يناير، من عيش وحرية وكرامة إنسانية للجميع.

قد يكون كلامي هذا مبكراً، وفيه ضرب من المبالغة، فيوسف لم يحكم عليه بالسجن لمدة خمسة عشر عاماً مثل إبراهيم محسن، هو فقط أمضى شهراً في السجن، ثم جددت النيابة حبسه لمدة خمسة وأربعين يوماً، مر منها حوالي عشرة أيام، لكن من قال أن اليوم الواحد في السجن بالأمر الهين؟!

أنا فقط لا أرى في السجن نوعاً من أنواع البطولة، ولا أريد أن أعتاد على غياب يوسف مثلما اعتدت على غياب الآخرين في السابق.. لا أريد أن تطول مدة حبسه أكثر من ذلك.. ولا أحب أن يتحول سجنه بالنسبة لي إلى زيارات روتينية أتكاسل في تأديتها.

وأخاف على الشاب العشريني الذي كان ممتلأً بالأمل وهو يخلد إلى النوم بعد العودة من رحلته إلى أسوان، قبل أن يوقظه زوار الفجر، أن يكف عن تحرير الأحلام وأن يتوقف عن السفر.


*مصر

المساهمون