وسط أجواء التوتّر والاحتقان السياسي العام، خاض طلاب جامعة النجاح الوطنية في نابلس انتخابات الطلبة هذا العام؛ وأُعلن عن فوز الكتلة الطلابية التابعة لحركة فتح على نظيرتها التابعة لحركة حماس، فيما يترقّب المهتمّون بالمشهد السياسي العام نتائج انتخابات جامعة بير زيت المقرّرة في العاشر من أيّار/ مايو القادم.
لعبت الحركة الطلابية الفلسطينية دورًا هامًا في النضال ضدّ الاستعمار منذ تأسيسها، وكانت محطّة أولى في صياغة القائد الوطني والسياسي، وفي تعزيز الخطاب الوطني بشكل عام، حيث كان اتساق الطلبة مع الوضع الفلسطيني كبيرًا مقارنة مع عزوف الكثير منهم في المرحلة الحالية عن الانشغال بالشأن السياسي؛ ولكن تبقى الحركات الطلابية جزءًا أساسيًا وهامًا في النضال الفلسطيني، مهما شهد من تراجع للدور الذي تلعبه في الساحة الفلسطينية.
لا تنتهي التساؤلات حول أسباب تراجع الحركة الطلابية ومشاكلها، ودرجة تأثّرها بالراهن الحالي، وعن أشكال النضال التي تلعبها في ظل التغيّر السياسي والنضالي بشكل عام، وحجم تأثيرها في الخطاب الوطني العام.
عن تاريخ الحراك الطلابي يتحدّث أستاذ الإعلام في جامعة بير زيت زيد أبو شمعة: "إن تاريخ الحركة الطلابية في فلسطين يمتدُّ إلى ما قبل انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة وتحديدًا في العقد الأخير من حكم الانتداب البريطاني؛ وشكّلت انطلاقة الثورة في الستينيات حالة تحول جذري في دور الحركات الطلابية، خاصّة أن فصائل العمل الوطني في غالبيتها أُسّست على يد طلبة الجامعات الفلسطينيين في الجامعات العربية، ولعل حركة فتح وحركة القوميين العرب " الجبهة الشعبية لاحقًا"، والحزب الشيوعي خير مثال على ذلك".
ويضيف، كان للحركة الطلابية ما بعد انطلاق الثورة دور هام في صياغة الكيانية الفلسطينية والموقف الوطني العام إلى جانب الدور الكفاحي الذي مارسته، فكتيبة الجرمق الطلابية مثلت حالة نضالية فكرية وعسكرية، عبّرت عن السّجال الفكري داخل منظمة التحرير، لكن في إطار وحدوي يجمعه الإيمان بالكفاح المسلّح سبيلًا لتحرير فلسطين.
تحوّلات عدّة طرأت على دور الحركات الطلابية، أفقدها دورها في صناعة القرار الوطني، وجعلها أداة تنفيذية للأحزاب، دون المشاركة في صياغته، بعد أن كانت صاحبة دور هام في بلورة العمل الوطني وإلهام التنظيمات الوطنية، يقول الأستاذ أبو شمعة.
"إن فشل مشروع منظمة التحرير الفلسطينية المتمثّل في اتفاق أوسلو، وتغيير أشكال النضال ضدّ الاستعمار، وزيادة الترهّل الحزبي والسياسي بشكل عام أدى إلى توليد أزمة ثقة للمواطن الفلسطيني بالأحزاب، وخلق حالة من العزوف عند فئة الشباب عن السياسة".
هذا ما يقوله الباحث والدكتور المختصُّ في علم الاجتماع آباهر السقا، ويضيف حول انعكاس هذا التراجع على الحركة الطلابية، إن تغييب المطالب الخاصّة بالطلاب واحتياجاتهم الجامعية لصالح الشأن السياسي الحالي، أدّى إلى تراجع الاهتمام بالحراك الطلابي، وبالإقبال على الانتخابات رغم وجود اهتمام في هذه العملية، كذلك من المهم النظر في هذا السياق إلى فشل الكتل الطلابية في استقطاب الطلبة مقارنة بقدراتها في الماضي ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى عدم نجاح الأحزاب في إنتاج أشكال وأنماط سياسية جديدة. وهذا لا يعني بأي حال تراجعًا لعلاقة الفلسطيني مع هذا النمط من السياسة" الانتخابات" حسب قوله.
تشهد الحركات الطلابية العالمية تراجعًا في الإقبال على الأمور السياسية ضمن إطار حزبي بسبب غياب النظريات الكبرى والنظريات الديمقراطية المأزومة، ويشير الدكتور آباهر، إلى أنه رغم خصوصية الحركة الطلابية الفلسطينية بسبب الحالة الاستعمارية وارتباط الطالب في الأحزاب كقاعدة أساسية في النضال، إلا أنّنا أمام تغيير مهمّ وجوهري في شكل الحراك بعيدًا عن الأطر الطلابية وهو أقرب إلى مجموعات شبابية ضاغطة كالمجموعة الشبابية "نبض" و"الحراك الشبابي" و "الحراك الشبابي المستقل" مثلًا.
ولعل انعكاس حدّة التوتر بين الأحزاب الفلسطينية على الحركات الطلابية يبدو واضحًا، إذ أدى الانقسام الفلسطيني بين الفصيلين الكبيرين والاتهامات بين الطرفين إلى تعمّق الشرخ بين الحركات الطلابية، فأصبح الهدف من العملية الانتخابية الفوز لإثبات الثقل في الساحة السياسية، لا خدمة الطالب.
أما طالب الدراسات العليا في جامعة بير زيت عزّ الدين الصوفي، يقول إن جزءًا من حالة العزوف في الشأن السياسي تتبلور في ضعف الحركة الطلابية إجمالًا التي يُفترض أن تمثل كل الطلاب وهو عزوف مرتبط بالسياق العام الذي يشعر فيه الشباب بالعجز وعدم القدرة على التأثير وبرفض السياق العام لمشاركتهم لعدم وجود فرص لهذه المشاركة، بالتالي فإن حالة الإحباط هذه تحيل إلى شعور الطلاب بأن قدرتهم على التأثير غير جائزة ويرفض جزء منهم حتى المشاركة في التصويت أو أيّة فعاليات أخرى.
ويقول الطالب في جامعة بير زيت عبد القادر ذويب، عن دور الحركة الطلابية في مساندة الأسرى في إضرابهم عن الطعام يقول: لم تسعَ الحركات الطلابية إلى خلق حراك في الشارع الفلسطيني يساند الأسرى، ولم يكن لديها خطة فاعلة في ذلك. ويضيف أن الحركة الطلابية تهتم بشؤون الأسرى بشكل عام وتتعامل مع تجاربهم بكل جديّة.