الحرد السياسي في الأردن

02 سبتمبر 2015
غزل حكومي نيابي عبر بوابة الطراونة ــ النسور (Getty)
+ الخط -
لا يتوقف رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة عن إعلان انحيازه للإصلاح والمطالبة بالسير قدماً لتحقيقه، ويقدم نفسه منذ جلوسه على كرسي رئاسة المجلس رمزاً إصلاحياً يجهد لتطبيق رؤى الملك بتحقيق إصلاح متدرج يكفل الانتقال بالبلاد إلى مصاف الديمقراطيات الحديثة، دون قفزات غير مدروسة قد تنتج عنها مفاجآت لا تحمد عقباها. استطاع الطراونة تحقيق نصر كاسح في انتخابات رئاسة المجلس، مطيحاً الذين أقروا بعجزهم عن منافسته في انتخابات الرئاسة المقبلة، ما يخوله أن يواصل الجلوس على كرسيه حتى نهاية عمر مجلس النواب، لكنه وهو الذي يتزعم أكبر ائتلاف نيابي بقي متهماً طول رئاسته للمجلس بمحاباة الحكومة والانحياز لقراراتها، ما دفع لاتهامه صراحة بالتبعية لرئيسها عبد الله النسور الذي كان لائتلاف الطراونة الدور الأكبر في تسميته رئيساً للوزراء.

الغزل الحكومي النيابي عبر بوابة الطراونة ــ النسور، قاطعه رئيس مجلس النواب بتصريح مفاجئ وجد صدى واسعاً في وسائل الإعلام الأردنية التي أشبعته تحليلاً، حين أقدم الطراونة على انتقاد المشاورات النيابية في اختيار رئيس الحكومة التي استحدثها الملك كعرف سياسي جديد مطلع عمر المجلس الحالي، فاعتبر الطراونة أن المشاورات لم تحقق هدفها في خلق شراكة نيابية حكومية، غامزاً إلى إمكانية التراجع عنها والعودة إلى المربع الأول بحيث يسمي الملك رئيس الحكومة دون مشاورة النواب. ثم جاء التصريح المفاجئ أن الحكومة أوشكت على الرحيل، وأن الطراونة يدق المسمار الأخير في نعشها، بأن يرفع الحرج عن الملك الذي التزم بالمشاورات التي قد يكون الوقت الذي تستغرقه عائقاً أمام رغبته بإقالة الحكومة، وهو ما يقوله الرجل في مجالسه الخاصة.

المهم في التصريح المفاجئ ليس لقاء الحكومة من عدمه، بل تراجع الطراونة المؤمن "بالإصلاح المتدرج" في لحظة عن إيمانه، وهو الذي كان يجدر به أن يطالب بدسترة المشاورات النيابية، انحيازاً لخطوة إصلاحية يمكن البناء عليها مستقبلاً في طريق الوصول إلى الحكومات البرلمانية، بدل العودة بالبلاد إلى المربع الأول في تشكيل الحكومات. لكن الثابت في التصريح المفاجئ أن "الحرد السياسي" مازال يحكم التفاعلات السياسية، حتى لو كانت ضحيته التوجهات الديمقراطية.