الحراك الشعبي بالجزائر يطلق جولةً جديدة من التظاهرات والإضرابات رفضاً لـ"عروض السلطة"
بدأ الحراك الشعبي في الجزائر جولة جديدة من التظاهرات، بعد خيبة الأمل في تحقيق مطالب رحيل رموز النظام، واستلام عبد القادر بن صالح رئاسة الدولة، وتمسك نور الدين بدوي برئاسة الحكومة، بالرغم من المطالبة الشعبية برحيلهم.
وتجددت اليوم في العاصمة الجزائرية التظاهرات الشعبية الرافضة لتولي بن صالح رئاسة الدولة واستمرار حكومة نور الدين بدوي. وتجمع الآلاف وسط العاصمة الجزائرية، رافعين شعارات مناوئة لبن صالح، ومطالبة باستقالته الفورية من منصبه الذي تسلمه أمس.
ويتواصل تدفق المتظاهرين إلى وسط العاصمة، فيما يتوقع أن تستمر التظاهرات حتى المساء، بفعل تصاعد الغضب الشعبي من عدم الاستجابة لمطالب الحراك الشعبي القائم في البلاد منذ 22 فبراير/شباط الماضي.
وقال الناشط في الحراك الشعبي حسين بزينة، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك شعوراً عاماً بالخيبة وبالغضب من تمسك رموز النظام بمناصبهم. نشعر أن هناك ثورة مضادة وتجاهلاً لمطالب الشعب السيد في قراره"، معرباً عن اعتقاده بأن الحراك "بحاجة إلى نفسٍ ثوري جديد، وإلى جولة جديدة أكثر قوة وحزماً. إذا ضاعت فرصة تحقيق المطالب واكتفينا بما تعرضه السلطة من خطوات، فهذا يعني أننا لم نحقق شيئاً".
بدورها، اعتبرت الناشطة الطلابية لويزة ناصري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "المطالب الشعبية لا تقبل القسمة على اثنين ولا تتجزأ. مطالبنا هي رحيل رموز النظام ومحاسبة الفاسدين وليس هيئة انتخابات كما قال بن صالح".
وفي تصريح آخر، رأى الشاب الجزائري يونس فشيخ، أن "وجود بن صالح في رئاسة الدولة هو أكبر استفزاز. لا يجب أن ننسى أن بن صالح كان أميناً عاماً لحزب رئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى، أي التجمع الوطني الديمقراطي، وهو يمثل إعادة إنتاجٍ للنظام".
ونظمت 17 نقابة مستقلة، تنشط في قطاعات الصحة والتربية والإدراة العمومية والبريد وقطاعات خدمية، مسيرة حاشدة انطلقت من "ساحة أول ماي" إلى ساحة البريد المركزي، وهي الأولى بهذا الحجم التي تنظمها النقابات منذ عقدين، وشارك فيها الآلاف من النقابيين رفضاً لاستمرار رموز النظام السابق في السلطة والحكم.
وأعلنت النقابات المستقلة إضراباً شلّ المدارس والجامعات والبلديات والمستشفيات والمؤسسات الخدمية، فيما هددت نقابات أخرى في قطاعات النفط والغاز بالمشاركة في الإضراب دعماً للحراك الشعبي.
وقال المتحدث باسم نقابة مجلس أساتذة التعليم، العضو في تكتل المعارضة، مسعود بوذيبة، لـ"العربي الجديد"، إن "النقابات قررت إسناد الحراك الشعبي بشكل قوي، ومسيرة اليوم والإضراب يشكلان مقدمة لخطوات أخرى قد تتخذ في حال لم تتم الاستجابة لمطالب الشعب"، لافتاً إلى أن "النقابات المستقلة كانت أكثر المتضررين من النظام، الذي كان يغلق مساحات العمل النقابي ويضيق على النقابات والنقابيين. ونعتبر أننا أكثر من أي وقت مضى معنيون بالحراك وبمطالب الشعب".
في السياق، خرج الآلاف من طلبة الجامعات في تظاهرات لليوم الثاني على التوالي، حيث احتلوا ساحة البريد مرددين هتافات مناهضة لبن صالح وبدوي، وتنادي بضرورة الإصغاء لمطالب الشعب، ورافعين شعارات رافضة للقمع الذي سلطته الشرطة عليهم أمس، الثلاثاء.
وطالب المتظاهرون بحل حزب "جبهة التحرير الوطني" وحزب رئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى.
يذكر أن الشرطة استخدمت خلال الفترة الصباحية غازات مسيلة للدموع وخراطيم المياه لوقف تقدم مسيرة النقابات في شارع عميروش، ولتفريق المجموعات الأولى من المتظاهرين في ساحة البريد المركزي، لكن السلطات اضطرت لاحقاً إلى سحب قوات الشرطة من ساحة البريد المركزي وإفساح المجال للمتظاهرين، بعد تزايد تدفقهم، وتلافياً لتجدد المواجهة مع المتظاهرين، وذلك بعد أيام من قرار وزير الداخلية الجديد منع التظاهرات عدا أيام الجمعة، وإعادة إغلاق الساحات والفضاءات العامة.
وكان رئيس الدولة الجديد عبد القادر بن صالح قد تسلم منصبه، أمس، متعهداً بإجراء انتخابات رئاسية في غضون 90 يوماً، ومشاورات مع القوى السياسية والمدنية لإنشاء هيئة مستقلة تشرف على تنظيم الانتخابات.
واليوم، وتزامناً مع التظاهرات، خرج رئيس الأركان الجزائري، أحمد قايد صالح، بتصريح جديد، قال فيه إن "العدالة منتظر منها الشروع في إجراءات المتابعات القضائية ضد العصابة"، في إشارة إلى المحيطين بالرئيس الجزائري المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، مؤكداً عزم الجيش الجزائري على دعم المرحلة الانتقالية في البلاد.