الحب يخترق السجون.. أسير فلسطيني "مؤبد" يعقد قرانه

07 أكتوبر 2016
تعارف منذر وهبة خلال زيارات الأسرى (العربي الجديد)
+ الخط -

تحتجز قضبان السجون وجدرانها أكثر من سبعة آلاف أسير فلسطيني وتعزلهم عن أهلهم وأحبتهم، لكن كل إجراءات الاحتلال التعسفية المتشددة لم تثن أسيرا فلسطينيا محكوما بالمؤبد عن أن يخطط لعقد قرانه على شابة فلسطينية أحبته وأحبها.

أمضى الأسير منذر صنوبر، في سجون الاحتلال 14 عاما، وهو من قرية يتما جنوبي مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، ومحكوم أربعة مؤبدات وأربعين عاما، لكنه أبلغ عائلته عن فكرة التقدم لطلب يد شابة من بلدة أبو ديس شرقي مدينة القدس المحتلة، ليكسر قاعدة العزلة التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي عليه، وليثبت للمحتل أن باب السجن لن يُغلق عليه.

عائلة الأسير، وعلى لسان شقيقه منير، قالت لـ"العربي الجديد": "في البداية فوجئنا بالطلب، ودارت أسئلة كثيرة بيننا عن تلك التي تقبل بالزواج من أسير مؤبد، وكيف سيوافق أهلها على ذلك، إلا أن منذر كان قد رتب الأمور مسبقا، بعدما تعرف على شابة تعمل في مجال الأسرى اسمها هبة عياد".

العروس هبة فلسطينية جامعية، تعمل في مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية، تعرفت عن طريق الصدفة على الأسير منذر، خلال زيارتها لشقيقها في قاعات الزيارات داخل السجون، وضمن مجال عملها كانت تتحدث مع الأسرى حول أوضاعهم المعيشية والصحية، فكان القدر قد رتب لهما أن تصبح بينهما علاقة تطورت فيما بعد.

تقول عياد لـ"العربي الجديد": " تعرفنا صدفة، وكبرت العلاقة بيني وبين منذر، وجمعتنا الثقة، والتقينا عاطفيا، وتلاقت بيننا الكثير من النقاط المشتركة، كأنني التقيت به خارج السجن مليون مرة، وخلقت له وخلق لي، وعن قناعة تامة قررنا أن نرتبط ببعضنا، برغم السجن، وكل المعوقات التي أمامنا".


لم تفكر عياد يوما أن يكون خطيبها أحد الأسرى القابعين خلف القضبان، إلا أن إيمانها بالقدر المكتوب لكل شخص جعلها ترتبط بالأسير منذر، بعيدا عن تعاطفها معه كونه أسيرا، كانت تتعامل مع الكثير من الأسرى بحكم عملها، ولا يمكن لفتاة أن تتعاطف مع أسير مؤبد وتقبل بالزواج منه إلا إذا كان قرارها عن قناعة تامة، وعن حب كبير كحجم التضحية التي قدمها منذر من أجل وطنه.

ترى هبة عياد الحرية قريبة، صفقات تبادل الأسرى التي تنفذها المقاومة الفلسطينية تخطر في بالها كثيرا، الغد وما بعده الذي تتزين فيه بفستان العرس إلى جانب زوجها بعد أن تتحطم قيود السجان تراه أيضا في الأفق، وتشير إلى "أن 400 أسير فلسطيني داخل السجون يقضون أحكاما بالمؤبد. يوما ما ستأخذهم صفقة ما إلى الحرية ويعودوا لنا".

يوم الجمعة الماضية، كانت مراسم عقد القران، في بلدة أبو ديس، إذ توجهت مجموعة من وجهاء قرية يتما إلى عائلة عياد، وتقدمت بشكل رسمي بطلب يد ابنتهم لابنهم الأسير منذر، وحضر عدد من أصدقاء العائلتين ومن عايشوا منذر في السجن، ورفاقه في الجبهة الديمقراطية التي ينتمي لها، وبحسب منير صنوبر، فإن شقيقه لم يرض أن يعزله السجن عن الحياة، فهو يحب الحياة، ويأمل أن يتزوج وأن ينجب أطفالا.

اعتقل صنوبر، في 31 ديسمبر/ كانون الأول 2002، إبان انتفاضة الأقصى الثانية، حيث اتهمته سلطات الاحتلال بإيصال الاستشهادي سائد حنني إلى منطقة "بتاح تكفا" وتنفيذ عملية استشهادية أدت إلى مقتل أربعة إسرائيليين وإصابة عدد آخر، وتشكيل خلية عسكرية تابعة للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وتنفيذ عمليات إطلاق نار ضد الاحتلال الإسرائيلي، حيث حوكم الأسير صنوبر، وهدم منزل عائلته في قريته يتما.
المساهمون