مع بدء العدّ التنازلي لنهاية العام الحالي، بات مؤكّداً أنَّ الدورة الثانية عشرة من "مهرجان وهران للفيلم العربي" ستُرحَّل إلى العام المقبل؛ إذ لم يُعلَن، حتى اليوم، عن برنامجها، بينما يبدو تنظيمُها في ما تبقّى من السنة أمراً شبه مستحيل.
هذا التأجيل، وإن بدا مفهوماً في ظلّ الأحداث السياسية التي تعيشُها الجزائر منذ بداية 2019، فإنه ليس الأوّل من نوعه؛ إذ سبَقَ وأُلغيت دورة 2014؛ أي في السنة التي شهدت تعيين المخرجة السينمائية نادية لعبيدي وزيرةً للثقافة.
كانت تلك مفارقةً على أكثر من مستوى؛ فالمهرجان، الذي استمرّ منذ انطلاقته الأولى عام 2007 تزامناً مع استضافة الجزائر تظاهرة "عاصمة الثقافة العربية" - وإن لم يُحافظ على موعد قار - ظلّ مستمرّاً دون أيّ انقطاع، حتى عُيّنت وزيرةٌ قادمةٌ من السينما وكانت إحدى مؤسّسيه.
أمّا سبب التأجيل، فهو أنَّ لعبيدي أرادت أخذ ما يكفي من الوقت لتنظيم دورةٍ "كبيرة" على غرار دورات المهرجان الأولى، وفق ما صرّحت به حينها؛ لكنّها - وتلك مفارقة ثانية - ستُغادر الوزارة قبل موعد دورة 2015.
وليس "مهرجان وهران" هو الغائب الوحيد هذا العام؛ فبينما لم تمنع الأحداث من استمرار المهرجانات الموسيقية والغنائية وتنظيمها في مواعيدها المعتادة، غابت العديد من المهرجانات السينمائية الأُخرى، وأبرزها "مهرجان عنّابة للفيلم المتوسّطي" الذي كان يُفترض تنظيم دورته الرابعة في الصيف الماضي، وهو الذي عاد في 2016، بعد أكثر من عشرين سنةً من الانقطاع.
وفي حزيران/ يونيو الماضي، شهدت التظاهرتان تغييراً في إدارتهما؛ حيث جرى تعيين الصحافي أحمد بن صبان مديراً لمهرجان وهران خلفاً للصحافي والشاعر إبراهيم صديقي، والصحافي المختص في المجال السينمائي جمال الدين حازورلي مديراً لمهرجان عنابة خلفاً للمخرج سعيد ولد خليفة.
وغابت أيضاً "أيام الجزائر السينمائية" التي تُنظّمها، كلّ عام، جمعية "لنا الشاشات" التي يرأسها الصحافي والمخرج سليم عقار، والذي عُيّن العام الماضي مديراً لـ "سينماتيك الجزائر" وسط احتجاجات من سينمائيّين رأوا في تعيينه "انتصاراً للرقابة".
في المقابل، استمرت "لقاءات بجاية السينمائية" التي نُظّمت دورتها السابعة عشرة في أيلول/ سبتمبر الماضي، بعد دورة سابقة أعلن المنظّمون خلالها عن تعليق فعالياتها احتجاجاً على منع أفلام كانت مبرمجةً للعرض في إطار التظاهرة، وكان مدير سينماتيك الحالي واحداً من أعضاء لجنة الرقابة التي أوصت بالمنع.
وبينما تغيب كبريات المهرجانات السينمائية، تستمرّ العروض المتقطعة في قاعات السينما بالجزائر العاصمة وغيرها من المدن الكبرى، إلى جانب بعض التظاهرات الصغيرة؛ مثل "الأيام الوطنية للسينما والفيلم القصير" التي تُنظّم دورتها الخامسة بين الثاني والخامس من الشهر المقبل" في مدينة بشّار جنوب البلاد، و"أيام عنابة للفيلم القصير" التي تنطلق غداً السبت وتستمر حتى الثامن والعشرين من الشهر الجاري.