توالت الهزات الارتدادية التي خلفها زلزال "التلاعب بالأسعار" من طرف مصنعي السيارات في الجزائر، حيث بدأت حملات مقاطعة شراء السيارات المجمعة محلياً بالانتشار من محافظة إلى أخرى، في وقت يتمسك فيه مجمعو السيارات بـ"براءتهم" من التهم الموجة إليهم من قبل الحكومة.
وأطلق ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي حملة تحت وسم "خليها تصدي" أو "دعها للصدأ"، تحث الجزائريين على مقاطعة شراء السيارات المجمعة من طرف العلامات العالمية فوق التراب الجزائري، وذلك عقب كشف الحكومة الجزائرية عن قائمة الأسعار الأصلية للسيارات المُصرح بها من طرف وكلاء السيارات.
ولقيت الحملة تجاوبا كبيرا في الشارع الجزائري، حيث تراجع العديد من المواطنين عن شراء السيارات بعد تفجر فضيحة "التلاعب بالأسعار".
إلى ذلك، قال الخبير الاقتصادي فرحات علي، لـ"العربي الجديد"، إن "مثل هذه الحملات على الرغم من أنها لا تتسم بالرسمية، إلا أن ذلك لا يلغي أهميتها، لأن الزبون في كل بلدان العالم هو الذي يتحكم في السوق، وما دام يتمتع بوعي استهلاكي يمنعه من الرضوخ للمتعاملين الاقتصاديين، فبإمكانه التحكم بقانون العرض والطلب، وبالتالي التحكم بطريقة غير مباشرة ببورصة الأسعار".
وأكد الخبير الاقتصادي وجود مبالغة كبيرة في أسعار السيارات المجمعة محلياً، "والتي أصبحت أغلى حتى من أسعارها في بلد العلامة الأصلي، وبالتالي أصبح الأمر يشبه إلى حد كبير شبكات تتاجر بالسيارات وتحتكرها وتتحكم كما تشاء بهامش الربح دون أي رقابة حكومية، وهو ما يدخل في خانة النصب والاحتيال، وبلجوء المستهلك للمقاطعة سيؤثر على السوق وسيجبر الشركات على خفض الأسعار، مع أن المستهلك يتقاسم مسؤولية الغلاء الفاحش الذي أصبحت تعرفه أسعار السيارات".
وتابع علي: حملات المقاطعة قد تساهم في إجبار شركات التجميع المحلي على خفض الأسعار، لكن انخفاض سعر الدينار مقابل اليورو والدولار يلعب دورا في تحديد الأسعار، علما أن الجزائر لا تصنع أي سيارة محلية، بالإضافة إلى عدم تصنيع أبسط قطع الغيار، وبالتالي يجب الأخذ بعين الاعتبار أن عملية التجميع تختلف من مصنع لآخر، فهناك من يجلب مجسم السيارة الخارجي ويقوم بتركيب باقي القطع، وهناك من يجلب المحرك فقط ويعاود تركيبه.
وكانت وزارة الصناعة الجزائرية قد فجرت نهاية الأسبوع الماضي، فضيحة من العيار الثقيل، بعد نشرها لأسعار السيارات المجمعة في البلاد المُعلن عنها من طرف العلامات المعتمدة، والتي تعد بعيدة عن الأسعار التي تعرض على الجزائريين، في خطوة ينتظر أن تضع العلاقة بين الحكومة والمجمّعين في مفترق طرق، عقب تواصل القبضة الحديدية بين الطرفين.
ولا تعرف بعد الأسباب التي دفعت بالحكومة الجزائرية إلى نشر هذه الأرقام، التي تكشف عن "تحايل" مزدوج من طرف شركات تجميع السيارات، على الحكومة من جهة وعلى المواطن الجزائري من جهة أخرى.
وحسب الأرقام التي كشفت عنها وزارة الصناعة الجزائرية، فإن أسعار السيارات المجمعة محليا المُصرح بها من طرف المُصنعين لدى الحكومة الجزائرية، تعد أقل عن الأسعار المعروضة في قاعات العرض بأكثر من 500 ألف دينار (نحو 5 آلاف دولار)، وتصل في بعض الأحيان إلى أكثر من مليون دينار (نحو 10 آلاف دولار).
وفي تعليق على فضيحة التلاعب بالأسعار، قال المدير العام لمجمع "السيكوم كيا" الكورية الجنوبية، عبد الرحمن عشايبو، إن "الأرقام لا تحتوي على ضريبة اقتناء سيارة جديدة ومصاريف النقل".
وأضاف المتحدث لـ"العربي الجديد"، أن "السيارات ليست الزيت والسكر ليتم ضبط أسعارها بتلك الطريقة، في ظل تحكم العرض والطلب في السعر وتبني سياسة اقتصاد السوق منذ سنوات".