الجزائر تتحول

20 نوفمبر 2014
الجزائر تعتبر تهاوي أسعار النفط إشارة تحذير لها (أرشيف/Getty)
+ الخط -
تستعدّ الجزائر هذه الأيام لمحاولة جديدة لتحرير اقتصادها من التبعية للنفط والغاز، ما يعني تحكم أسواق الطاقة نسبياً في وتيرة نمو اقتصاد البلاد. والواضح أن ثمة أملاً كبيراً في نجاح هذه المحاولة بعد قطع أشواط كبيرة في بلورة قانون للاستثمار بموازاة تهاوي أسعار النفط عالمياً.

وبخلاف ما قد يتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى، فإن تواصل تراجع أسعار النفط لن يخدم هذا التوجه الجديد القديم، ذلك أن ازدهار قطاع الطاقة عامل حاسم في تحرير الاقتصاد الجزائري من التبعية لثنائية النفط والغاز باعتبار هذا القطاع صمام أمان للتوازنات الاقتصادية لهذا البلد، ومبعث ثقة للمستثمرين. فإذا كانت التبعية للنفط مشكلا، فإن عدم الاعتماد عليه خطأ.

يمثل النفط 96% من صادرات الجزائر، وهذا يعني أن ثمة عملاً كبيراً يتوجب القيام به عبر توظيف عائدات هذه الصادرات للارتقاء بباقي القطاعات لضمان مكاسب على واجهتين، أولاهما خفض الواردات بتطوير الإنتاج المحلي، وثانيتهما تنويع الصادرات.

تبدو الجزائر محظوظة لتوفرها على احتياطي هام من النقد الأجنبي وصل إلى 195 مليار دولار بنهاية النصف الأول من العام الجاري. غير أن الأموال، وإن كانت احتياطات ضخمة من العملة الصعبة، لا تكفي وحدها لإقناع المستثمرين، وطبعهم التريث حتى حد الجبن، بجدوى ضخ أموال في اقتصاد أي بلد، بل هناك عناصر أخرى في غاية الأهمية.

الاستقرار الأمني والسياسي ضالة المستثمرين دائماً. لذلك، تعمل الدول المتنافسة على الاستثمارات الأجنبية، وحتى الراغبة في تحفيز الاستثمار المحلي، على الترويج لاستقرارها وأمنها.

يحتاج الاستثمار أيضاً إلى إدارات لا يشوبها الفساد وقوانين تيسر تأسيس الشركات وجني الأرباح، إضافة إلى قوانين تجيز تحويل الأرباح إلى الخارج، على أن تخضع هذه العملية لرقابة صارمة كي لا تتحول إلى منافذ لتهريب الأموال خارج البلاد.

كذلك يحبذ المستثمرون وجود نظام مصرفي ذي أسس قوية يمكن اللجوء إلى خدماته لتطوير الاستثمارات أو إنعاشها في حال واجهتها عقبات. وهذان عنصران يحضران بانتظام في جل التقارير الدولية التي تتطرق لمناخ الاستثمار في الجزائر.

ولا يمكن للجزائر، مثل جميع الدول، أن تغفل عن عنصر هام لدعم الاستثمارات، محلية وأجنبية، وهو قضاء قوامه الاستقلالية والعدل ويبث في المنازعات في آجال معقولة.

والأهم أن ينعكس دعم الاقتصاد بتحريره من التبعية للنفط والغاز على معيشة المواطنين.

المساهمون