قبل أسابيع أطلق ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملة ضد الارتفاع القياسي لإيجارات المنازل وازدياد أسعار المواد التموينية في منطقة جيجل، شرق الجزائر، خصوصاً تلك المعروضة للسياح والعائلات في المناطق الساحلية والشواطئ، والتي باتت تدر على أصحابها الكثير من المال مع ارتفاع الطلب في فصل الصيف.
وأصبحت منطقة جيجل قبلة للسياح الجزائريين خلال العقد الماضي، ليس فقط لغناها بالمناظر الطبيعية والمغارات العجيبة ومزاحمة الجبل للبحر، وإنما لكونها أيضاً منطقة محافظة مقارنة مع باقي المناطق السياحية.
وتعمد أسر جزائرية إلى تأجير منازلها للسياح والمصطافين خلال العطلة الصيفية، خصوصا قرب الشواطئ على طول السواحل الجزائرية، في ظاهرة جديدة تغزو بعض المناطق، وتتحول إلى فرصة لكسب المال في فصل الحرارة بين منتصف يوليو/تموز وحتى نهاية أغسطس/آب، مع تزايد الطلب على الشقق، والنقص الفادح في المنتجعات والفنادق.
بعض الأسر تؤجر شققها بكامل تجهيزاتها في الصيف فقط، وبعضها يؤجر طابقاً من طوابق البيت أو حتى غرفة أو غرفتين منه لفائدة السياح والمصطافين.
هو نشاط موسمي و"ضرورة لا بد منها" بالنسبة لبعضهم، ومدخول إضافي يساعدهم على مواجهة غلاء المعيشة، بحسب ما صرح به ياسين لـ"العربي الجديد "، الذي يقطن في منطقة التنس بولاية الشلف (270 كيلومترا غرب العاصمة الجزائرية).
وكشف أنه يؤجر الطابق الأرضي من منزله خلال الصيف بمبلغ يتجاوز المائة ألف دينار في الشهر، أي ما يعادل 700 دولار أميركي، على اعتبار أنها "خدمة مربحة".
ويشيّد سكان قاطنون بالقرب من السواحل مبانٍ من ثلاثة طوابق وأكثر، بهدف تأجيرها خلال الصيف، بعد تزويدها بكل متطلبات المعيشة، كالثلاجة والأسرّة والتلفزيون، فضلاً عن المكيّفات الهوائية ولوازم المطبخ، لاستقطاب السياح والمصطافين. وتنتشر هذه المباني على سواحل تيبازة والشلف وعنابة وجيجل ومستغانم.
وأوضح محمد الطاهر دفوس، لـ"العربي الجديد"، بأنه يقوم بمثل هذا النشاط منذ سبع سنوات في مدينة سكيكدة الساحلية، وشجعه على ذلك ارتفاع الطلب على مثل هذه المساكن خلال الصيف، مشيراً إلى أنه غالباً ما يتعامل مع الجزائريين المغتربين القادمين من أوروبا لقضاء فصل الصيف، إذ يبدأون الحجز منذ فبراير/شباط، ما يدر عليه الكثير من الأموال.
ويبدو أن استئجار مثل هذه الشقق حلّ مناسب للأسر الكبيرة العدد بدل الإقامة في فندق بكلفة أعلى. كما توفر الراحة للمصطافين لاحتوائها على مختلف التجهيزات.
وكشف عبد السلام بوعروج لـ"العربي الجديد"، بأنه يستأجر خلال الصيف منزلاً لمدة شهر على شاطئ مدينة "الزيامة منصورية"، شرق العاصمة الجزائرية، ويقتسم كلفة الإيجار مع إخوته الثلاثة، على أن يقيم كل أخ مع أسرته لمدة أسبوع في البيت المستأجر للاستجمام والراحة، ما يعني أن المبلغ لا يكون عبئاً على شخص واحد.
"رب ضارة نافعة"، حكمة تنطبق على الواقع السياحي في الجزائر، حسب المحلل الاجتماعي عبد المجيد بهناس، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن الكثير من الأسر في الجزائر وجدت ضالتها في تأجير بيوتها أو جزء منها للمصطافين بهدف الكسب، وتدبر مدخول مالي إضافي يساعدها على مجابهة غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار الذي طاول المواد الأساسية.
وأشار إلى أن هذه الظاهرة لم تكن منتشرة قبل سنوات، والتي ردّها إلى التحول المجتمعي العميق في الجزائر، نتيجة تطورات الحياة وتغيّرات المطالب الأسرية. ورأى أن العائلات الجزائرية، رغم غلاء المعيشة، تحاول التكيّف واستغلال العطلة للراحة والاستجمام، وإن أسراً كثيرة تخصص ميزانية لقضاء عطلة مريحة في شقة على سواحل الجزائر، خصوصاً تلك التي تسكن المناطق الداخلية التي تفتقر للبحر والمدن الترفيهية.