أصدرت محكمة جزائرية، اليوم الأربعاء، حكماً بالسجن سنة، منها شهران نافذان في حق طبيبة مختصة في أمراض النساء والتوليد، وذلك على خلفية قضية وفاة امرأة حامل وجنينها.
وأعلن قاضي التحقيق لمحكمة "الجلفة" (جنوب الجزائر)، عن الحكم بستة أشهر حبساً، منها شهران نافذان في حق ثلاث قابلات، كما أصدر حكماً بالبراءة على أربعة متهمين في وفاة المرأة الحامل.
وتعود حيثيات القضية إلى بداية شهر أغسطس/آب الماضي، عقب وفاة امرأة حامل وجنينها في أحد مستشفيات ولاية الجلفة، جراء إهمالها من طرف الطاقم الطبي، وعدم استقبالها في ثلاثة مستشفيات بالولاية وهي على وشك الولادة.
وبقرار من المحكمة، تم إلقاء القبض على المشتبه في ضلوعهم في القضية وحبسهم على ذمة التحقيق، عقب الدعوى القضائية التي حركتها وزارة الصحة الجزائرية والمجلس الجزائري لحقوق الإنسان حول القضية.
وأثارت قضية وفاة المرأة الحامل وجنينها، غضب الجزائريين خصوصاً وأن هذا القطاع يعرف مشاكل كبيرة، وشهد العديد من الحوادث من بينها وفيات لنساء حوامل وغيرها من الحوادث المتصلة بمسألة توليد النساء.
وقبل الإعلان عن الحكم، رفعت العشرات من القابلات شعارات متصلة بظروف عملهن، أهمها " قابلات غاضبات" و"نحن قابلات لسنا قاتلات" علاوة على ربط أشرطة سوداء على أياديهن تعبيراً عن غضبهن للأوضاع التي يمارسن فيها المهنة، كما خرجن عبر مختلف ولايات الجزائر في احتجاجات لليوم الثاني، وطالبن بتحسين ظروف العمل وبخاصة الإمكانيات المادية والبشرية، وتوفير الأمن وحمايتهن من الاعتداءات خصوصاً في الفترة الليلية.
وكشفت رئيسة الاتحاد الوطني للقابلات الجزائرية، عقيلة قروش، عن تسجيل 16 حالة اعتداء يومياً على القابلات في المستشفيات الجزائرية بعد حادثة الجلفة، لافتة إلى أن هناك حملة شرسة ضدهن وتعرضهن للإهانة والسب من طرف المواطنين وأزواج النساء الحوامل.
ودعت قروش في تصريح صحافي بثته الإذاعة الجزائرية اليوم الأربعاء، السلطات المعنية وعلى رأسها وزارة الصحة إلى توفير "الحماية" للقابلات وتحسين شروط العمل وأداء مهمتهن خصوصاً في فترات الليل وخلال الإجازات الأسبوعية والعطل السنوية".
من جهتها، طالبت إحدى القابلات في تصريح لـ"العربي الجديد"، بضرورة فتح المجال أمام تحقيقات موسعة عبر مختلف مصالح أمراض النساء والولادات، حيث تتعرض العاملات والأطباء إلى شتى أنواع "الإهانة"، فيما تفتقر بعض المصالح لوسائل العلاج والتخدير، ما يثير مخاوف الطبيب المعالج من المجازفة بالأرواح" كما قالت المتحدثة.
ويشتكي المواطن من سوء استقبال المرضى في قسم الولادات، ففي الكثير من المرات يتم إهمال النساء الحوامل وعدم التكفل بهن بحجة انعدام وسائل العلاج، أو غياب الطبيب المعالج، أو عدم توفر سرير لتمكين المرأة على وشك الولادة من البقاء في مركز العلاج.
وأكد مواطنون في تصريحات متفرقة لـ "العربي الجديد"، أن الخلل يكمن في "حلقة التواصل بين الطبيب والمريضة"، فكل من يأتي بزوجته للولادة ينتظر أن يتم قبولها في المستشفى ولا تهمه تلك الظروف، بينما يعتقد البعض أن هذا القسم يحتاج إلى إعادة هيكلة ونظر من طرف المسؤولين، خصوصاً وأن العشرات من النساء يتوجهن للمصحات الخاصة للولادة ويدفعن ثمناً باهظاً هناك مخافة أي ضرر في المستشفيات الحكومية.
من جانبها، فتحت الوزارة تحقيقات واسعة على مستوى العديد من أقسام النساء والتوليد في المستشفيات الجزائرية، بهدف القيام بإصلاحات ومتابعات لسير هذه الأقسام التي تعتبر من أكثر الأقسام الطبية تضرراً في الجزائر.