قبيل يوم حاسم يُعد له الحراك الشعبي ضد ترشح الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة لولاية خامسة في الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 إبريل/ نيسان المقبل، ومع تصاعد التساؤلات حول صحة الرئيس الموجود في مستشفى في سويسرا منذ أكثر من 10 أيام، كان رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، يوجّه رسالة جديدة بأن المؤسسة العسكرية ستؤمن وصول بوتفليقة مجدداً إلى السلطة، عبر تعهده بحماية الاستحقاق الانتخابي الذي تطالب جهات متعددة بتأجيله وترفض ترشح الرئيس فيه. كلام المسؤول العسكري، الذي يبدو كتمهيد من الجيش لتصدّر المشهد في البلاد، يخالف التطورات مع تخلي أطراف فاعلة عن بوتفليقة، آخرها كان المنظمة الوطنية للمجاهدين، التي تضم محاربي ثورة التحرير، والتي أعلنت بوضوح وقوفها إلى جانب الحراك، بالتوازي مع مطالبة اتحاد المحامين الجزائريين برفض ترشح بوتفليقة نظراً لوجود موانع دستورية، حسب قوله. وتدعم موقف اتحاد المحامين بهذا الشأن مواقف مجمل أحزاب المعارضة، التي طالبت بتفعيل المادة 102 من الدستور التي تنص على نقل صلاحيات الرئيس إلى رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح لمدة 45 يوماً يليه إجراء انتخابات رئاسية مقبلة في غضون 90 يوماً. هذا الوضوح في المواقف الداخلية، يقابله تريث دولي في اتخاذ موقف حاسم، فالتعليقان الفرنسي والأميركي على الملف اقتصرا على تأكيد حق الجزائريين في تحديد مستقبلهم.
وشهدت شوارع الجزائر أمس هدوءاً، قبيل تظاهرات "يوم الكرامة"، غداً الجمعة، التي دعا إليها قادة الحراك الشعبي في رسالة أخيرة لبوتفليقة، فيما انتشرت أعداد كبيرة من أفراد الشرطة وسط العاصمة، صباح أمس، لا سيما في ساحة البريد المركزي وساحة أودان.
وبعيداً عن الشارع، بقي رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، محور الاهتمام، فبعدما وجّه رسالة، الثلاثاء، بدت كأنها مسعى لتثبيت النظام بقوله إن "الجيش سيبقى ممسكاً بزمام ومقاليد إرساء" الأمن والاستقرار، عاد في تصريحات نشرتها وزارة الدفاع، أمس، لإعلان التزام المؤسسة العسكرية "بتمكين شعبنا من ممارسة حقه وأداء واجبه الانتخابي في كنف الأمن والاستقرار"، في موقف يؤكد إصرار قائد الجيش على تأمين الاستحقاق الانتخابي الذي يُتوقع أن يوصل بوتفليقة مجدداً إلى السلطة في حال حصوله.
وقال قايد صالح، وفق بيان نشرته وزارة الدفاع أمس، إن الجيش "سيعرف كيف يكون في مستوى المسؤولية المطالب بها في كافة الظروف". وبعدما ذكّر بمخاطر تحيط بالبلاد، أوضح أن "إدراك الجيش الوطني الشعبي لكل ذلك، سيجعله في غاية الفطنة والتيقظ، وسيكون دوماً حارساً أميناً للمصلحة العليا للوطن وفقاً للدستور ولقوانين الجمهورية". وتابع أن الجيش "يعي جيداً التعقيدات الأمنية التي تعيشها بعض البلدان في محيطنا الجغرافي القريب والبعيد، ويدرك خبايا وأبعاد ما يجري حولنا، وما يمثله ذلك من أخطار وتهديدات على بلادنا التي تبقى دوماً مستهدفة من أعدائها، لأنها محسودة على نعمة الأمن التي يتمتع بها شعبها".
وتطرق إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة، قائلاً إن "الجزائر على أعتاب استحقاق وطني هام، والجميع يعلم أننا قد التزمنا في الجيش الوطني الشعبي، وكافة الأسلاك الأمنية الأخرى، كل الالتزام، بأن نوفر له وللجزائر كل الظروف الآمنة". وأضاف أن ذلك "يكفل تمكين شعبنا من ممارسة حقه وأداء واجبه الانتخابي في كنف الأمن والسكينة والاستقرار، وتلك مسؤولية وطنية جسيمة لا بد أن يتحملها الجميع".
اقــرأ أيضاً
لكن مواقف قائد الجيش الغامضة، دفعت أكثر من طرف سياسي وفاعل في الجزائر إلى توجيه رسائل له. وفي السياق، اتهم القائد البارز في ثورة تحرير الجزائر، لخضر بورقعة، قايد صالح بالوقوف ضد خيار الشعب، وطالبه برفع يده والاستجابة للحراك الشعبي.
كما نشر رئيس حركة "مجتمع السلم"، (إخوان الجزائر)، عبد الرزاق مقري، رسالة توجّه بها إلى قايد صالح عبر صفحته على "فيسبوك"، قائلاً له إن "المتابعين لخطابك (الثلاثاء)، اختلفوا هل هو منحاز للشعب أم تهديد له"، مضيفاً "مهما يكن قصدك، فإن الذي يجب أن تعلمه هو أن الخطر الوحيد على النظام العام وعلى استقرار البلد هو النظام السياسي، سواء الذي أنت جزء منه وتقوم الآن بحمايته، أو الذي تحاربه وتوجه له رسائلك بأساليبك غير المباشرة".
في غضون ذلك، يتواصل تخلي جهات فاعلة في المشهد الجزائري عن بوتفليقة. ووجّهت المنظمة الوطنية للمجاهدين، إحدى أكبر المنظمات والمرجعيات الثورية في البلاد، ضربة قاسية إلى محيط الرئيس، بوقوفها إلى جانب الحراك الشعبي "الذي يعبّر بوضوح عن آمال وتطلعات الشعب الجزائري"، بحسب بيان غير مسبوق لها. ووجّهت المنظمة انتقادات حادة لسياسات بوتفليقة، معتبرة أن سياساته المترتبة عن الانطلاقة الخاطئة بعد عام 1999 "بعثت اليأس في نفوس شريحة الشباب التي حُرمت من حقها في فرص عمل تفتح الآفاق أمامها". واعتبرت المنظمة أن مجمل الظروف التي ألمّت بالمشروع الوطني "هي التي أملت على المجتمع الجزائري بشرائحه المختلفة واجب الخروج إلى الشارع والمطالبة بتجسيد الشعارات التي رددوها باعتبارها ترجمة حقيقية لإرادته". وتأتي أهمية موقف منظمة المجاهدين من كونها مرجعية رئيسية في البلاد وتتمتع مواقفها بالاحترام والتأثير السياسي البالغ.
في السياق نفسه، دعا اتحاد المحامين الجزائريين المجلس الدستوري إلى عدم قبول ترشح الرئيس بسبب وضعه الصحي ووجود موانع دستورية ضد ترشحه. ولفت الاتحاد في بيان، إلى أن ترشح بوتفليقة يخالف نص المادة 102 من الدستور والمادة 28 من النظام الداخلي للمجلس الدستوري التي تنص بشكل صريح على حضور المرشح شخصياً أمام المجلس الدستوري لإعلان ترشحه، بينما فوّض بوتفليقة مدير حملته عبد الغني زعلان لإيداع ملفه، الأحد الماضي. وطالب الاتحاد بتأجيل الانتخابات الرئاسية "وتأسيس مرحلة انتقالية لا تتجاوز سنة واحدة، تشرف عليها حكومة توافقية محايدة ذات صلاحيات تنفيذية كاملة، من أجل تنظيم انتخابات نزيهة". كما أعلن مقاطعة الجلسات القضائية لمدة أربعة أيام، في كل محاكم البلاد، اعتباراً من الإثنين المقبل.
أمام هذا الواقع، لا تزال المواقف الدولية غير حاسمة. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أمس، إن بلاده تتابع عن كثب الاحتجاجات في الجزائر، لكن الأمر يرجع للجزائريين في تحديد مستقبلهم. وأضاف لودريان مخاطباً المشرعين: "علينا أن ندع العملية الانتخابية تتقدم، وفرنسا تتابع الأمر باهتمام، نظراً للروابط التاريخية بيننا". وشدد على أن "الاستقرار والأمن والتنمية في الجزائر أمور ضرورية للغاية"، داعياً المحتجين إلى الحفاظ على سلمية التظاهرات. وكانت الخارجية الأميركية قد شددت، الثلاثاء، على "دعم حق الشعب الجزائري في التظاهر السلمي".
اقــرأ أيضاً
وبعيداً عن الشارع، بقي رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، محور الاهتمام، فبعدما وجّه رسالة، الثلاثاء، بدت كأنها مسعى لتثبيت النظام بقوله إن "الجيش سيبقى ممسكاً بزمام ومقاليد إرساء" الأمن والاستقرار، عاد في تصريحات نشرتها وزارة الدفاع، أمس، لإعلان التزام المؤسسة العسكرية "بتمكين شعبنا من ممارسة حقه وأداء واجبه الانتخابي في كنف الأمن والاستقرار"، في موقف يؤكد إصرار قائد الجيش على تأمين الاستحقاق الانتخابي الذي يُتوقع أن يوصل بوتفليقة مجدداً إلى السلطة في حال حصوله.
وقال قايد صالح، وفق بيان نشرته وزارة الدفاع أمس، إن الجيش "سيعرف كيف يكون في مستوى المسؤولية المطالب بها في كافة الظروف". وبعدما ذكّر بمخاطر تحيط بالبلاد، أوضح أن "إدراك الجيش الوطني الشعبي لكل ذلك، سيجعله في غاية الفطنة والتيقظ، وسيكون دوماً حارساً أميناً للمصلحة العليا للوطن وفقاً للدستور ولقوانين الجمهورية". وتابع أن الجيش "يعي جيداً التعقيدات الأمنية التي تعيشها بعض البلدان في محيطنا الجغرافي القريب والبعيد، ويدرك خبايا وأبعاد ما يجري حولنا، وما يمثله ذلك من أخطار وتهديدات على بلادنا التي تبقى دوماً مستهدفة من أعدائها، لأنها محسودة على نعمة الأمن التي يتمتع بها شعبها".
وتطرق إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة، قائلاً إن "الجزائر على أعتاب استحقاق وطني هام، والجميع يعلم أننا قد التزمنا في الجيش الوطني الشعبي، وكافة الأسلاك الأمنية الأخرى، كل الالتزام، بأن نوفر له وللجزائر كل الظروف الآمنة". وأضاف أن ذلك "يكفل تمكين شعبنا من ممارسة حقه وأداء واجبه الانتخابي في كنف الأمن والسكينة والاستقرار، وتلك مسؤولية وطنية جسيمة لا بد أن يتحملها الجميع".
لكن مواقف قائد الجيش الغامضة، دفعت أكثر من طرف سياسي وفاعل في الجزائر إلى توجيه رسائل له. وفي السياق، اتهم القائد البارز في ثورة تحرير الجزائر، لخضر بورقعة، قايد صالح بالوقوف ضد خيار الشعب، وطالبه برفع يده والاستجابة للحراك الشعبي.
كما نشر رئيس حركة "مجتمع السلم"، (إخوان الجزائر)، عبد الرزاق مقري، رسالة توجّه بها إلى قايد صالح عبر صفحته على "فيسبوك"، قائلاً له إن "المتابعين لخطابك (الثلاثاء)، اختلفوا هل هو منحاز للشعب أم تهديد له"، مضيفاً "مهما يكن قصدك، فإن الذي يجب أن تعلمه هو أن الخطر الوحيد على النظام العام وعلى استقرار البلد هو النظام السياسي، سواء الذي أنت جزء منه وتقوم الآن بحمايته، أو الذي تحاربه وتوجه له رسائلك بأساليبك غير المباشرة".
في غضون ذلك، يتواصل تخلي جهات فاعلة في المشهد الجزائري عن بوتفليقة. ووجّهت المنظمة الوطنية للمجاهدين، إحدى أكبر المنظمات والمرجعيات الثورية في البلاد، ضربة قاسية إلى محيط الرئيس، بوقوفها إلى جانب الحراك الشعبي "الذي يعبّر بوضوح عن آمال وتطلعات الشعب الجزائري"، بحسب بيان غير مسبوق لها. ووجّهت المنظمة انتقادات حادة لسياسات بوتفليقة، معتبرة أن سياساته المترتبة عن الانطلاقة الخاطئة بعد عام 1999 "بعثت اليأس في نفوس شريحة الشباب التي حُرمت من حقها في فرص عمل تفتح الآفاق أمامها". واعتبرت المنظمة أن مجمل الظروف التي ألمّت بالمشروع الوطني "هي التي أملت على المجتمع الجزائري بشرائحه المختلفة واجب الخروج إلى الشارع والمطالبة بتجسيد الشعارات التي رددوها باعتبارها ترجمة حقيقية لإرادته". وتأتي أهمية موقف منظمة المجاهدين من كونها مرجعية رئيسية في البلاد وتتمتع مواقفها بالاحترام والتأثير السياسي البالغ.
أمام هذا الواقع، لا تزال المواقف الدولية غير حاسمة. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أمس، إن بلاده تتابع عن كثب الاحتجاجات في الجزائر، لكن الأمر يرجع للجزائريين في تحديد مستقبلهم. وأضاف لودريان مخاطباً المشرعين: "علينا أن ندع العملية الانتخابية تتقدم، وفرنسا تتابع الأمر باهتمام، نظراً للروابط التاريخية بيننا". وشدد على أن "الاستقرار والأمن والتنمية في الجزائر أمور ضرورية للغاية"، داعياً المحتجين إلى الحفاظ على سلمية التظاهرات. وكانت الخارجية الأميركية قد شددت، الثلاثاء، على "دعم حق الشعب الجزائري في التظاهر السلمي".