الجزائر: أزمة التمرد داخل أحزاب بوتفليقة تنتقل إلى المساءلات وأروقة القضاء

21 مارس 2019
يحاول بوشارب احتواء محاولات التمرد عليه (العربي الجديد)
+ الخط -
دخلت الأحزاب السياسية الموالية للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، مرحلة الأزمات التنظيمية والصراع الداخلي والتمرد على القيادات الحالية، التي انتقلت إلى أروقة المحاكم الإدارية.

ورفع 30 عضواً قيادياً في "جبهة التحرير الوطني" دعوى قضائية أمام مجلس الدولة، الذي يمثل أعلى هيئة للقضاء الإداري، ضد المنسق العام للحزب معاذ بوشارب، لإبطال شرعية شغله للمنصب الحالي في الحزب، وحلّ هيئة التنسيق العليا التي أنشأها منذ تعيينه في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بشكل غامض، خلفاً للأمين العام السابق جمال ولد عباس.

وأوضح رشيد عساس عضو كتلة القيادات المتمردة على بوشارب، لـ"العربي الجديد"، أن 30 عضواً بينهم وزراء سابقون، وقّعوا لائحة موجهة إلى مجلس الدولة، لإبطال هيئة التنسيق التي يقودها بوشارب، وإعادة الشرعية إلى اللجنة المركزية، التي ستجتمع لتعيين أمين عام شرعي للحزب.

في السياق، نشر عساس توضيحات أفاد فيها بأن المجموعة التي قامت عام 2015، برفع دعوى قضائية لدى مجلس الدولة لإبطال شرعية المؤتمر العاشر وشرعية القيادة المنبثقة عنه، وبينهم معاذ بوشارب، وبعد تأكيد قرار مجلس الدولة الصادر في ديسمبر من العام ذاته، شرعية المؤتمر وشرعية اللجنة المركزية، وإخفاقهم في إسقاط القيادة الوطنية المنبثقة عن المؤتمر العاشر، تمكنوا أخيراً من الاستيلاء على مقاليد الحزب، واختطفوه عنوةً، خلافاً لقوانين الحزب، مضيفاً "من أجل كل هذا سنعود إلى مجلس الدولة".

وكان عساس يشير إلى قرار غامض صدر من الرئاسة الجزائرية في نوفمبر الماضي، يقضي بحل المكتب السياسي وإقالة الأمين العام جمال ولد عباس، وتعيين معاذ بوشارب منسّقاً عاماً للحزب، دون احترام قوانين الحزب.

وقبل يومين، تعهد بوشارب بتنظيم مؤتمر عام لانتخاب قيادة جديدة، وقام بقرارٍ استباقي بتوسيع الهيئة القيادية الحالية للحزب من خمسة إلى 22 شخصاً، لاحتواء محاولات التمرد عليه من القيادات وكوادر الحزب.

وأمس الأربعاء، شهد اجتماع لقيادة الحزب برئاسة المنسق العام معاذ بوشارب، وهو رئيس البرلمان في الوقت ذاته، مشادّات عنيفة بين القيادات ومناوشات كلامية حادّة.

إلى ذلك، لم يسلم الأمين العام لحزب "التجمع الوطني الديمقراطي" ورئيس الحكومة المقال أحمد أويحىي من حالة التمرد عليه، بعد 20 سنة من إدارته للحزب، أي منذ عام 1999.

ووقع 20 عضواً من أبرز قيادات الحزب بياناً، طالبوا فيه أويحيى بالتنحي من منصبه وتقديم استقالته وتحرير الحزب، معتبرين أن الأخير "صار عبئاً ثقيلاً على الحزب، بسبب سياسته الانفرادية وغير المسؤولة، التي تخدم قوىً غير دستورية".

ويعدّ أويحيى من بين أبرز الشخصيات ورموز السلطة في الجزائر، التي تعرضت للمحاكمة الشعبية والانتقادات خلال التظاهرات في الحراك الشعبي منذ 22 يناير الماضي، وخاصة على خلفية تصريحاته المستفزة للمتظاهرين في 26 فبراير، حين شبّه التظاهرات في الجزائر بمسار الثورة السورية.

واستند بيان الكوادر المتمردة إلى الاعتراف الصادم والمثير، الذي أعلنه المتحدث الرسمي باسم "التجمع الوطني الديمقراطي" صديق شهاب، أمس الأول الثلاثاء، الذي قال فيه إن "ترشيح الرئيس بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة كان مغامرة وفقدان بصيرة"، وإن "قوى غير دستورية كانت تدير البلاد". وأوضح بيان القيادات الـ20 أن "ذلك يكفي ليصبح من الضروري، لا مطالبة أويحيى بالتنحي فحسب، بل أيضاً المطالبة بالمساءلة".

وهذه هي المرة الثانية التي يتعرض فيها أويحيى إلى التمرد، بعد تلك التي تعرض لها عام 2013، حين طرده المناضلون من قيادة الحزب في اجتماع مجلسه الوطني، قبل أن يعود إلى منصبه عام 2015.

وفي هذا الإطار، قال المحلل السياسي احسن خلاص لـ"العربي الجديد"، إن "حالة التمرد داخل أحزاب السلطة محصلة طبيعية لمخرجات الحراك الشعبي، لكن تمرد بعض القيادات على بوشارب في جبهة التحرير، وأويحيى في التجمع، لا يعفيها من المسؤولية السياسية عن الوضع السياسي الذي آلت إليه البلاد، لكونها كانت تدعم سياسات الرئيس بوتفليقة أيضاً".

المساهمون