الجزائر... أطفال 1962 يتذكرون يوم الاستقلال

05 يوليو 2018
أطفال يوم استقلال الجزائر باتوا كهولاً (رياض كرامدي/فرانس برس)
+ الخط -



كانوا صغارا في اليوم الذي أشرقت فيه شمس الحرية على الجزائر، ميلود وعبد القادر ووهيبة، كانوا أطفالا كتب لهم القدر أن يعيشوا ظلم الاستعمار وعنفوان الثورة، وفرحة الاستقلال يوم الخامس من يوليو/تموز 1962.

لا يزال العم عمر ميلود سويهر يتذكر الكثير من التفاصيل التي تداخلت فيها فرحة الاستقلال بالحزن على الشهداء، يقول الرجل الذي يدير الآن دارا للنشر: "في الخامس من يوليو 1962، كان عمري ست سنوات، وأتذكر التجمع الكبير الذي أقيم في قريتنا عين تاسة ببلدية رأس اليون في ولاية باتنة، وحضره سكان القرى المجاورة من أجل الاحتفال الجماعي بالاستقلال. لم أكن أعي كل التفاصيل لكني أذكر أنه كان يوما رائعا".

ويضيف: "شهدت كيف كان الشعب يعانق جنود جيش التحرير الذين نزلوا من الجبال، والذين كانوا يحيون المواطنين ويداعبون الأطفال. ما زال بعضهم أحياء، وأعرفهم بالاسم كالمجاهد لعناني ميلود، وعزيز مسعود، وسويهر ميلود بن عمر، وغيرهم".

ويتابع: "كان الجميع يحملون الراية الوطنية، وينشدون الأناشيد الوطنية. أذكر أن بعض المسؤولين السياسيين في المنطقة شاركوا المواطنين فرحتهم، وأذكر منهم بن منصور سعد، ولعناني مصباح، الذي توفي مؤخرا عن عمر يناهز 105 سنوات، وبن عيّاش زيدان".

وفي غمرة الاحتفالات بالاستقلال لم ينس الجزائريون الشهداء. يتذكر ميلود سويهر أنه "جرى بعد الاحتفال بالاستقلال بأيّام قليلة، أن أعدّت قريتنا مقبرة لكلّ شهداء المنطقة، ونقلت جثامينهم من الجبال والقبور المتناثرة إليها، ومنذ ذلك الحين يقوم المسؤولون في كلّ سنة بزيارة مقبرة الشهداء لقراءة الفاتحة على أرواحهم. المجد والخلود لشهدائنا الأبرار".

العم عبد القادر حريشان يتذكر يوم استقلال الجزائر (فيسبوك) 


في مدينة بوقادير غربي الجزائر، كان الطفل عبد القادر حريشان يركض ككثير من أقرانه للحاق بإحدى الشاحنات المكتظة بأناس يحملون الراية الوطنية احتفالا بالاستقلال، ويروي حريشان الذي عمل صحافيا قبل التقاعد: "في يوم الخامس من يوليو 1962، شاهدت عرس الحرية، وكنت أركض في الشوارع وأنا أكاد أطير من الفرح، كان عرسا ضخما، وكنا نركب الشاحنات التي تحملنا إلى أماكن الاحتفالات في مدينة الشلف، بالمجان، لا أذكر أننا نمنا في تلك الأيام بسبب فرحة الاستقلال".


في وسط العاصمة الجزائرية، كان عمر بلعيدي قد أنهى سنته الدراسية الثانية في المدرسة، وكان أطفال أحياء العاصمة أكثر حظا مقارنة مع أطفال القرى والبوادي. يحكي العم عمر الذي تقاعد قبل سنوات من شركة الكهرباء: "لم تتوقف الزغاريد، وتدفق الناس إلى الشوارع من حي المدنية إلى بلكور إلى وسط العاصمة، شاحنات وسيارات ودراجات، كل شيء كان قابلا للركوب في ذلك اليوم".




ويضيف: "بحكم العمر وظروف الثورة لم تكن عائلتي تسمح لي بالذهاب إلى قلب العاصمة سابقا، لكن في الخامس من يوليو 1962، وجدت نفسي في وسط العاصمة مع أصدقائي وأبناء الحي، كان الجميع يرقص ويغني، والأعلام الجزائرية خفاقة، وكانت أغلب المحال مقفلة، لكن بعض النسوة كن يوزعن الحلوى، فأخذنا نصيبنا من الفرح، وعدنا مشيا على أقدامنا إلى البيت".

بعد 56 سنة من ذلك اليوم المجيد، يجدد الجزائريون الذكرى والذاكرة، ويعاودون تلمس حالة العنفوان الثوري، والاعتزاز بمجد الاستقلال الذي تحقق بعد سبع سنوات ونصف من النضال الثوري.

يوم استقلال الجزائر (أرشيف Getty) 
المساهمون