القول إن مرضاً غير كورونا يتفشى في مخيم واشوكاني في الحسكة قد يبدو غريباً في الوقت الحالي. لكن المخيم يشهد انتشاراً لمرض الجرب الجلدي، الأمر الذي دفع النازحين إلى مطالبة المنظمات الدولية بالتدخل
يعيش نازحو مخيّم واشوكاني، الواقع قرب بلدة توينه عند المدخل الغربي لمدينة الحسكة شمال غرب سورية، مخاوف جديدة من جرّاء إصابة العشرات منهم بالجرب (مرض طفيلي في الجلد، يظهر على شكل آفات جلدية في الأسطح الأمامية للمعصمين والمرفقين والإبط والفخذين والأعضاء التناسلية، مع وجود حكة شديدة، وتسببه سوسة الدودة الدبوسية، ويكثر انتشاره في الأماكن المزدحمة)، نتيجة لتردي الواقع الخدماتي، وضعف الإمكانيات المتاحة لدى إدارة المخيم. كما يحتاج القطاع الصحي إلى الدعم والتوسعة لاستيعاب النازحين المقيمين فيه، والذين يتشاركون المراحيض والمرافق الخدماتية الأخرى، ما يجعلهم عرضة للإصابة بالأمراض ونقل العدوى.
وتقول العاملة في الهلال الأحمر الكردي في المخيم جيهان عامر، إنّ العشرات من نازحي المخيم أصيبوا بالجرب وحصلوا على الأدوية اللازمة للعلاج وتعافى بعضهم، مطالبة النازحين بالعناية بأنفسهم والاهتمام بالنظافة الشخصية للحد من انتشار الجرب، والالتزام بإجراءات الوقاية من كورونا.
وفي المخيّم نقطة طبية وحيدة يشرف عليها الهلال الأحمر الكردي، تتولى علاج المرضى بحسب الإمكانيات المتاحة لديها، وتضم عدداً من العيادات الطبية. ويقول مصدر مطلع لـ "العربي الجديد" إن الواقع في المخيم صعب بالنسبة للنازحين، لا سيما وأن العائلات تتشارك المرافق الصحية من مراحيض وغيرها، كما أن وسائل النظافة لديهم محدودة جداً. كما تتشارك العائلات الأغراض الشخصية نظراً لضعف إمكانياتها وبالتالي عدم قدرتها على شراء مستلزماتها الخاصة. يضيف أن أفراد العائلة يستخدمون المناشف نفسها وليست لديهم معقمات أو أية وسائل للوقاية من الجرب، حتى أن بعضاً ممن أصيبوا بالمرض اكتشفوا الأمر بعد تطوره.
ويتحدّث المصدر عن تقصير المنظمات العاملة في المنطقة، وتحديداً بحق نازحي مخيم واشوكاني، علماً أنهم في حاجة ماسة إلى أكثر من مركز صحي يوفر لهم الأدوية والرعاية الصحية، باعتبار أن مركزاً واحداً لا يعد كافياً في ظل ما يعيشه نازحو المخيم من أوضاع صعبة نتيجة تفشي الجرب وارتفاع درجات الحرارة. ويوضح أنّ أهالي المخيم يستخدمون مراحيض مشتركة ومطابخ مشتركة، ما يؤدي إلى سهولة تفشي الأمراض وانتقالها بين الناس.
فاطمة نازحة تقيم مع أطفالها في مخيم واشوكاني وتشكو الخدمات السيئة في المخيم. وتقول لـ "العربي الجديد": "الصرف الصحي الموجود في المخيم متهالك وتتسرب منه المياه إلى الممرات الضيقة بين الخيام. تضيف: "تنتشر الروائح الكريهة والحشرات بشكل كبير"، لافتة إلى أن الذباب والبعوض تغزو المكان والروائح لا تحتمل". تضيف أنّ المراحيض المشتركة تحتاج إلى صيانة. والنازحون في المخيم يحتاجون إلى معقمات وغيرها من وسائل النظافة لحماية أنفسهم من الأمراض، لا سيما الجرب الذي بات يقلق جميع نازحي المخيم في الوقت الحالي بسبب سرعة انتقال العدوى في ما بينهم في ظل غياب شروط السلامة العامة والوقاية.
وبحسب الهلال الأحمر الكردي، فإنّ عدد المصابين بالجرب تجاوز 72 شخصاً خلال أقل من شهر، لافتاً إلى أن أعداد المصابين أكبر من الأرقام المتوفرة لديهم. ويُناشد نازحو المخيم الإدارة الذاتية الكردية تأمين مواد التنظيف وتلك الخاصة بالنظافة الشخصية والمعقمات، علماً أن الأهالي محرومون من هذه المواد منذ أشهر. كما ناشدوا الإدارة الذاتية الكردية العمل على إصلاح شبكات الصرف الصحي وإنشاء دورات مياه منفصلة، إذ إن دورات المياه المشتركة تعدّ سبباً أساسياً في تفشي الجرب.
إلى ذلك، يوضح مصدر طبي رفض الكشف عن اسمه لـ "العربي الجديد" أن المخيمات أنشئت على مساحات جغرافية ضيقة إلا أنها تعاني من الكثافة السكانية، ولا تتوفر فيها شروط السلامة. ويعد واشوكاني من المخيمات المكتظة، ويشكل الأطفال فيه النسبة الأكبر من النازحين. يضيف أنه يصعب ضبط هذه الفئة أو إلزامها بشروط النظافة. بالتالي، هم عرضة للإصابة بالجرب ونقل العدوى.
ويوضح المصدر أنه في المخيمات المنظمة، يوجد نظام صحي وجهة تُشرف على تطبيقه بحسب الأعمار، الأمر الذي يحمي من تفشي الأمراض المعدية، خصوصاً تلك الجلدية، إضافة إلى الأمراض الأخرى المنتشرة في الوقت الحالي، على غرار كورونا. وكونه متخصصاً في الأمراض الجلدية، ينصح النازحين داخل المخيم بالاهتمام بالنظافة الشخصية قدر المستطاع من خلال غسل اليدين والابتعاد عن الاحتكاك بالمصابين بالجرب في المخيم، وعدم استعمال ملابس أو مناشف الآخرين وأدواتهم الشخصية، كونها تساهم في نقل العدوى بين الأشخاص. ويطالب الجهات المختصة وإدارة المخيم بالعمل على توفير المراهم والأدوية اللازمة للحد من تفشي الجرب داخل المخيم، وإلا "فإننا سنكون أمام مشكلة حقيقية".
ويضمّ المخيم 1700 خيمة تؤوي 1832عائلة، ويبلغ عدد أفراده 12 ألفاً. ويفتقر إلى دعم المنظمات الأممية على الرغم من مناشدات إدارة المخيم ضرورة التدخل لمساعدة النازحين في مختلف القطاعات، من بينها القطاع الصحي.
يشار إلى أن المخيّم أنشئ في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، لاستقبال النازحين من منطقة رأس العين في الريف الشمالي الغربي لمحافظة الحسكة.