تحججت أوروبا في سنوات ماضية بما سمته "تدفق اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين" لتشريع مجموعة من القوانين المتشددة، التي طاولت مناطق محددة، وخصوصا بلدان حوض المتوسط وأفريقيا، ثم توسع فهمها لذاتها مستثنى منه دول ككوسوفا وألبانيا وبعض دول القوقاز، من حيث استقبال اليد العاملة منها أو اللاجئين الهاربين من ظروف صعبة في بلدانهم.
الخطاب اليميني المتشدد يجد تربته الخصبة في حملة التهويل التي تطاول اللاجئين وما يسمونه "تدفقا". فالدول الأكثر ثراء في القارة تصرخ بسبب بضعة آلاف، ومنها بضع مئات، من هؤلاء اللاجئين، بينما دول جوار لمناطق النزاع بموارد شحيحة تستقبل عشرات أضعاف ما استقبلته كل القارة على مدى السنوات الخمس الأخيرة.
انسياق يمين الوسط والمحافظين خلف الخطاب المتشدد قوميا جعل فكرة إعادة الحدود بين بعض الدول في داخل الاتحاد طرحا مقبولا ، ويمكن أن يمرر في استفتاءات شعبية، هذا بالرغم من تعالي الأصوات عن انخفاض المواليد والحاجة الماسة لليد العاملة خلال عقود قليلة قادمة.
تلك العقلية دفعت أيضا إلى أن تذهب هنغاريا/المجر لبناء جدار منذ شهر يوليو/تموز الماضي بعد أن كانت بلغاريا قد شرعت أيضا في بناء جدار مع حدودها اليونانية. هنغاريا تبني مع صربيا، التي لا يراها النادي الأوروبي كجزء منه، لوقف تدفق اللاجئين منها ومن البلدان القريبة منها في مقدونيا وكوسوفو، وغيرهما.
ومثل تلك الجدران نسمع عن خطط عسكرية في المتوسط لملاحقة مهربي البشر، وما يسمى توزيع اللاجئين بواقع هزيل لبضعة آلاف.
أوروبا بسياساتها تلك كأنما تقول لمن حاول استلهام تعدديتها، وهي المصرة على النظرة لذاتها الفوقية، إنّ مشاريع القلاع هي الأفضل وليس كل صداع الانفتاح وحرية حركة اليد الماهرة أو استقبال وتقديم حماية مؤقتة لهؤلاء المحتاجين من حولها.